العدد 4801 - الخميس 29 أكتوبر 2015م الموافق 15 محرم 1437هـ

إيقاف النشاط الرياضي الفعل ورد الفعل

غانم النجار ghanim.alnajjar [at] alwasatnews.com

كاتب كويتي

تفيد الأخبار بأن وفداً حكوميّاً نيابيّاً توجه إلى سويسرا للقاء الهيئات الرياضية الدولية المعنية، والتباحث معها حول قرارها إيقاف النشاط الرياضي في الكويت.

سبب الإيقاف، خلاف داخلي كويتي، أبرز مبرراته تدهور مستوى الرياضة في الكويت، واستمرار الطرف المهيمن على الرياضة من دون تغيير لسنوات طوال، وانعكاسات ذلك على الساحة السياسية، ومحاولة أطراف أخرى إنهاء تلك الهيمنة عن طريق تعديل القوانين المحلية، ثم قيام الطرف المهيمن على الرياضة بالشكوى للهيئات الدولية بحجة أن القوانين المعدلة تخالف المعايير الدولية.

المنظومة الدولية قبلت بمعطيات الطرف المهيمن، وبالتالي إيقاف النشاط الرياضي، وهي ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة ما لم تتم معالجتها بجدية أكثر محليّاً.

تداخل الصراع الرياضي السياسي واضح للعيان، وهو في جزء منه صراع على مفاصل السلطة، وتتقاطع فيه الموالاة والمعارضة أو أشباه المعارضة أو أشباه الموالاة، بطريقة تشابه الفن السريالي، الذي يصعب فهمُه إلا على الجهابذة، لكن ليس هذا موضوعنا.

أدرس وأكتب عن سلوك المنظمات الدولية غير الحكومية، ودورها منذ زمن طويل، التي تطورت عبر الزمن، وبالذات الهيئات الرياضية، إلى درجة أنها أصبحت أقوى في قراراتها من الدول ذات السيادة، وأن كل ما يستطيع فعله الوفد المفاوض هو عرض حججه، واقتناع الهيئة الدولية بتلك الحجج.

وبغض النظر عن أن العديد من تلك الهيئات الدولية الرياضية ينخرها الفساد، إلا أن قرارها نافذ وبات نهائيّاً، ومن غير المجدي الاحتجاج بالسيادة، فالقوانين الدولية في هذه الحالة صارت أقوى من سيادة الدول، وهو تطور مهم في سياق العلاقات الدولية.

لديَّ قائمة طويلة من حالات الإيقاف لدول متنوعة ومتعددة، منها العراق كدولة قريبة منا لعدة مرات، وغيرها، وكان آخرها إسرائيل التي كان مقرراً إيقاف نشاطها الرياضي في مايو/ أيار الماضي، وتم تأجيله إلى حين تعديل السلوك العنصري التمييزي ضد الفلسطينيين العرب في الرياضة، واحتدم الأمر بعد مباراة لفريق إسرائيلي في بلجيكا قامت خلالها مجموعة «لافاميليا» الإسرائيلية المتطرفة بنشر عبارات عنصرية.

مكافحة العنصرية رياضيّاً كانت النقطة التي بدأ فيها سقوط النظام العنصري في جنوب إفريقيا. وقد كانت مقاطعة وتجميد الفرق الرياضية من أنجح المناشط الدولية ضد العنصرية. وفي إطار القضاء على التمييز، كسبت الهيئات الرياضية الدولية مشروعية أخلاقية تتفوق فيها على الدول ذات السيادة.

أما بالنسبة إلينا فالمسألة في جانبها الأوسع تطرح تساؤلاً منطقيّاً، ماذا لو كان الذي اشتكى على الكويت شخصاً عاديّاً؟ هل كانت المسألة ستمر مرور الكرام؟ وهل كان سيكتفى باعتذار علني، وفي المقابل يتم سجن أشخاص لمجرد تلفظهم بكلمات غير ملائمة، أو (تويتة)، تعتبر مسيئة؟ ربما كانت الإجابة الجادة تعفينا من وفود غادية ووفود راجعة، ولربما كنا نتفرغ أكثر لمعالجة الحالة المتدهورة للرياضة، وكيفية إخراجها من مأزقها، الذي هو ليس إلا انعكاساً للحالة العامة في البلاد، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

إقرأ أيضا لـ "غانم النجار"

العدد 4801 - الخميس 29 أكتوبر 2015م الموافق 15 محرم 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً