العدد 4772 - الأربعاء 30 سبتمبر 2015م الموافق 16 ذي الحجة 1436هـ

أوقفوا نشر صور القتلى والدماء

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

مع تزايد الحوادث المأساوية من حولنا، ومع كثرة الدماء المراقة بفعل الحروب أو الاحتجاجات الشعبية على الحكومات والأنظمة، ومع النحر والذبح الذي صار يسجل ويبث على قنوات التواصل الاجتماعي والإعلام بشكل مستمر، صار لزاماً علينا أن نتساءل: هل أصبحت قلوب الناس حجراً حقّاً؟ وهل باتت المشاعر متلبدة، وصار كل منظرٍ قاسٍ ودمويٍّ عاديّاً؟ وهل صارت ثقافتنا هي ثقافة الموت والدم بالفعل؟

ما يجعلنا نتساءل هذه الأسئلة هي صور الجثث والضحايا التي باتت تنتشر بشكل عادي جدّاً وبدم بارد عبر مواقع ووسائل التواصل الاجتماعي من دون أي احترام للمشاعر البشرية ومن غير التفكير أو الاحتمال أن تمر هذه الصور ومقاطع الفيديو على أطفال يحاولون تقليدها بعفوية الطفولة، وهو ما حدث بالفعل في أكثر من حادثة راحت ضحيتها أرواح بريئة وبقي الأطفال فيها سجناء ذنبٍ اقترفوه من دون أن يعوا معناه.

كلما وقع حادثٌ أو ذُبح أحدٌ أو قتلت ضحيةٌ، بتنا نرى بعض المهووسين بالشهرة وبالحصول على أسبقية إرسال الأخبار وتوصيل المعلومات حتى وإن كانت جارحة أو خادشة للقلب أو الروح، يتسارعون إلى إرسال ونشر مقاطع الفيديو التي تفصّل عملية الذبح أو تضم توثيق حادثة ما أو نشر وإرسال الصور التي تضج برائحة الدم وأنين الموتى، وكأننا اعتدنا هذا الأمر ووجب علينا أن نقسّي قلوبنا أو نأخذ حصتنا من الألم في كل يوم أو على الأقل مرة في الأسبوع.

ما الذي حدث حتى باتت هذه المشاهد والصور مشاهد وصوراً عادية يمكن إرسالها بقلبٍ مطمئنٍ من غير التفكير في شعور ذوي الضحايا وأهاليهم ومعارفهم أولاً، ومن ثم شعور الإنسان العادي الذي يكره رائحة الدم ويكره رؤية هذه المشاهد، والطفل الذي يجب ألا يراها أو يسمع بها؟

هذه الصور ومقاطع الفيديو تنتشر انتشاراً كبيراً وتحتل الصدارة في اهتمامات كثير من الناس، إلى درجة أنها تصلك في هاتفك عبر إرسالها في جميع المجموعات التي تشارك فيها، حتى تلك المتخصصة بأمور معينة بعيدة كل البعد عن هذه النوعية من الأخبار، وتشاهدها عبر كل المواقع والحسابات على الإنترنت، حتى تظن أنك في عالم بات يتبارى في إيصال هذه المشاهد.

من الجيد أن يكون الإنسان مهتمّاً بالأخبار من حوله، ومن الجيد أيضاً أن يسعى المرء إلى مواساة أهالي هؤلاء الضحايا، أيّاً يكن سبب جرحهم أو قتلهم أو استشهادهم، لكن يمكننا أن نقوم بكل هذا من غير الحاجة إلى نشر صور الدم والجثث وكأنها أمرٌ عادي.

نستطيع أن نوصل أي خبر لكي يعلم به غيرنا، وأن نواسي وأن نعلن تضامننا مع أهالي الضحايا، وأن نشجب القتل والذبح، لكن برسالة محبة صادقة ترسل من القلب وتبث عبر القناة التي نريد، سواء كانت رسالة عبر هاتف أو في الإعلام أو عبر مواقع التواصل الإجتماعي من غير أن نجرح أحداً أو نشيع ثقافة عدم احترام الجثث البشرية قبل القلوب والأرواح بهذا الشكل المزعج الفجّ.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4772 - الأربعاء 30 سبتمبر 2015م الموافق 16 ذي الحجة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 7:18 ص

      السلام

      اه لو شفتي رأس سبط رسول الله 30 يوم في الإعلام من بلد إلى بلد على رمح مع كوكبة من أهل بيته وأصحابه كالنجوم سوف تقتنعين بالعلام الحين. أهم شيء الفلوس.

    • زائر 5 | 5:51 ص

      مسكينة اتحافين

      اكيد قلبك اضعيف ما تقدرين اتجوفين مذابح الأطفال وغرقهم في سوريا والعراقطيب احد جابرج ان تتواصلي مع تلك القنوات انت صحفية قولي الله يبعد بلدنا عن هذه المآسي

    • زائر 4 | 3:58 ص

      أيقونة الوسط

      لا اتفق معك يا كاتبتنا الرائعة وشمعة صحيفة الوسط، تكنولوجيا الاتصالات تخترق كل الحجب الاسرية والاجتماعية والإعلامية، ولذا ارى ان يترك ذلك للمرأ ان أراد ان يمتنع عن مشاهدة مقاطع معينة ويقنع بذلك أفراد أسرته ايضا بالحوار ليبتعدوا عما يضرهم

    • زائر 3 | 2:04 ص

      صباح الورد استاذتنا العظيمة

      انا تتعب نفسيتي استاذة اذا اشوف هالمناظر ، اخر منظر جفته بالصدفه كان للمغربيات الي بالجفير مدابحين عشان خليجي .. يومين والله مزاجي معفوس ، وبالنسبة للتلفزيون ابتعد عن قناة العالم والميادين لانهم يغطون حروب المنطقة وحروب المنطقة كلها دمار في دمار ،، وشكرا استاذة على المقال وفكرته وفقتي فيها

    • زائر 2 | 12:42 ص

      صباح الخير

      اختي الكريمة نحن نعيش القرن الواحد والعشرين وتقدم التكنولوجيا ونقل التقنية بصوت وصورة مازال البعض ينكر جرائمه الدموية التي ترتكب طوال الوقت لا تقتصر على يوم عيد أو حفل زفاف أو اصتفاف لتلقي العلاج أو المعونات الاستهلاكية وينكر ويكدب حتى على الأقمار الاصتناعيه أما تحول قلوب الناس بألحجر انها أكثر قصوه من ذالك بشهادة الايه الكريمه

    • زائر 1 | 11:58 م

      اؤؤيد ولكن ....إذا الصحافي نقل الخبر بمصداقية كما هو

      كيف نرى الحقائق أن لم نرى الواقع كما هو لا كما ترغب الصحافة نقل الخبر الصحافيين في يومنا هذا الشمس طالعة يقولون أن القمر طلع ...همهم المصالح السياسية وإرضاء فرقهم

اقرأ ايضاً