العدد 4801 - الخميس 29 أكتوبر 2015م الموافق 15 محرم 1437هـ

التربية منهج بناء السلوك البشري والتنمية المستدامة

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

يتفق الخبراء والمختصون والباحثون في العلوم التربوية على أن التربية منهج وعنصر مهم وقيمة اجتماعية وأداة فعلية في تحسين السلوك الفردي والمجتمعي وبناء ثقافة المفاهيم القويمة في العلاقة مع معالم النظم البيئية والثروات البيئية.

والتربية كمنهج علمي تُمثل مختبراً للإبداع، إذ يجرى في إطار منهجيات معالجاتها لمفاصل محددات حقائق التطور التاريخي للمجتمعات البشرية، تشخيص القيم والمبادى والمفاهيم الثقافية ومناهج بناء السلوك البشري.

والتربية تمثل منهجاً وأداة تكوين الاتجاهات وبناء اسس المسئولية الأخلاقية للفرد والمجتمع وذلك مطلب مهم لإحداث التحول النوعي في جوهر مضامين السلوك الاجتماعي.

صناعة القيم والاتجاهات ومبادئ المسئولية الأخلاقية في العلاقة مع معالم النظام البيئي عملية متداخلة الاتجاهات في بناء مقومات التربية البيئية وتتعزز مقومات هذه المنظومة التربوية بالارتكاز على منهج بناء مدركات الفرد والمجتمع بشأن أثر المخاطر على الأمن البيئي للمجتمع، وتجرى معالجة مفاصل محددات تلك المعادلة في كتاب «الإدراك وعلاقته بتكوين الاتجاهات الإيجابية نحو البيئة» للباحثين علي عسكر ومحمد الأنصاري ضمن سلسلة قضايا بيئية - اصدار جمعية البيئة الكويتية. وبالتوافق مع ذلك فان تعمق مدركات الانسان للمخاطر يساهم في بناء الاتجاهات البيئية للفرد والمجتمع وتمثل مدخلاً مهمّاً في الارتقاء بمفاهيم القيم التربوية، ذلك ما يجرى تشخيصه في كتاب «الاتجاهات البيئية» للباحثين محمد سعيد صابريني وشفيق فلاح حسان ضمن سلسلة قضايا بيئية - اصدار جمعية البيئة الكويتية.

كما أن فهم محددات مسيرة تطور المجتمعات البشرية وما انتجته من قيم وأسس للمسئولية الاخلاقية في تنظيم العلاقة بين الانسان والبيئة، من الطبيعي ان يدرك المجتمع الحقيقة التي يجرى التأكيد عليها في كتاب «تنمية أخلاقيات البيئة» للباحث عبد المسيح سمعان ضمن سلسلة قضايا بيئية - اصدار جمعية البيئة الكويتية، وتشير الى انه «عندما تفرض أخلاقيات البيئة قيوداً على السلوك الإنساني تجاه البيئة فلا يعني ذلك أنها تمنع الإنسان من استخدام الموارد الطبيعية بأنواعها المختلفة، بل تعني استخدام الموارد بشكل رشيد وبرؤية مستدامة حفاظاً عليها للأجيال القادمة».

المجتمع الدولي وضع التربية البيئية في مقدمة أولويات مشروعه البيئي ويشخص كتاب «التربية البيئية» للباحثين بشير محمد عربيات وأيمن سليمان، المحطات الرئيسية التي مر بها تطور التربية البيئية في تاريخها المعاصر، وتتمثل في «الاعتراف بدور التربية البيئية في حماية البيئة في مؤتمر ستوكهولم 1972، ووضع إطار شامل للتربية البيئية وتحديد أسس العمل في مجالها في مؤتمر برغراد 1975، ووضع مبادئ وتوجهات للتربية البيئية في مؤتمر تبليس 1977، ووضع استراتيجية عالمية للتربية البيئية في مؤتمر موسكو 1987، والـتأكيد على إعادة تكييف التربية البيئية ناحية التنمية المستدامة وزيادة الوعي البيئي العام، وتعزيز برامج التدريب البيئي في مؤتمر ريودوجانيرو 1992).

الأهمية الاستراتيجية للتربية في بناء السلوك البشري والتنمية المستدامة جعلها تكون محط اهتمام العلوم التربوية والعمل على تشخيص مضمون جوهر مفهوم التربية كمنهج تعليمي متداخل الفروع، والتربية البيئية تشكل احد الفروع المهمة في علم التربية الحديث وتحظى بجل اهتمام الخبراء والباحثين وذلك نظراً إلى ما تمثله قضايا البيئة من أهمية في منظومة الأمن الانساني.

