العدد 4724 - الخميس 13 أغسطس 2015م الموافق 28 شوال 1436هـ

النظريات السلوكية في القيادة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

في القرن العشرين طرح عدد من المفكرين دراساتهم التي استنتجوها من تقصّي سلوكيات القياديين والمدراء في المؤسسات. ومن تلك الدراسات ما طرحه رينسيس ليكرت Rensis Likert في ستينات القرن العشرين، الذي قال إن هناك أربعة نظم إدارة أسماها The Four Systems لوصف سلوك القادة في المؤسسات، فيما يتعلق بنمط الإدارة، مستنداً بذلك على علاقة القادة بالعاملين معهم، وقال إن النظم الأربعة التي تتواجد في المؤسسات التي استقصاها هي:

- نظام استغلالي Exploitative Authoritative: هذا النظام متجذر في النظرية الإدارية الكلاسيكية، إذ إن المدراء يميلون إلى استخدام التهديدات والخوف والعقاب لتحفيز العاملين في المؤسسة. المدراء في أعلى التسلسل الهرمي يتخذون جميع القرارات وعادة لا يدركون المشاكل التي يواجهها من هم في المستويات الدنيا من التسلسل الهرمي، ويتم فرض القرارات على المرؤوسين عبر الأساليب القسرية.

- نظام سلطوي رحيم Benevolent Authoritative: هذا النظام الإداري أقل في درجة السيطرة من الإدارة الاستغلالية، إذ يستند على الدوافع المحتملة للعقاب وجزئياً على المكافآت. كما يتم توسيع منطقة صنع القرار من خلال السماح للموظفين للمشاركة - بمستوى منخفض - في مناقشة السياسات بصورة محدودة.

- نظام تشاوري Consultative: هذا النظام الإداري يعتمد على تحفيز العمال من خلال المكافآت والعقوبات في بعض الأحيان، مع مشاركة محدودة في اتخاذ القرارات وتحديد الأهداف. العاملون لهم حرية اتخاذ قرارات محددة من شأنها أن تؤثر على عملهم، لكن الإدارة العليا لديها السيطرة على السياسات والقرارات العامة التي تؤثر على المؤسسة، ولها كلمة الحسم في اي شيء تود التدخل فيه.

- نظام تشاركي Participative: النظام التشاركي يُعتبر الوسيلة الأكثر فاعلية في القيادة؛ لأنه يشجع على المشاركة الحقيقية في اتخاذ القرارات وتحديد الأهداف من خلال التواصل العمودي والأفقي للمعلومات والاستفادة من الإبداع ومهارات العاملين.

وقبل ذلك، في خمسينات القرن العشرين، طرحت جامعة ولاية أوهايو أنموذجها لسلوك القادة، وهو المعروف بأنموذج Ohio State Leadership Studies Model. وقد توصّلت تلك الدراسة إلى تصنيف سلوك القادة إلى بُعدين في ضوء استجابات العاملين:

- الاعتماد على الهيكلية والتوجيهات المباشرة Initiating Structure: في هذا البعد، يقوم المدير باعتماد الهيكلية التنظيمية والإجراءات لتحديد دوره ودور العاملين معه، ويمارس تنظيم العمل، ويحدد العلاقات والأهداف، ويعتمد المعايير الأدائية، ويركز على برمجة العمل باستمرار.

- الاهتمام بالعاملين Consideration: هذا البعد يقيس المدى الذي تكون فيه العلاقة بين المدير والعاملين تسودها الثقة المتبادلة، الاحترام، والمساواة في المعاملة.

وأشارت الدراسة إلى أن القائد ذا الدرجة العالية في البُعدين أكثر قدرة على جعل العاملين يبذلون أقصى الجهد في أدائهم وأكثر رضا بالنسبة لاتجاهاتهم نحو أعمالهم وعضويتهم في المؤسسة.

ولقد سعت مجموعة الباحثين في جامعة ولاية أوهايو الأميركية إلى تحديد سلوكيات القادة التي يمكن ملاحظتها وأنجزوا لوائح من البيانات (Leaders Behavior Description Questionnaire (LBDQ التي صممت لقياس سلوك القائد. هذه البيانات صنّفت القادة حول مدى «الاهتمام» بالعاملين Consideration من جانب، ومدى الاهتمام بـ «بالمبادأة بالتوجيهات» المتعلقة بهيكلية العمل Initiating Structure.

على أساس ذلك، حددت جامعة ولاية أوهايو أربعة أنماط للقيادة تعتمد على درجة اهتمام القائد بالعاملين من جانب ودرجة اهتمامه بهيكلية العمل من جانب آخر. بمعنى آخر، فإنّ البُعدين ينتجان أربعة أنماط من سلوك القائد، وهي:

- أسلوب الأمر S1=Telling: هذا أشد أسلوب في سلوك القيادة. مثلاً، فإنّ العاملين الجدد يحتاجون تعليمات مباشرة، وهؤلاء كفاءتهم منخفضة، ولكن التزامهم بالعمل يُعتبر عالياً لشعورهم بعدم الأمان في حال لم يقوموا بدورهم بصورة جيدة، ولذا فهؤلاء يحتاجون إلى توجيه مباشر وأوامر واضحة بشأن المهام المطلوبة منهم.

أسلوب البيع/ التسويق S2=Selling: وهذا يعني أن القائد يأخذ القرار ويقوم بتسويقه على العاملين من أجل تنفيذه وهم متحمسون نوعاً ما للقرار. القائد يركز في هذه الحالة على المهام ويسعى لتطوير علاقة الثقة مع العاملين.

