العدد 479 - الأحد 28 ديسمبر 2003م الموافق 04 ذي القعدة 1424هـ

اللهم أطل أعمار حكام العرب

عبدالله العباسي comments [at] alwasatnews.com

لم أكن أعرف يوما مدى صحة «كما تكونوا يولّ عليكم» حتى ألقي القبض على سفاح العراق الذي يعتبر كل مجرمي العالم تلامذة صغارا في مدرسة اجرامه، رحم الله هتلر وموسيليني وفرانكو وسلزار عن سيدهم وإمامهم صدام، وكان بودي لو أقطع رأس زوجتي عندما رأت صدام في التلفاز وقالت «مسكين يكسر الخاطر» ولولا أنها أم عيسى وخالد ومأمون لارتكبت ذلك فعلا وقدمت نفسي لأقرب مركز من مراكز الشرطة في الرفاع، والأمرّ من ذلك أن ابني خالد جاءني يقول اعتقاله بهذا الشكل المزري أليس إهانة لنا نحن العرب جميعا؟

نعم... تأكد لي في ذلك اليوم اننا أمة لا تستحق الحرية والديمقراطية والحكام الحاليين (وايد) علينا بالمقارنة بما فعله صدام مع شعبه بل ومع الأمة العربية كلها إذ لم تبلغ أخطاؤهم واحدا في المليون مما فعله هذا السفاح الخالي من القلب والإحساس وحتى الشجاعة، المشكلة لدى كثير من أبناء هذه الأمة هي أنهم يرون الشجاعة تكمن في أن يكون الإنسان جزارا يقتل من دون شعور أو إحساس بالرحمة، ومن دون أن يعرفوا أن الجبان هو الذي يتخلص من رفاقه وأصدقائه الحقيقيين، أما الأبطال الحقيقيون فهم وحدهم يبعدون السيف من أيديهم والدبابات من حولهم فيفسحون المجال للحوار والمواجهة بالحجة لا بسحق الآلاف من خلال الرعب والشك الدائم الذي يعيشه، لأن الجبان وحده هو الذي يعيش قلقا دائما ورعبا متواصلا ما يجعله يخاف حتى من ظله فيتخلص من كل من حواليه من خلال الوهم الذي يعيشه، وبهذا المنطق فإن صدام كان أجبن مخلوقات الله جميعا، الجبان وحده يتخلص من رجال لهم احترامهم الشعبي، أليس جبنا أن يقتل قريبا له مثل حردان التكريتي وهو نائم على فراش المرض بأحد مستشفيات الكويت؟!

الجبان وحده الذي يزج بآلاف الأبرياء في السجون حتى يظل هو خارج السجن، الجبان وحده الذي يقبل بأن يتشرد 4 ملايين من شعبه خارج البلاد خوفا منهم.

هل كان غزوه للكويت شجاعة أم جبنا؟ ألم يكن وراء تخلف دول الخليج لأكثر من قرن؟ ألم يكن وراء فرض اتفاق أوسلو المشين على الفلسطينيين مقابل بضعة ملايين كان يرميها عليهم؟ لم أكن أدرك يوما أن هذه الأمة بها دودة العاطفة إلى هذه الدرجة ولهذا فإن من حق الأنظمة العربية أن تركب ظهورها من دون أن تنزل، لقد نسوا آلاف الثكالى وعشرات الآلاف من الأيتام ونسوا عشرات الآلاف الذين ماتوا في الشمال والجنوب عندما رماهم بالمواد الكيماوية والجرثومية... لكني لا أقول إلا اللهم أطل أعمار حكام العرب ليهنأوا بالجلوس على صدورهم فهم لم يفعلوا معشار ما فعله صدام الذي يتباكون على اعتقاله كالنساء

العدد 479 - الأحد 28 ديسمبر 2003م الموافق 04 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً