العدد 4661 - الخميس 11 يونيو 2015م الموافق 24 شعبان 1436هـ

المؤسسات تواجه أنواعاً مختلفة من التغيير

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

جميع المؤسسات تواجه أنواعاً رئيسية من التغيير في مجال عملها، أو أثناء مسيرتها المهنية، وهذه يمكن إجمالها في ثلاثة أنواع، كما يلي:

1. هناك التغييرات التي تواجهها المؤسسات بسبب أحداث مفجعة أو صادمة أو غير متوقعة Catastrophic / Unexpected/ Traumatic ... وهذه تفرض نفسها على بيئة العمل، وهي تتطلب من الجميع السعي بجد لاستيعاب الحدث، والتحرك نحو وضع آخر يلائم المستجدات، وينقذ المؤسسة ويعيد توجيهها إلى النمو والتميز والتنافس.

مثال على ذلك، قصة «المنصة المحترقة» التي يشار اليها بـ Burning Platform، وهذه القصة تشير الى الحريق الذي حدث في منصة إنتاج النفط والغاز البريطانية «بايبر ألفا» في بحر الشمال، والتي كانت تديرها شركة أوكسيدنتال، وتعرضت لانفجار في 1988، أسفر عن مقتل 167 من العاملين، نجا منهم 61 شخصاً، وكانت أسوأ كارثة صناعية بحرية من حيث الخسائر في الأرواح.

كان ذلك الحريق المروع قد أذهل أصحاب المهنة الذين لم يتوقعوا حدوثه، وكان أحد الذين نجوا بحياتهم من ذلك الحريق المدمر قد تحدث عما حصل له، وقال إنه كان نائماً في غرفته عندما شعر بالحرارة تقترب منه، خرج من غرفته ليرى اللهب يقضي على المحطة البحرية ومن فيها. راجع نفسه وراجع ما تدرب عليه في قاموس المهنة. قاموس المهنة يقول له: لا ترمِ نفسك في الماء البارد (بحر الشمال) لأنك لن تستطيع البقاء في الماء المثلج أكثر من 15 إلى 20 دقيقة ثم تموت. نظر إلى البحر وإذا به ظلام دامس، ونظر إلى الأسفل من مرتفع يعادل خمسة عشر طابقاً فرأى أجزاء محترقة تهوي إلى الأرض ورأى زيتاً مشتعلاً على سطح البحر. فمإذا يعمل في هذه اللحظات الحرجة؟ قرر الرجل أن يرمي بنفسه ويخالف كل ما قرأه في قاموس المهنة ويتحدى ألهبة النيران. وهكذا وفما هي إلا دقائق وإذا بجسده يرتطم بالماء البارد المغطى بالنيران المشتعلة. لقد رمى بنفسه من مرتفع شاهق فى علو يعادل خمسة عشر طابقاً، وكان لديه دقائق معدودة من الصراع مع الموت وإذا بأحد قوارب النجدة ينقذه من الموت. بعد ذلك، قال معلقاً: «لقد هربت من موت محتم إلى موت محتمل». هذه القصة تستخدم في كتب الإدارة لتوجيه أصحاب المؤسسات إلى مواجهة المستجدات الصادمة عبر التصرف بسرعة وحكمة لتقليل الخسائر وامتصاص آثار الأحداث المفاجئة.

2 . التغييرات الاستراتيجية Strategic Changes، وهذه تغييرات كبيرة في نشاطات المؤسسة وعملياتها ومواردها، وهذه لها مدى زمني أطول، وإدارة التغيير الاستراتيجي تسعى لمنع تطور أمور الشركة بصورة عشوائية، وهي تضع الأهداف طويلة الأجل والمخطط لها مسبقاً، نصب الأعين.

وفي هذا المجال فإن التغيير يتحدث عن خطوات كبرى Quantum Leap تتطلب تغييراً في العقلية وفي العادات والسلوكيات وهيكلية العمل والنظم والإمكانات بما يؤدي إلى نقلة نوعية Paradigm Shift في عمل المؤسسة، أو إجراء تغييرات كبرى Big Bang Changes.

هذه التغييرات الاستراتيجية تتطلب نشاطاً ديناميكياً يعتمد على التفكير الخلاق في إعادة هندسة العمليات الإدارية Business Process Reengineering (BPR)s . وتنطوي إعادة هندسة العمليات الإدارية (BPR) على إعادة تصميم العمليات الإدارية الأساسية Core Business Processes بصورة جذرية، وذلك لتحقيق تحسينات كبيرة في الإنتاجية، والوقت المطلوب في تقدم المنتج والخدمة، والجودة. تبدأ عملية إعادة هندسة الأعمال بورقة بيضاء تهدف إلى إعادة التفكير في العمليات القائمة على تقديم المزيد من القيمة إلى الزبائن. والقيمة الجديدة المعتمدة تركز بشكل متزايد على احتياجات الزبائن. كما أن المؤسسات تسعى إلى خفض طبقات الهيكل التنظيمي والقضاء على الأنشطة غير المنتجة.

إعادة هندسة العمليات الإدارية هي مبادرة التغيير الهائلة التي تحتوي على خمس خطوات رئيسية، كما يلي:

إعادة تركيز قيم المؤسسة على احتياجات الزبائن.

إعادة تصميم العمليات الأساسية، وغالباً ما تستخدم تكنولوجيا المعلومات لتمكين هذه التحسينات.

إعادة تنظيم الأعمال عبر تشكيل فرق متعددة الوظائف لها مسئولية تستمر حتى نهاية العملية الإنتاجية أو عملية تقديم الخدمة.

إعادة التفكير في المسائل التنظيمية وتلك المتعلقة بالعاملين.

تحسين سير العمليات في جميع أنحاء المؤسسة.

3. التغييرات التدريجية/ التشغيلية Operational/ Incremental Changes ، وهذه التغييرات تتعلق بالتطويرات المستمرة والتحسينات الطفيفة في العمليات، والتكنولوجيات، Continuous Improvement من دون التأثير على الأهداف بعيدة المدى. ونجد في هذا المجال أنظمة الجودة TQM بحسب ISO9000، وكذلك النهج الياباني «كايزن» Kaizen المتعلق بأسلوب التحسين المستمر.

وباختصار، فإن أي مؤسسة يجب عليها - كحد أدنى - ان تدير عملية التغيير التدريجي للحفاظ على جودة عملها وقدرتها التنافسية، وانها قد تحتاج في فترة ما الى إجراء تغييرات استراتيجية كبرى، وإن عليها ان تستعد الى أي تغييرات مفاجئة قد تحدث لها أثناء مسيرتها المهنية.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4661 - الخميس 11 يونيو 2015م الموافق 24 شعبان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 2:37 ص

      مبدع دائما

      أحسنت أبو علي على هذا الابداع. حبذا لو تضع ما كتبته من مقالات عن الادارة في كتاب مختصر حتى يستفيد منه الجميع

    • زائر 1 | 11:20 م

      لقد أبدعت ولكن ارسل مقالك للحكومة السويسرية.

اقرأ ايضاً