العدد 4812 - الإثنين 09 نوفمبر 2015م الموافق 26 محرم 1437هـ

أعلام في التسامح والسّلام...جمعيّة البحرين النسائيّة

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

طويلاً ما جرى تصنيف المرأة ضمن الفئات «الهشّة» في المجتمع سواء استناداً إلى عوامل بيولوجيّة أو ثقافيّة. ورغم ذلك لم تدّخر المرأة جهداً لتساهم، وبدور فعّال، في أمّهات القضايا الحارقة في العالم وأهمّها إحلال السلام ونبذ العنف والكراهية، وذلك من خلال النشاط ضمن جمعيات واتحادات نسائية دولية ووطنية ومحلية. وقد نادت مؤتمرات النساء للسلام منذ أكثر من قرن إلى إزالة كافّة أنواع التمييز على أساس اللّون أو العرق أو الجنس، وإلى تفعيل دور المرأة لدعم السلام وحلّ النزاعات.

وقد سبق وأن تَقدَّم اتحاد النساء العالمي للسلام بعدة مقترحات داعمة للسلام وإنهاء الحروب، وكانت جمعية البحرين النسائية للتنمية الإنسانية سبّاقة على مستوى المنطقة في بعث برامج وتنفيذ فعاليّات تساهم من خلالها في تنفيذ توصيات تلك المؤتمرات وخاصّة تفعيل دور المرأة لدعم السّلام ونبذ العنف والكراهيّة، ولعلّ ذلك ما دفعنا إلى اختيار هذه الجمعية العريقة نموذجاً لأعلام في التسامح والسلام.

تأسّست جمعية البحرين النسائية، في التاسع من يوليو/ تموز لسنة 2001م، مؤمنةً بأنّ التنمية الإنسانية هي طريق الارتقاء والنّماء، وقد لخّصت الجمعية رؤيتها في «تمكين كوادر قائدة في مسيرة التنمية الإنسانية»، وأمّا طموحاتها فواسعة لكنّها تكاد تتمحور حول «المساهمة في نشر وتنمية الوعي في المجتمع بالمفاهيم المواكبة لروح الحضارة الإنسانية». وقد جعلت هذه الجمعية من تعزيز السلام هدفا جوهريا لنشاطها حيث جاء في المادة (8) البند(3) أنّ من أهداف الجمعيّة «نشر ثقافة السلام وتعزيز دور النساء في عمليّات صنع وبناء السلام». ويتكامل هذا الهدف مع البند (11) والهادف إلى «غرس ثقافة السلام مع النفس والآخر والطبيعة لبناء مجتمعٍ يسوده الاحترام والتسامح والتعاون».

وتُولي الجمعيةُ الطفلَ والمراهق، إلى جانب المرأة، اهتماما كبيرا حيث جعلت من أهدافها بناء شخصية الطفل والمراهق وفق القيم الإنسانية، وتعزيز التفاعل الإنساني مع الآخر المختلف كما أنّ تنمية الحسّ البيئي والتوعية بمفهوم «المواطنة الكونية» عبر الاهتمام بالقضايا البيئيّة العالميّة يُعتبر من الأهداف الملحّة لهذه الجمعية، إضافة إلى تعزيز دور المواطن في الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية للإسهام في تحقيق التنمية المستدامة.

ولتحقيق هذه الأهداف تقوم الجمعية بتنفيذ عددٍ من البرامج يتجلّى معها الدور المهمّ الذي تنهض به جمعيّة البحرين النسائيّة في ترسيخ ثقافة السلام. ومن أهم هذه المشاريع مشروع (المرأة حاضنة السلام) الذي يهدف إلى نشر ثقافة السلام، ومفهوم «السلام الداخلي»، والتنشئة الأسرية وفق قيم السلام، وتمكين المرأة وبناء قدراتها المعرفية والإدارية لتعزيز دورها الفاعل في بناء وحفظ السلام. ومن أواخر فعاليّاتها على مستوى المنطقة، وضمن مشروعها (المرأة حاضنة السلام)، نفّذت جمعية البحرين النسائية أواخر شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي ورشة تدريبية مكثّفة لمجموعة من النساء القياديّات في المجتمع في دولة الكويت الشقيق حول قرار مجلس الأمن 1325 ودور النساء في تحقيق السلام، باعتبار أنّ هذا القرار هو أول قرار من نوعه يتخذه مجلس الأمن لمعالجة الأثر غير المتناسب والفريد للنزاع المسلح على المرأة.

كما أطلقت الجمعية دليلاً تدريبياً متخصّصاً لفئة الشباب من الجنسين بعنوان (السلام المستدام، من الداخل إلى الخارج)، من أجل مساعدة المدربين في مجال نشر ثقافة السلام وقد تناول الدليل ثلاثة محاور رئيسية، تبدأ بالتعريف بثقافة السلام ومفهوم السلام الداخلي، ثمّ مناقشة كيفية ممارسة السلام في حياتنا، وينتهي باستعراض طرق وآليات نشر السلام. وتستعد الجمعية في القريب العاجل لتنفيذ ورش تدريبية أخرى حول ثقافة التسامح في المجتمع.

