العدد 4632 - الأربعاء 13 مايو 2015م الموافق 24 رجب 1436هـ

الشيخ علي العوضي في ذمة الله... وعائلته تودع «الحكيم والحاضنة»

بثغر ظل باسماً... «شيخ العوضية» يسلم الروح بعد 87 عاماً من الكفاح والعصامية

«الأجل ليس بالمرض، بل بما هو مكتوب من رب العالمين»، بهذه العبارة اختار عميد عائلة العوضي الفقيد الشيخ علي أحمد العوضي، إسدال الستار على عقوده التسعة، والتي قضاها متنقلاً بين تفقه وتجارة، وبين تزاور وفعل للخيرات.

وعصر أمس الأربعاء (13 مايو/ أيار 2015)، كانت حشود المعزين التي ظلت تترى من كل حدب وصوب وشملت وزراء ونواب ورجال دين ورجال أعمال وعوام الناس، قاصدة جميعها مقبرة المنامة لوداع العوضي بموكب غشيته السكينة، حتى حط رحاله حيث المثوى الأخير للفقيد.

ويمتلك العوضي، سيرة متخمة بالبصمات والإنجازات، طالت جميع أركان حياته،

بما في ذلك الشخصية والعائلية والمهنية والاجتماعية.

«الوسط»، كانت حاضرة بين حشود المعزين، والتقت بنجل الفقيد، عبدالمجيد العوضي، والذي تحدث عن جملة عناوين، تحملها السطور التالية:

حين يذكر الفقيد الشيخ علي العوضي، تذكر عناوين كثيرة، فلنبدأ من العنوان الأسري.

- امتاز الفقيد بأبوية منقطعة النظير، لم تقتصر على أبنائه، بل طالت جميع

أفراد عائلة العوضي على امتدادها في مختلف دول الخليج العربي، في السعودية والكويت وقطر والإمارات، وكان مقصداً لأهل المنطقة من مشارب عدة.

كما احتفظ الوالد بعلاقة من نوع خاص جداً مع الأطفال، كان عاشقاً لهم في سلوك يكشف كمية الحنان التي يختزنها قلبه، وحين أعود بالذاكرة لفترة الطفولة، فإنني أتذكر أن الوالد كان حريصاً على فتح غرفة الضيوف لاستقبال أطفال المنطقة، وكنا نتسمر لمشاهدة التلفاز وهو جالس في وسطنا.

والحديث بهذا الخصوص يجرنا للإشارة إلى حبه الكبير للناس، ففي آخر أيام حياته كان يقول لي (أجلسني على كرسي متحرك، فأنا أريد رؤية الناس)، حتى يمكننا القول إن العزلة كانت عدوه اللدود، ويشهد على ذلك حرصه على التواصل والتزاور في الأفراح والأتراح، ولم يحل بينه وبين الناس إلا الموت.

بجانب ذلك، كان لافتاً قدرته على مصادقة ومجالسة من يصغره بأربعين عاما، دون أن يظهر أي أثر للفارق العمري الكبير.

نعلم بمشاغل الفقيد الكثيرة في الجانب المهني، فمن أين له القدرة على موازنة ذلك بمنح الجانب الاجتماعي حقه دون تفريط؟

- امتدت الحياة العملية للفقيد من الأربعينيات حتى التسعينيات، وكان مشغولاً بتفاصيل ذلك، لكنه كان حريصا على التواصل مع التجار والناس في يومي السبت والجمعة، بحيث كان يخصص يوم للالتقاء بالجميع، وفي كل عام كان

يقصد أبناء العائلة في مختلف دول الخليج.

وكانت له فلسفته الخاصة في ذلك، حيث كان يعتبر أن حب الناس هو رأس ماله الحقيقي، وأن ذلك هو سبب نجاحه في العمل والتجارة. وبموازاة ذلك، كان الوالد محباً لفعل الخير.

