العدد 4676 - الجمعة 26 يونيو 2015م الموافق 09 رمضان 1436هـ

في اليوم العالمي لمناصرة ضحايا التعذيب

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

ليس هناك أشد قسوةً وألماً على النفس أن تتذكر دائماً ويعيش معها هماً أنها تعرضت للتعذيب المهين، فالتعذيب يعرف على أنه «أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسدياً كان أم عقلياً، يُلحق عمداً بشخص ما بقصد الحصول على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يُشتبه في أنه ارتكبه»، فهل غاية الحصول على المعلومة هي مدعاةٌ للتجرد من الإنسانية والجنوح نحو التعذيب؟

لقد انبثقت اتفاقية مناهضة التعذيب من المادة (5) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة (7) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهما ينصان على عدم جواز تعرّض أحدٍ للتعذيب أو سوء المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. واستناداً إلى الإعلان الذي اعتمدته الجمعية العامة في 9 ديسمبر/ كانون الأول 1975، الذي يختص بحماية جميع الأشخاص من التعرّض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية، خرجت هذه الاتفاقية التي تحتوي على 33 بنداً إلى العلن، تلزم دول العالم بها. ومنها اعتمدت المفوضية السامية لحقوق الإنسان للأمم المتحدة اتفاقية مناهضة التعذيب والصادرة بتصديق 147 دولة حيّز التنفيذ في 26 يونيو/ حزيران 1987، لذا اعتبر السادس والعشرون من يونيو «اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب».

للتعذيب آثار جسدية ونفسية ثقيلة وبعيدة المدى، لكونها تبقى حاضرةً مع الشخص لفترة طويلة، ولها انعكاسات على سلوكياته وحياته، وتترك بصمات مزمنة في جوانب حياة المُعذّب، لذا فإن التساؤل الدائم يبقى حول شخصية القائم بالتعذيب، إذ كان الاعتقاد السائد بأنه لابد أن يتحلى بصفات عدائية أو عنيفة في شخصيته. ولكن بعد الحرب العالمية الثانية ظهرت دراسات تؤكد أنه ربما يتحوّل الإنسان إلى معذِّبٍ وينصاع إلى الأوامر بصورة عمياء، عندما يخضع لتعليم أيدلوجي بدعم مؤسساتي وتشجيع اجتماعي، بأن ما يقوم به نوعٌ من الواجب الخاضع للموروث الاجتماعي. وفي هذه الحالة فإن المعذّب يعيش في وسط وبيئة تمارس التعذيب، فهو يندمج مع المجموعة كجزء منها، أو ربما المفرطون في التعذيب يعانون من كبتٍ في اللاوعي، ويمارسون التعذيب كنوعٍ من التنفيس من دون أي رادع.

التعذيب قد يقوم به فردٌ في البيت، أو جماعاتٌ تحمل مسميات عدة تمارس التعذيب مع من اختلف معها، أو ربما حكومات دول، إذ أن هناك أكثر من 68 في المئة من حكومات العالم تمارس التعذيب، وغالبيتها لم تفِ بالتزاماتها الدولية بشأن احترام حقوق الإنسان وعدم التعدي عليه بالعقوبات القاسية. وعلى الرغم من العمل الدؤوب للمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، إلا أن عملها ما يزال تأثيره محدوداً في وقف التجاوزات التي تزداد مع الصراع الإنساني القائم بين من يمتلك القوة وبين من يفتقدها.

هنا في البحرين هل يجري التعذيب في السجون؟ السيد محمود شريف بسيوني تحدّث عن وجود نحو 300 حالة تعذيب، ذكرها في تقريره أثناء تواجده في البحرين، مع ذكر ما لا يقل عن خمس حالات وفاة تحت وطأة التعذيب، قام بتوثيقها بشكل كامل، مؤكّداً أنها حالات لم يتم التحقيق فيها على نحو كافٍ، كما لم تصدر أحكام كافية بحقّ مرتكبيها. وتطل علينا مشكلة سجناء جو منذ أحداث 10 مارس/ آذار الماضي، حيث يؤكّد أهالي السجناء تعرضّهم إلى التعذيب والمعاملة المهينة والحاطّة بالكرامة، حتى أن الأمانة العامة للتظلمات أعلنت أنها تلقت 105 شكاوى تتعلق بـ 124 سجيناً تعرّضوا للانتهاكات، ما يؤكد على حصول بعض منها على الأقل. لذا نحن بحاجةٍ أكثر من أي وقت مضى، إلى جهةٍ محايدةٍ ومستقلةٍ للتحقيق النزيه والشفاف حول التعذيب في البحرين وإطلاع الرأي العام على الحقيقة بطريقة موضوعية وشفافة.

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 4676 - الجمعة 26 يونيو 2015م الموافق 09 رمضان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 8:00 ص

      ا

      نشكو امرنا الى الله العلي القدير

    • زائر 1 | 5:46 ص

      الأمانة العامة تبلغ وتنشر ولكن دون فائدة المسلسل ماشي

      تعودوا مافي فايدة لايعرفون الا هذا المنهج اكثر الاعترافات بالتعذيب من كثر مايعذبونهم يعترفون على أشياء ما سوها بس عشان يتخلصون من سياط المعذب

اقرأ ايضاً