كتاب «المعيشة في البيئة - كتاب مرجع للتربية البيئية» من البحوث العلمية المهمة في علم التربية البيئية، وقام باعداده فريق من المربين والعلماء البارزين في جمهورية أوكرانيا في الاتحاد السوفياتي السابق ويمثل جزءاً من نشاطات البرنامج الدولي للتربية البيئية (IEEP)، الذي نظمته اليونسكو بالتعاون مع منظمة الامم المتحدة للبيئة (UNEP).

يشخص الكتاب مفاصل محددات مناهج التربية البيئية ويحتوي معلومات مفيدة للأكاديميين والمخططين التربويين والمعلمين، ويُجرى التأكيد في معالجاته على أن «التربية البيئية عملية أساسية، يتمكن الاشخاص من خلالها (الجيل الحالي، والجيل القادم)، وفي جميع مراحل التعليم، من أن يكونوا أكثر إدراكاً وإهتماماً بالبيئة ومشكلاتها، ويكتسبوا المعرفة والمهارات، والتصميم على حل هذه المشكلات».

ويضيف «إنها العملية التي تمكننا من اكتساب المعرفة، والوعي بطبيعة البيئة المعقدة، التي نشكل نحن جزءاً منها، وتمكننا أيضاً من تثمين وتقدير اعتماد البشرية عليها، ومسئوليتها عن هذه البيئة. إنها الوسيلة للتوصل إلى أهداف إدارة البيئة».

التربية البيئية معادلة متداخلة الوظائف والمهام والأهداف وتدخل في جوهر منظومتها مجموعة من العناصر المهمة، وتمثل الأسرة القيمة الفعلية في المنظومة التربوية، اذ يتعلم الطفل ابجديات السلوك والقيم والمبادئ القويمة في تنظيم علاقته مع البيئة واسس استهلاكه للرأسمال الاكيولوجي والمفاهيم القيمية في الحفاظ على نظافة المحيط البيئي للانسان، وتُبنى المفاهيم والقيم السلوكية للفرد بالاعتماد على منهج التوضيح والارشاد والتعويد على الممارسة الصحيحة بشكل متواتر، حتى تصير تقليداً في سلوك وممارسات الفرد والمجتمع، وتتداخل في انجاز أهداف التربية البيئية وفق منهج التدرج في طرق التعليم وبناء المعارف والقيم البيئية، الحضانة والمدرسة والجامعة، الى جانب المؤثرات الاخرى التي يمكن حصرها في الخطاب الديني والرسالة الاعلامية المتنوعة في طبيعة مناهجها لتعميم ثقافة العلاقة الرشيدة مع معالم النظام البيئي والحفاظ على نقاء ونظافة المحيط البيئي للانسان.

بناء مؤسسات التربية البيئية في حاجة إلى أن تتولى السلطة البيئة المختصة بناء شراكة مؤسسة، متنوعة الاطياف المؤسسية والمجتمعية لصياغة معايير وثيقة خارطة الطريق التوجيهية للتمكن من إنجاز أهداف بناء السلوك البشري والتنمية المستدامة.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4801 - الخميس 29 أكتوبر 2015م الموافق 15 محرم 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 11:18 ص

      جزاك الله خير

      اذا المدير مايعرف عن البيئة فطبيعي بكون مثال يحتذى به الى الجيل القادم

    • زائر 3 | 4:00 ص

      استاذ ابراهيم تعال شوف مدير اليرموك

      جايبين لعيالنا مدير خذ مواصفات ادأئه التاخر الصباحي عدم حضور الطابور الصباحي ،الجلوس في مكتبه لساعات طويله وتوزيع عمله على المعلمين حاط ارجول على ارجول شغلته يتصيد في الماء العكر يثبط ويحبط الكفاءات دمر المدرسة تدمير من الزين لا وعفيه على مسئولين الوزراة غاضين الطرف عنه. بذمتك اي سلوك واي تربية بتتطور وهاي مدرائنا.

    • زائر 2 | 3:51 ص

      استاذي اذا كان ربان السفينه ظرف خلي مثالا مدير مدرسة اليرموك

      اي تربية واي سلوك بيتطور ومدير مدرسة اليرموك ظرف خلي بمعنى الكلمه وقد شهد البعيد،والقريب على عدم كفائته. وينكم ياوزراة اولادنا امانه فلا تسلموها من ليس اهلا لها.

اقرأ ايضاً