أسلوب المشاركة S3=Participating: القائد يتعامل مع عاملين لديهم درجة عالية من الكفاءة، ويركز بدرجة أقل على المهام الموكلة إليهم، في مقابل تركيز أكثر على العلاقة مع أعضاء المجموعة.

أسلوب التفويض S4=Delegating: القائد يقوم بتفويض مهمات التنفيذ للعاملين ويركز على النتائج. كما يقوم بتخويل الآخرين ويحدد الصلاحيات والاختصاصات ويعتمد على الحد الأدنى من الإشراف على أعضاء المجموعة الذين يتوقع أن يكونوا على درجة عالية من الكفاءة، والالتزام والدوافع، والقوة والتمكين.

هناك العديد من النظريات السلوكية الأخرى، مثل Managerial Grid والتي طورها كلٌّ من روبرت بلايك وجاين ماوتن، وهي تصف خمسة أنماط من القيادة تتوزع في درجة الاهتمام بالإنتاج مقابل درجة الاهتمام بالعاملين. وجميع هذه الدراسات تكشف الأبعاد المختلفة لسلوك القائد، وهي بمجملها تعبّر عن «النظريات السلوكية في القيادة» Behavioural Theories of Leadership.

لقد ساهمت هذه النظريات في فهم موضوع القيادة بصورة أفضل من النظريات التي سبقتها والتي كانت تعتمد على السمات التي يولد بها الشخص؛ فقد أوضحت النظريات السلوكية إمكانية تطوير وتدريب القادة على سلوك نمط معين، ولكن هذه النظريات لم تأخذ بعين الاعتبار طبيعة «الموقف المتغير» وتنوع العاملين وقدراتهم، ولذا طوّر بعض علماء الإدارة «النظرية الموقفية» للقيادة، والتي تأخذ بعين الاعتبار متغيّرات الموقف وقدرات العاملين، وهو موضوع آخر.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4724 - الخميس 13 أغسطس 2015م الموافق 28 شوال 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 6:32 ص

      نظريات وتنظيرات ومنظرين

      وكلها تبع ومتبوعين وحتى لو خطأ بس تصدر من الطرف القوي تصير صح ومن الضعيف حتى لو صح تصير خطأ وعلى نموذج كل ياكمي نحن أصبحنا في غابه القوي يأكل فيها الضعيف كلما جاع ولا يوجد غير ذلك منذ ان جئنا على الدنيا لذلك ارسل الله الأنبياء لإنقاذ البشريه وما إن يغادر النبي الحياه كل شي يرجع مثل ما كان واخس.

    • زائر 8 | 5:19 ص

      هذه دراسه

      انها دراسه تٌدرس لمن يريد القياده وكالعاده التطبيق ماهو بسهل وكل النماذج الاربعه تراها فعاله في مجالات العمل ولكن القانون هو من يحدد كيف العمل داخل المؤسسه وطبعا القانون يفضل الاجنبي كمدير والمدير يفضل العامل الاجنبي ليس انحيازيا لكن ليكون متحكما افضل في الاجانب عن البحرينين وهذا ما لا تراعيه القوانين الموضوعه والنقابات التي لا تستطيع تحريك ساكن

    • زائر 4 | 12:21 ص

      هذا

      هذا النموذج سائد عند العرب فالبعض يعتبران الرئيس هو الرب فيقدس له ويلمع له وحتى وان كان الشخص غير مقتنع فقط لانه الرئيس. ولاننسى ولاة الامروبمفهوم خاطئ

    • زائر 3 | 11:10 م

      تكـــــــــــــــريم الموظفــــــــــــــين يؤثر في الأداء .... ام محمود

      هناك مؤسسات و شركات و بنوك اتخذت من تكريم الموظفين شهريا شعارا و إعطاء الحوافز المالية و المكافآت و هناك موظف الشهر المثالي ولكن اذا عمل الموظف أي خطأ فان القيامة تقوم و قد يتم فصله وفي المدارس يتم تكريم ناس و ناس و هذا يسبب حساسيات بدون النظر الى الأفضل في الكفاءة و العطاء
      هناك في الوزارات بعض التسيب و مثل ما ذكرت الوسط الأسبوع الماضي من ضرورة إيجاد قانون يحد من استخدام الهاتف النقال اثناء العمل لأنه يؤخر المعاملات مع الناس و الموظف يهدر الوقت في المواقع الاجتماعية فما دور المدير هنا كيف يتصرف

    • زائر 2 | 10:59 م

      بعض القادة يعيشون في بروج عاجية ..... ام محمود

      تتحدث في المقال عن أنواع القادة و خصائص كل منهم و لكن الواقع يختلف فهناك القيادي البحريني او العربي او الأجنبي او الهندي و كل واحد له أسلوبه في قيادة الموظفين بأسلوب راقي محترم انتاجي او العكس أسلوب اناني مليء بالغرور و التهميش والإحباط
      بالنسبة للمدارس هناك سياسة تدوير المدراء و أنا اجدها غير إيجابية بسبب ان المدير الجديد يأتي و يؤسس و يغير و يعمل مجلس إدارة و مجلس الآباء و فجأة بعد سنتين يتم تغييره يأتي المدير الاخر للإطاحة بما بناه المدير الأول حتى الأثاث في الإدارة يغيره ويغير الخطط

    • زائر 1 | 9:41 م

      للاسف

      للاسف في مجتمعتنا لاتجد القيادي في المؤسسة الا نادرا
      هناك مدراء ينفذون لوائح فقط ومنفردين بقرارتهم وحتى لو كان هناك مجلس إدارة بداخل المؤسسة فهذا يعني ان المدير سوف يصدر قرارته باسم المجلس

اقرأ ايضاً