ابتسامة الفقيد، شكلت أحد العلامات البارزة له، حتى ظلت قرينة له طوال حياته، فما هو السر في ذلك؟

- كان محباً للحياة، وامتاز بحس وطني رفيع تجلى في زيارته لجميع مناطق البحرين دون أي استثناء، ومجلسه الأسبوعي ظل مفتوحاً على مدار العام، وكان محلاً لتواجد الناس من مختلف التوجهات.

وبالنسبة لمسألة التبسم، فقد كانت خصلة ثابتة لدى الوالد، رغم مشاكل الحياة ومشاكل التجارة، إلا أنه كان يردد شعاره التالي (إذا تعاملت مع أحد ونفعني سأبتسم لأنني تحصلت على خير بسببه، وإن لم ينفعني سأحصل على أجر وثواب، ولهذا سأبتسم أيضا).

يتحدث القريبون من الفقيد عن امتلاكه للكثير من الحكمة، ما خوله العمل على حل الكثير من المشاكل، حدثنا عن تفاصيل ذلك؟

- حكمته كان أساسها حب الناس، أما حل المشاكل، فإنني لاأزال أتذكر استقباله للكثير من الأشخاص ممن أراهم للوهلة الأولى، من خارج نطاق عائلتنا، وكانوا يقصدونه لحل مشاكلهم العائلية والحياتية، والقصص الخاصة بذلك ستجدها منتشرة حتى الآن على لسان الكثيرين، والذين يؤكدون أن الفقيد كان يستثمر ابتسامته من أجل تخفيف حدة الاختلاف بين طرفي المشكلة، وصولاً لحلها.

وماذا عن أيادي الفقيد البيضاء؟

- الوالد هو أحد مؤسسي الجمعية الخيرية في البحرين، وكان يدعو التجار باستمرار لإخراج الزكاة، وهو يقول لهم (هذه الزكاة ليست لنا، بل للناس)، وبسبب ذلك كان للوالد تواصل مع عدد من الجمعيات الخيرية، بما في ذلك منظمة الدعوة الافريقية التي زار بالتنسيق معها دولاً إفريقية، من أجل حفر آبار وإنشاء مدارس ومصحات.

إذا انتقلنا للحديث عن الدور الاقتصادي والتجاري للفقيد، فكيف هي التفاصيل؟

- كان له دور كبير في المجال الصحي، تحديداً عبر مد الأجهزة والمعدات الطبية والأدوية وأجهزة العمليات منذ العام 1945، وكان حريصاً على استقدام كل ما تحتاجه البحرين في القطاع الصحي، بما في ذلك الأدوية عالية الجودة، وتمكن من توسعة تجارته، ومؤخراً ساهم في بناء مستشفى السلام الذي سيفتتح في مارس/ آذار 2016.

عطفاُ على كل هذه السيرة الثرية، أنتم مطالبون بتوثيقها وحفظها، فهل لديكم مشروع خاص بذلك؟

- سنعمل على توثيق حياة الفقيد بدءاً من دراسته في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ومن ثم عودته للبحرين، وعشقه للعمل اليدوي.

فالوالد بدأ حياته من الصفر، وكان كل همه منصباً على العمل في التجارة، وبسبب ذلك زهد في كثير من الوظائف التي عرضت عليه.

وبجانب ذلك، فإن الوالد يعتبر مؤسسا لجميع البنوك التي بدأت من الخمسينيات، ومن ثم مؤسسات التأمين.

وما هي أبرز القيم التي يمكن للجيل الحالي استلهامها من حياة الفقيد؟

- كان دائماً يقول أنا بدأت بفكرة تتكئ على الكلمات التالية (إربح قليلاً تربح كثيراً)، وظل متمسكاً بذلك طوال حياته، وهي نصيحة ذهبية يقدمها الوالد للجميع.

وأثنى عدد من الشخصيات على البصمات التي حفرها الفقيد الشيخ علي العوضي

في مواقع شتى، ففي الموقع الطبي تحدث الاستشاري جاسم المهزع الذي كان قريباً من عائلة الفقيد، مبيناً أن «الفقيد كان من الرواد في قطاع الصيدلة وتجارة المعدات الطبية، فكان يأخذ الكثير من الوكالات الدوائية والاجهزة الطبية لنقلها لمملكة البحرين وكان حريصا على أن الأدوية وخاصة الحيوية، متوفرة بحيث أن المريض يجدها حال احتاج إليها».

