ورش العمل البيئية حلقة عمل علمية لقراءة الواقع البيئي واستنباط المخرجات والحلول، ويعيش المشارك فيها حالة من العصف الذهني يشخص حقائق ومتطلبات المسألة المطروحة للمعالجة، ويتمعن في أبعاد مخرجاتها الاستراتيجية.

وتجد أعضاء مجموعات العمل غارقين في التفكير والحوار، وذلك ما شهدناه خلال مشاركتنا في أعمال ورشة العمل الوطنية الثالثة لمشروع تحديث الاستراتيجية وخطة العمل الوطنية للتنوع الحيوي التي نظمها المجلس الأعلى للبيئة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة لغرب آسيا (UNEP) في الفترة من 2-4 أغسطس/ آب 2015.

ومن الطبيعي أن تجد الفوارق في مستوى الاهتمام بين مشارك وآخر، ويحدد نوعية وطبيعة المشاركة عوامل الوعي بالمسئولية والمكون الذاتي للمشارك، ومدى عمق اهتمامه بضرورة المشاركة المتفاعلة في إنجاز أهداف المهمة التي كلف بها. وذلك ما تبيناه من خلال الإجابة على سؤال المشرفين على إدارة الورشة، لماذا نحن هنا.؟ وكانت الإجابات متباينة، والبعض منها كان صادماً، فبعض المشاركين وجد مشاركته في الورشة هروباً من مهمات وضغوطات العمل، والبعض الآخر وجدها فرصةً لأخذ قسط من الراحة، وثالث اعتبر مشاركته لكسر الروتين في العمل الوظيفي.

بالطبع تلك حالة سلبية ينبغي من المسئولين أخذها في الاعتبار عند اختيارهم للعناصر التي تمثل دوائرهم للمشاركة في هكذا نشاط له بعد استراتيجي ووطني. كما ينبغي على المنظمين تحديد مواصفات وواجبات المقترح ترشيحهم للمشاركة في أعمال هكذا ورش. وبالتأكيد ذلك لا يمثل ظاهرة عامة لطبيعة المشاركين في الورشة، فهناك المواقف المتباينة في جوهرها الإيجابي، ويؤكّد ذلك الإجابات الإيجابية للغالبية العظمى من المشاركين.

الورشة عمل وطني هادف، وجرى تنظيمها استكمالاً لورش العمل السابقة الموجهة لبناء استراتيجية عمل البحرين لصون التنوع الحيوي، وتمحورت أهدافها الرئيسة في صياغة السياسات الوطنية بشأن الحفاظ على التنوع البيولوجي وصياغة السياسات الوطنية الفرعية للبيئات المختلفة.

وبالارتكاز على أهداف الورشة جرى توزيع المشاركين على مجموعات عمل تولت دراسة ومراجعة واقتراح محددات خطة العمل الاستراتيجي وفق غايات وأهداف أتشي، ويجري إنجاز ما جرى تشخيصه من حلول بحلول العام 2020.

مجموعات عمل الورشة ساهمت جميعها بفعالية في تشخيص المحاور المقترحة للورشة، ولإطلاع القارئ على واقع نشاطات الورشة من المفيد تسليط الضوء على نتائج عمل مجموعة العمل الثالثة التي ضمت في عضويتها ممثلين من جمعية البحرين للبيئة إلى جانب ممثلين من جهات أخرى. وتبنت المجموعة في محور الجلسة العامة لصقل السياسات الوطنية المقترحة للحفاظ على التنوع الحيوي والمبادئ التوجيهية والرؤى والمهمة لمشروع (NBSAP) في مملكة البحرين مقترح رؤية المشروع «تنوع حيوي مستدام»، وحددت المبادئ التوجيهية في الاستثمار العادل للرأسمال الايكولوجي، والمسئولية المشتركة لصون التنوع الحيوي، والالتزام المسئول في صون التنوع الحيوي، والتوجه المؤسس لبناء آليات الخطط التنفيذية بشأن صون التنوع الحيوي، وشخصت مهمة المشروع في إعداد البحوث والدراسات البيئية، وبناء الوعي البيئي للمجتمع، ووضع المعايير المؤسسة للتخطيط التنموي، وتطوير النظام المؤسسي والبناء القانوني البيئي، وتعزيز الاتجاهات الموجهة لتطوير منظومة المحميات الطبيعية.

الأهداف الذكية للمشروع محور رئيس في أعمال الورشة، وقد شخصت مجموعة العمل الثالثة الأهداف الذكية للتنوع البيولوجي في المناطق البحرية والساحلية، وإدماج ثقافة التنوع البيولوجي في مناهج التعليم المدرسي والجامعي بما نسبته 2 في المئة والحد من الأنواع الغازية في نظام البيئة البحرية بما نسبته 15 في المئة وإعادة تأهيل الشعاب المرجانية بما نسبته 5في المئة والحد من ضياع الأنواع الوراثية في البيئة البحرية بما نسبته 50 في المئة والحد من استخدام شباك الجرف القاعي بما نسبته 6 في المئة والمعالجة الثلاثية لمياه المجاري التي يجري صرفها في المياه البحرية بما نسبته 80 في المئة وتبريد مياه المصانع قبل صرفها في المياه البحرية بما نسبته 100 في المئة.

وحدّدت الأهداف الذكية لمحور التنوع الحيوي في الأراضي القاحلة وشبه القاحلة في تنمية الوعي الاجتماعي بأهمية صون النباتات والتنوع الحيوي في البيئات البرية بما نسبته 5 في المئة وزراعة النباتات والأشجار البرية في منطقة الصخير وجزر حوار بما نسبته 5 في المئة وجمع الأصول الجينية للنباتات الصحراوية وحفظها في البنوك الجينية بما نسبته 3 في المئة وإنشاء بنك المعلومات والبيانات للنباتات والحيوانات الصحراوية بما نسبته 3 في المئة وإصدار قانون منع التدهور البيئي في المناطق البرية ينظم إجراءات استغلال المناطق البرية بما نسبته 5 في المئة وتأهيل وتنمية البيئات البرية وإقامة المحميات الطبيعية وتعزيز نهج السياحة البيئية بما نسبته 17 في المئة.

وفي محور التنوع الحيوي الزراعي والمياه العذبة حدّدت الأهداف الذكية في مجال الوعي البيئي والزراعي، في تنمية الوعي الاجتماعي بمفاهيم ثقافة الحفاظ على الثروة الزراعية بما نسبته 2 في المئة وإنتاج الأفلام التوعوية والزراعية بما نسبته 2 في المئة وفي مجال إدماج قيم التنوع البيولوجي، التوسع في إنتاج نخيل الأنسجة بما نسبته 15 في المئة وفي مجال الأنواع الغازية، الحد من انتشار سوسة النخيل الحمراء بما نسبته 3 في المئة وتوظيف الحماية الطبيعية بما نسبته 2 في المئة وفي مجال الضغوطات على النظم الزراعية وتقليص الرقعة الخضراء، الحفاظ على ما تبقى من الحزام الأخضر بما نسبته 7 في المئة وفي مجال العادات والتقاليد، تشجيع المزارعين ودعمهم في إنتاج الأدوية الشعبية بما نسبته 1 في المئة.

مخرجات الورشة إنجاز مهم، بيد أنها بحاجة إلى قرارات وإجراءات فعلية وشراكة مؤسسية لتمكينها من المساهمة النوعية في إنجاز أهداف التنمية المستدامة.