العدد 4754 - السبت 12 سبتمبر 2015م الموافق 28 ذي القعدة 1436هـ

أخلاقيات مهنة الصحافة

جميل المحاري jameel.almahari [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أثارت قضية الصحافية التي قامت بعرقلة أحد اللاجئين السوريين، وهو يحمل طفله أثناء هروبه من الشرطة على الحدود المجرية الصربية، بعد أن تعمدت ركل عدد من اللاجئين، العديد من ردات الفعل الغاضبة على هذا الفعل الشائن وغير المقبول إخلاقيا، ليس من طرف إنسان عادي، وإنما صحافي يفترض به التحلي بالمهنية والمصداقية والحيادية المطلقة، فضلا عما يجب أن يتميز به الصحافي من مبادئ إنسانية.

ولتفادي فضيحة أكبر، قامت محطة التلفزيون المجرية (N 1) التي تعمل بها، بإنهاء عقدها بشكل فوري، مشيرة إلى أن الصحافية قد تصرفت بشكل غير مقبول.

هذه الحادثة فتحت الحديث من جديد حول أخلاقيات مهنة الصحافة، ومدى المصداقية التي تتمتع بها، وما يجب أن يتصف به الصحافي من نزاهة وحيادية في نقل الأحداث، دون التدخل في مجرياتها أو توصيفها بشكل يتفق مع ما يحمله من توجهات وأفكار.

دائما ما يقال إن الصحافة هي مرآة المجتمع، تعكس ما يدور فيه من تطورات وأحداث، تكشف الأخطاء، تبين أوجه القصور، تبرز الإنجازات، توصل المعلومات والأخبار للناس، تحلل الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي، تساهم في نشر الثقافة والإبداع... هذه هي المهمة التي يرجوها أي متلقٍ من قبل وسائل الإعلام المختلفة.

المصداقية والحيادية والنزاهة أهم ما يجب أن تتحلى به أي وسيلة إعلامية لكي تكسب ثقة الجمهور، هذه هي الملامح الأساسية التي لا يجب الحياد عنها، ولذلك عندما تخلت الصحافية المجرية عن الحياد، واختارت أن تكون مشاركا وفاعلا في الحدث الذي كان من المفترض أن تنقله كما يجري في الواقع، ومارست عنصريتها وكرهها اللاجئين إلى بلادها، عندها تخلت عن مهنيتها الصحافية، وكان لا بد أن تتخلى عنها الوسيلة الإعلامية التي تمثلها.

في المقابل، هناك حالات معاكسة تماما لما قامت به الصحافية المجرية، ولكنها مع ذلك تعكس مدى تحيز الوسائل الإعلامية وعدم حياديتها، وذلك عندما تتجاهل هذه الوسائل الإشارة ولو من بعيد لما يجري من أحداث مهمة في مجتمعاتها بهدف تغييبها، والمثال الساطع هنا هو كيفية تعامل وسائل الإعلام لدينا مع الحراك الشعبي في الشارع، وما تقوم به القوى المعارضة من فعاليات وندوات ومهرجانات ومسيرات كانت تصل في بعض الأحيان لاجتذاب أكثر من 300 ألف مشارك، ومع ذلك فإن وسائلنا الإعلامية اتبعت نصيحة «اعمل نفسك ميت»، هذا ناهيك عن امتناع الوسائل الإعلامية عن استضافة أي وجه معارض أو نقل آرائه ومرئياته، بخلاف ما أوصت به اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق «لجنة بسيوني» من أهمية إعطاء فرصة أكبر لقوى ووجوه المعارضة للظهور في الوسائل الإعلامية «الرسمية».

هنا، لا يمكن القول بأن وسائلنا الإعلامية قد اتخذت موقفا محايدا أو حتى غير منحاز، وبذلك حافظت على مصداقيتها ومهنيتها.

الأسوأ من ذلك، فإن بعض الصحافيين قام بأكثر مما قامت به الصحافية المجرية، عندما عرقلت اللاجئ السوري لتتمكن الشرطة من إلقاء القبض عليه، إذ راحت تحرض السلطة على اعتقال المعارضين السياسيين والزج بهم في السجون... أليس هناك وجه شبه؟

إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"

العدد 4754 - السبت 12 سبتمبر 2015م الموافق 28 ذي القعدة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 4:05 ص

      الوضع السائد و انعدام المبادئ

      ابسط توصيف لحال بعض الصحف في البحرين و بعض الكتاب فيها هو استغلال الوضع السيئ القائم و انعدام المبدئية و المهنية. التجاهل هنا ليس في نقل فعاليات تحمل طابع سياسي فقط بل حتى القضايا الاجتماعية التي تنتقد السلطة يرفضون تغطيتها و اذكر مثال لمجموعة من العاطلين قصدوا احدى الصحف في ابريل الماضي لعرض قضيتهم عشية اعلان وزارة التربية عن امتحان التوظيف، رفضت الصحيفة طلبهم دون ذكر سبب و استقبلتهم صحيفة أخرى لكن نشر الموضوع في بريد القراء خوفاً من تحمل اي مسؤولية!!

    • زائر 1 | 11:54 م

      هؤلاء لايرحمون ويخلون رحمة اللله تنزل

      فضائية أول وأغلقوها بسبب إستضافة معارض 3تقائق بينك بين الله 3 تغلق محطة فضائية إلى أين سائرين بالبلد هؤلاء.

اقرأ ايضاً