وأضاف «لم يكن دافعه في التجارة ماديا بحتا، وحتى في المناقصات، كان حريصاً على ان تقديم السعر المخفض للحد من الغلاء».

وتوصيفاً للفقيد، قال المهزع «يتصدر ذلك، إخلاصه الشديد لوطنه، حيث امتاز الفقيد بنظافة اليد والنزاهة، كما اتصف بحس إنساني شديد، وكان كثير التسامح والهدوء، حتى يخال لي أن الفقيد أحد الذين لا يعوضون».

وفي محاولة لتلمس سيرة الفقيد التي «سيحتاج توثيقها لعمل مضنٍ»، تحدثت «الوسط» مع الإعلامي يوسف محمد، والذي أجرى لقاءً تلفزيونياً مع الفقيد، أذيع مؤخراً عبر تلفزيون البحرين ضمن برنامج سيرة ومكان.

يقول محمد: «بداية أعبر عن بالغ الحزن لرحيل الفقيد الشيخ علي احمد العوضي، معزياً اهله وذويه، مستذكراً مناقب المرحوم وما قدمه من مبادرات خيرية ووطنية وماتمتع به من سيرة عصامية ووطنية محبه للخير، حيث أجمع الناس

كافة على حبه لطيبته وتواضعه وعلمه».

وأضاف «تشرفت بتوثيق سيرة الفقيد وحياته من خلال برنامج سيرة ومكان والذي أقدمه عبر تلفزيون البحرين، مستهدفاً توثيق سير وتاريخ رجالات الوطن، وكان من ابرز هذه الشخصيات المرحوم الشيخ علي العوضي، والتي حصدت حلقته اعلى نسبه متابعة ونالت الكثير من الاستحسان والاتصال من جميع دول مجلس التعاون الخليجي لما له من مكانة وشهرة بين الجميع».

وبين أن الشيخ علي العوضي قدم من خلال سيرته الكثير من الدروس والعبر كشخصية عصامية محبة للخير والناس، ارتقى بعلمه وادبه واخلاقه واصبحت له منزلة كبيرة عند الجميع، خاصة وانه سرد حياته وقصته المشهورة في الطواف على الكعبة المشرفة سباحة اثناء السيل الذي حدث في مكة المكرمة في الاربعينيات وقصة الصورة المشهورة».

وتابع «كما تناولت سيرته مراحل حياته ودراساته في مكة المكرمة والمدينة المنورة وعمله وقصة تأسيسه لأول صيدلية في البحرين والظروف التي مر بها، مروراً بتأسيسه للعديد من المشاريع في العمل الخيري وفي المجال المصرفي الاسلامي».

وأردف «لا شك بان في كل مرحلة من حياة الفقيد درسا وعبرة وقيما تعلمنا منه حب الوطن والعمل والاصرار»، مشدداً على «ضرورة توثيق سيرة الفقيد في كتاب ليتعرف الجيل الحالي على هذه الشخصية الفريدة والتي يجمع الجميع على حبها واحترامها ولتبقى سيرتها باقية بيننا».

من ناحيتها، تحدثت ريم أكبري (زوجة نجل الفقيد عبدالمجيد العوضي)، عن بعض مما تحمله ذاكرة العقود الثلاثة التي قضتها قريبة من الفقيد الشيخ علي العوضي.

وقالت «امتاز الفقيد بدماثة خلق فريدة من نوعها، فكان حنوناً على كل من يحيط به، كما كان شديد التواصل مع الجميع، وظل كذلك حتى وهو مريض في آخر أيام حياته».

وأضافت «كان محركه في كل ذلك، إيمانه، واللافت للأمر إصراره على الاحتفاظ بهمومه، فكانت ابتسامته حاضرة على الدوام ولم يكن يشكو هماً لأي شخص، بل كان رحمه الله بلسماً لنا حتى تصورنا ونحن نزوره في المستشفى في آخر الأيام، أنه الطبيب ونحن المرضى».