وتحت شعار «نعمل معاً لعالمٍ آمن من الاعتداء على الأطفال، مليء بالحب، يطمح للسلام» أطلقت الجمعية في العام 2013 برنامجها الرائد «كن حرّاً»، ومن بين مشاريعه الناجحة مشروع (القادة الشباب للسلام) الذي يهدف إلى بناء شباب يؤمنون بالسلام ويَتبنَّوْنَه في حياتهم اليومية، ويكون محفزاً للسلام بين أصدقائهم وزملائهم ومجتمعهم. ويعمل المشروع مع فئة الشباب الصغار بين 14-17 سنة. وهو ينقسم إلى ثلاثة مستويات متتالية: المستوى الأول يساهم في تعريف الشباب بمعنى السلام وبناء السلام الداخلي، والثاني يساهم في مساعدة الشباب في العمل على بناء الثقة واختيار حلول مبنية على القيم الإنسانية، والمستوى الثالث يساهم في اكتساب مهارات التواصل مع الآخرين من أجل السلام وزرع بذوره في العلاقات والمجتمع. وقد فاز برنامج (كن حرّاً) مؤخراً بالمركز الثاني في جائزة سمو الشيخ عيسى بن علي آل خليفة لأفضل مشروع تطوعي، والتي تنظمها جمعية الكلمة الطيبة بالتعاون مع الاتحاد العربي للعمل التطوعيّ.

إضافة إلى ذلك يتوفّر نشاط جمعية البحرين النسائية للتنمية الإنسانية على العديد من البرامج الأخرى الداعمة لثقافة السلام والمواطنة الكونية والتنمية المستدامة منها برنامج (انطلاقة امرأة)، وبرنامج (روافد التنمية) وبرنامج (المواطنة البيئية).

وتقديراً لهذه الجهود المتنوعة، حصلت الجمعية على الصفة الاستشارية من قِبَل المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة في العام 2007م، كما حصلت جائزة اليونسيف للإعلام الإقليمي حول حقوق الطفل في نوفمبر/ تشرين الثاني 2010، وجائزة الشباب من أجل التنمية في سبتمبر/ أيلول 2005 في مجالات البيئة والتنمية والسلام.

إنّ تنامي العنف ونبذ التعايش في مجتمعاتنا العربية المسلمة خاصة، هو نتيجة منطقية لهيمنة «الرجل» على صناعة الفكر سواء أكان رجل دين أم رجل سياسة أم رجل ثقافة. ولعلّ أنصار ثقافة العنف والكراهية والطائفية هم أنفسهم أيضاً من يروّج لتقليص دور المرأة وتهميش حقوقها وحصر وظائفها الاجتماعية. وعليه فإن تمكين المرأة ودعم دورها الريادي بالمشاركة الإيجابية في صناعة السلام ونشر ثقافة التسامح والمواطنة يغدو من الضرورات الملحة قبل ساعة الندمِ.

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 4812 - الإثنين 09 نوفمبر 2015م الموافق 26 محرم 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 22 | 3:25 م

      برامج البحرين النسائية

      ورش الاطفال التي يقدمها برنامج كن حرا في الجمعية ممتازة ومهمة جداً

    • زائر 20 | 2:24 م

      جمعية البحرين النسائية

      مقال ممتاز واتفق معك فأبني استفاد كثيرا من برامج كن حرا الله يبارك جهودهم

    • زائر 17 | 1:29 م

      ورش الاطفال

      استفادت ابنتي من ورش الاطفال وتعلمت التفكير الايجابي والانشراح والثقة بالنفس

    • زائر 19 زائر 17 | 2:03 م

      جمعية مميزة

      من خلال زيارة موقع - جمعية البحرين النسائية الجمعية معنية بالتنمية الانسانية في وقت احوج ما يكون المجتمع والعالم بحاجة لهذان العنصران

    • زائر 9 | 6:44 ص

      البحرين النسائية

      برامجهم نوعية ومميزة انصح الجميع بها

    • زائر 21 زائر 9 | 3:04 م

      جمعية البحرين النسائيه

      رقي المجتمع يبدأ من المرأة ..القائدة، المربية، الأم .. الانسانه...

    • زائر 8 | 6:41 ص

      البحرين النسائية

      برامجهم نوعية ومميزة انصح الجميع بها

    • زائر 4 | 3:33 م

      أعلام في التسامح والسّلام...جمعيّة البحرين النسائيّة

      والله زين تكتب عن جمعيه نسائية بحرينيه شكرا

    • زائر 1 | 11:28 م

      سلام...سلام

      نعمل معاً لعالمٍ آمن من الاعتداء على الأطفال، مليء بالحب، يطمح للسلام»

اقرأ ايضاً