العدد 4819 - الإثنين 16 نوفمبر 2015م الموافق 03 صفر 1437هـ

أعلام في التسامح والسلام... نادي صُنّاع السلام بحضرموت

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

أطلّ عليكم بمقالي يوما واحدا بعد إحياء يوم التسامح الدولي (16 من نوفمبر/ تشرين الثاني)، أطلّ وفي القلب لوعة ممّا حصل ويحصل، وآخره ما حدث في العاصمة الفرنسية؛ يا للأسف موجة جديدة من العنف تضرب باريس يذهب ضحيّتها القريب والبعيد. ومرّة أخرى يتبنّى تنظيم الدولة مفتخرا ما حدث في حق الأبرياء! مرّة أخرى يسألني ابني الصغير، ذو العشر سنوات، لماذا يقتل «المسلمون» الناس؟ فماذا عساي أجيب؟

«لا للاستسلام» سأجيب، وأضيف «نعم للسلام»، وأواصل البحث أكثر فأكثر عن أعلام في التسامح والسلام، عن مبادرات السلام لا سيما منها تلك النابعة من بلادنا العربية، ممّن اكتوى بنار العنف والكراهية والمذهبية المقيتة، من قلب المحن والفتن المميتة! نعم لفت انتباهي، في هذا الجو المكهرب المسلح الملطخ بدماء العنف والكراهية، مبادرة أهلية تأتي من اليمن الشقيق وتحديدا من مربض الحضارة من حضرموت، نعم هو نادي صنّاع السلام عَلَم من أعلام التسامح والسلام.

ليس غريبا البحث عن أعلام في التسامح والسلام في اليمن الشقيق، فقد أنجبت هذه الأرض الطيبة المعطاء العديد من الشخصيات التي كانت لها بصمات في نشر ثقافة السلام والمصالحة، وخاصة أن اليمن كثيرا ما كان عرضة للشقاق والصراعات القبليّة والمذهبيّة... وأذكر على سبيل الذكر لا الحصر شخصيّة العلامة السيد عمر بن محمد بن حفيظ، عميد دار المصطفى للدراسات الإسلامية الذي كرمته، سنة 2003م، منظمة دار السلام الاجتماعية الثقافية بوسام رجل السلام، والتسامح في اليمن، وذلك لدوره المهمّ، والبارز في تعميق، وغرس ثقافة التسامح والسلام، ونشر قيم الفضيلة، وتجسيد عالمية الإسلام، وتسامحه مع الآخرين باعتباره صاحب سبق للدعوة العالمية اليوم لحوار الحضارات، ولعلّ هذه الشخصية تستحقّ أن نُفرد لها مقالا مستقلا.

نعم، هذا اليمن الذي بالأمس البعيد وحتى القريب كان سعيدا، وإن شاء الله يعود كذلك، تنشط فيه جمعيات أهلية نشأ البعض منها قبل 2011 وتأسس بعضها مؤخرا مع استفحال الصراع في اليمن. ومن بين هذه الجمعيات الراعية للسلام نادي صناع السلام بحضرموت الذي تم تأسيسه وانتخاب هيئته الإدارية ضمن مخرجات الدورة التدريبية الخاصة حول إدارة النزاعات وحملات المناصرة، والتي تأتي تحت إطار مشروع «مناهضة العنف وحماية المدنيين من النزاعات المسلحة»، الذي نُفِّذ بمحافظة حضرموت في شهري أكتوبر ونوفمبر من هذا العام، وتهدف من خلاله إلى خلق ثقافة مناهضة للعنف الناتج عن الصراعات والنزاعات والحد من وقوع المدنيّين كضحايا لتلك النزاعات والصراعات، والتخفيف من أثرها في إعاقة عملية التنمية. وتصبّ أهداف هذا النادي في نشر وترسيخ مبادئ ثقافة السلام والتسامح والتعايش في المجتمع والتوعية والارتقاء بالمجتمع في تحقيق نهضة تنموية؛ وقد جاء على لسان رئيس النادي المقدم أحمد بن عبادة «نسعى جاهدين للتشارك مع منظمات المجتمع المدني ذات الصلة والمبادرات الشبابية وكذا السلطة المحلية وقد حققنا مسعانا».

ولا تكمن أهمية هذا النادي في قدرته على بعث فروع له بالعديد من مناطق ومديريات حضرموت فقط، وإنما أيضا في قدرته على مخاطبة الشباب والتغلغل بأنشطته في المدارس: حيث أطلق نادي صناع السلام بمديرية سيئون بالشراكة مع مؤسسة الشباب الديمقراطي وبالتعاون مع GIZ (الوكالة الألمانية للتعاون الدولي) «برنامج الحكم الرشيد» حملة مناصرة تحت عنوان (اختلافنا أحلى) والتي تهدف إلى نشر السلام والحوار وقبول الآخر، وقد قام أعضاء الحملة بمشاركة عدد من الفرق التطوعية بعدة نشاطات في عدد من المدارس، إضافة إلى عمل ندوتين تحسيسيتين بعنوان السلام والتعايش والعمل التطوعيّ ودوره في المجتمع، ضمن فعاليات مبادرة (اختلافنا احلى). وفي هذا تكمن قدرة هذا العمل على النفاذ إلى الناشئة حيث نزل نادي صناع السلام إلى المدارس أين تُبنى العقول وكذلك الأجسام، لذلك مازجت الفعاليات بين الفكري والرياضي، فقد تم تنظيم مباراة في كرة القدم حملت رسالة حب وسلام بين اللاعبين، كما شارك براعم الفريقين في إيصال رسالة السلام بلقاء استعراضي في كرة القدم بين الشوطين حاملين شعار الحملة (اختلافنا أحلى) وما أجمله من شعار!

لقد كان لأبناء اليمن عموما وحضرموت خصوصا، ولا يزال، دور في الريادة في صناعة السلام ونشره وهو ما يجعل حضرموت نموذجا للسلم العام، فيها تلتقي جهود التكاتف والتعاون لغرس ثقافة السلام والتعايش بسلام. ولعل كل محافظات اليمن، بل وكل البلاد العربية الإسلامية بحاجة إلى مثل هذه المبادرات حتى يصير التسامح حقيقة واقعية لا نظريات في الكتب والمكاتب.

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 4819 - الإثنين 16 نوفمبر 2015م الموافق 03 صفر 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 4:12 م

      لا للاستسلام»

      لا للاستسلام» سأجيب، وأضيف «نعم للسلام»، وأواصل البحث أكثر فأكثر عن أعلام في التسامح والسلام، عن مبادرات السلام لا سيما منها تلك النابعة من بلادنا العربية، ممّن اكتوى بنار العنف والكراهية والمذهبية المقيتة، من قلب المحن والفتن المميتة

    • زائر 1 | 11:17 م

      أحسنت...يمني وأفتخر

      لقد كان لأبناء اليمن عموما وحضرموت خصوصا، ولا يزال، دور في الريادة في صناعة السلام ونشره وهو ما يجعل حضرموت نموذجا للسلم العام، فيها تلتقي جهود التكاتف والتعاون لغرس ثقافة السلام والتعايش بسلام. ولعل كل محافظات اليمن، بل وكل البلاد العربية الإسلامية بحاجة إلى مثل هذه المبادرات حتى يصير التسامح حقيقة واقعية لا نظريات في الكتب والمكاتب.

اقرأ ايضاً