وتابعت «في الشأن التجاري، كان الفقيد يكرر على الدوام مطالباته بتطوير سوق المنامة القديم، تحديداً فيما يتعلق بالمرافق العامة، وكان محله الكائن في باب البحرين ملاذاً لرواد السوق».

وعن آخر ما سمعته من الفقيد، قالت «كان يكرر هذه العبارة (الأجل ليس بالمرض بل بما هو مكتوب من رب العالمين)، في دلالة واضحة على مقدار الرضا الذي كان يمتاز به فقيدنا، وهو ما أهله للقدرة على حل مشاكل أفراد العائلة على امتدادها في البحرين، السعودية، الإمارات والكويت، بحيث كان متابعاً لأمورهم حتى وهو أصغر إخوانه سنا، وعطفاً على ذلك، فإن رحيله هو فقدان لعمود هذه العائلة».

أما عميد كلية الهندسة بجامعة البحرين نادر البستكي، فقدم تعازيه لعائلة الفقيد وقال «كان الفقيد متميزا بثقافته وعطائه ووزنه في البلد، فهو من الرواد في أكثر من موقع، وكمثقف كان أحد أوائل المتعلمين الذي نشروا لاحقا ثقافة التعليم». فيما رأى الاقتصادي عبدالحكيم الخياط أن «الفقيد

كان خير مثال للرجل الطيب، والذي خدم البلد وترك بصمة واضحة عبر أبنائه وعبر عمل الخير، وكان في سفره الكثير خير سفير للبحرين.

قراءة الفاتحة على روح الفقيد العوضي بعد أن ووري الثرى بمقبرة المنامة أمس - تصوير أحمد آل حيدر
قراءة الفاتحة على روح الفقيد العوضي بعد أن ووري الثرى بمقبرة المنامة أمس - تصوير أحمد آل حيدر

العدد 4632 - الأربعاء 13 مايو 2015م الموافق 24 رجب 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 5:42 ص

      ذرية الفقيد الصالحة

      بالاضافة الى كل تلك الانجازات يجب ان يذكر ان الفقيد قد انشا العديد من الاولاد والاحفاد الصالحين اعرف منهم الدكتور عبدالحي العوضي الذي كان لي الشرف في العمل معه في مكتب تنضيم المهن الصحية الذي وقد كان اداريا رائعا كما انه تبؤ العديد من المناصب كان اخرها وكيل وزارة الصحة ولديه ابنة تعمل حاليا طبيبة في دولة الامارات كما اذكر الدكتور عبد الحميد العوضي الذي مازال يخدم وزارة الصحة كإحصائ في قسم الأشعة وغيرهم من الأولاد المخلصين في عملهم في خدمة الوطن رحم الله الفقيد وغفر له واسكنه الفردوس الأعلى

    • زائر 8 | 5:39 ص

      لمن يسأل عن الصورة

      هل تتذكرون ذلك الحاج الذي قطع الاشواط في مكة شرفها الله سباحة ايام سقطت الأمطار وغطت جزء من الكعبة ؟ وهي صورة مشهورة جدا .. ذلك الشاب هو اليوم المغفور له بإذن الله تعالى علي أحمد العوضي

    • زائر 7 | 5:31 ص

      الله يرحمه

      ويحشرة مع محمد و آل محمد الطيبين الطاهرين

    • زائر 6 | 1:56 ص

      الله يرحمه

      الله يرحمه

    • زائر 5 | 1:28 ص

      بحراني

      الله يرحمه برحمته الواسعة

    • زائر 4 | 1:26 ص

      ما عرفه

      منهو هاى ماله صوره

    • زائر 3 | 12:32 ص

      الله يرحمه

      الله يرحمه و يغفر له و لجميع موتى المسلمين

    • زائر 2 | 12:16 ص

      انا لله وانا اليه راجعون

      الله برحمه

    • زائر 1 | 10:11 م

      الله يرحمه

      لكن الخبر ناقص صوره شخصيه للفقيد

اقرأ ايضاً