العدد 470 - الجمعة 19 ديسمبر 2003م الموافق 24 شوال 1424هـ

هل توقف «نافتا» اجتياح التنين الاقتصادي لأميركا؟

تسعى الولايات المتحدة الى تعزيز اعتمادها على تجمع اتفاق التجارة الحرة لدول أميركا الشمالية (نافتا) والتي ستحتفل بالذكرى العاشرة لانشائها في الأول من يناير/ كانون الثاني المقبل لمواجهة المنافسة الاقتصادية من جانب الكثير من التكتلات الاقتصادية كالاتحاد الأوروبي والتنين الصيني.

ويرى محللون اقتصاديون أميركيون أن (نافتا) تعتبر واحدة من أنجح الاتفاقات الاقتصادية التي وقعتها الولايات المتحدة خلال الخمسين عاما الماضية على رغم أنها تضم دولتين فقط الى جانب واشنطن وهما كندا والمكسيك.

وقال المحلل الاقتصادي الأميركي جيفري سكوت إن اتفاق (نافتا) منذ بداية تنفيذه في يناير 1994 ساهم في مضاعفة معدلات التبادل التجاري بين الولايات المتحدة وكندا في الوقت الذي زاد التبادل التجاري المكسيكي الأميركي بنحو ثلاثة أضعاف.

وأضاف أنه على رغم الزيادة الملحوظة في التبادل التجاري بين الدول الثلاثة باتفاق (نافتا) لم تشهد تجارة الخدمات بين الدول الأعضاء زيادة مماثلة نتيجة الاجراءات الأمنية التي تطبقها الولايات المتحدة.

وتشير الاحصاءت الى أن معدل الاستثمارات الأميركية المباشرة بكندا زاد بنحو 80 في المئة بينما تضاعف المعدل بالمكسيك وهو ما أدى الى توفير المزيد من فرص العمل بتلك الدولتين.

وقال المحلل الاقتصادي الأميركي جيفري مارتن إن (نافتا) التي تعتبر من أنجح التجمعات التي تضم دولتين تنتميان للدول الصناعية وواحدة للعالم النامي تواجه تحديات هائلة تتمثل في المنافسة الصينية وتحول عدد من الشركات الأميركية الكبرى الى الصين للاستثمار بها والاستفادة من المزايا الاستثمارية بتلك الدولة كتوافر البنية التحتية والعمالة الرخيصة.

وأشار الى أن عدوى فقدان الوظائف بالسوق الأميركية امتدت الى كندا والمكسيك نتيجة تفضيل الشركات الكبرى للعمالة الآسيوية الرخيصة ولاسيما الهند والصين.

إلا أنه أوضح أن (نافتا) ساهمت في اخراج الاقتصاد المكسيكي من أزمته المالية العام 1994 وطبقت اتفاقات تجارية تراعي الأبعاد العمالية والبيئية والتي تحرص الولايات المتحدة على التركيز عليها في جميع الاتفاقات التي تبرمها مع الدول الأخرى.

وفي السياق نفسه... قال المحلل الاقتصادي جاري سلايد إن (نافتا) فشلت في دفع المكسيك لتنفيذ اصلاحات مالية وقضائية لمساعدتها في بناء مجتمع منتج وتطوير بنيتها التحتية ولا سيما قطاعات المواصلات والطاقة للاستفادة من الفرص والمزايا التي توفرها السوق الأميركية.

وأوضح جاري سلايد أن قصور التشريعات والسياسات بالمكسيك ساهم في احجام عدد كبير من الشركات الأميركية عن الاستثمار بتلك الدولة وتحوله الى الدول ذات العمالة الرخيصة التحتية المتميزة كالصين... مشددا على أن (نافتا) ليست مسئولة عن الخلل الاقتصادي بالمكسيك لأن ذلك يرجع الى أسباب داخلية.

وأدى الجدل الدائر بالولايات المتحدة حول دور(نافتا)الى انقسام الاقتصاديين الأميركيين الى تيارين الأول يميني ويؤيد نهج الحماية والثاني يساري ويؤيد التحرر والعولمة.

وقال المحلل الاقتصادي الأميركي جيفري مارتن إن التيار اليميني نجح في فرض توجهاته حديثا وتمثل ذلك في التعريفات التي فرضتها إدارة بوش على واردات الولايات المتحدة من الصلب والتي ألغى الرئيس الأميركي جورج بوش غالبيتها حديثا في أعقاب قرار منظمة التجارة العالمية والذي اعتبر تعريفة الصلب الأميركية منافية لمبادئ حرية التجارة... كما فرضت الولايات المتحدة نظام الحصص على وارداتها من النسيج الصيني لحماية الانتاج المحلي.

وعلى رغم الخلافات التجارية بين الولايات المتحدة من ناحية وشركائها التجاريين من ناحية أخرى يتوقع محللون اقتصاديون أميركيون مستقبلا مزدهرا لدول (نافتا) ولاسيما بعد إتمام عملية التكامل التجاري والأمني بين دول أميركا الشمالية.

وعلى رغم المحاولات الصينية لتجنب الخلافات التجارية مع الولايات المتحدة عن طريق استيراد كميات اضافية من المنتجات الاميركية تلوح في الافق بوادر حرب تجارية بين البلدين في اعقاب اعلان ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش عن عزمها فرض نظام «الحصص» على واردات النسيج الاميركية من الصين لحماية الانتاج المحلي.

وتقضي الخطوة الأميركية بفرض نظام الحصص على ثلاثة أنواع من الصادرات النسيجية الصينية للولايات المتحدة بهدف التخفيف من حدة المنافسة التي تواجهها صناعة النسيج الاميركية.

ويتوقع محللون اقتصاديون اميركيون ان تؤدي تلك الخطوة التي أشادت بها شركات النسيج الاميركية التي تعاني من منافسة المنتجات الصينية الى تصاعد الحرب التجارية بين البلدين.

وترى شركات النسيج الاميركية ان الاجراء سيوفر قدرا من الحماية لصناعة النسيج الاميركية التي تعاني من «الحصار» الصيني... في الوقت الذي أشار فيه المنتقدون للاجراء الاميركي الى ان تلك الخطوة ستضر بالمستهلك الاميركي الذي يفضل المنتجات الصينية المنخفضة الثمن مقارنة بالمنتجات الاميركية.

وقال رئيس معهد مصنعي النسيج الاميركيين كاس جونسون إن صادرات النسيج الصينية للولايات المتحدة والتي زادت بصورة ملحوظة خلال الاشهر الماضية اضرت بصناعة النسيج الاميركية والعمال بتلك الشركات والولايات التي تعتمد اقتصاداتها على تلك الصناعة.

ويؤكد خبراء اقتصاديون اميركيون ان الولايات المتحدة لديها فرصة مواتية للتغلب على التحديات الاقتصادية التي يشكلها «التنين الصيني» عن طريق تطوير (نافتا) وتدعيم سياسة الاعتماد المتبادل بين أعضائها

العدد 470 - الجمعة 19 ديسمبر 2003م الموافق 24 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً