العدد 4829 - الخميس 26 نوفمبر 2015م الموافق 13 صفر 1437هـ

سورية في عيون الشعب العربي

علي محمد فخرو comments [at] alwasatnews.com

مفكر بحريني

نحن الشعب العربي، المنتمي للوطن العربي الكبير ولأمته العربية الواحدة، لا ولن نقبل بالنظرة التي تختزل مستقبل القطر العربي السوري في هزيمة داعش وفي تفاصيل تقرير مصير رئاسة الدولة.

هذا ما تطرحه قوى التآمر الخارجي وقوى العبث والحماقات الداخلية، وهذا ما يجب رفضه وتخطًّيه إلى النظرة العروبية والقومية المعاضدة بدون أيُ تحفَّظ لشعب سورية الرائع ليخرج من محنته وليعاود لعب أدواره المبهرة المركزية في ساحات كلّ نضالات أمته من أجل التحرير والنهوض والبناء الحضاري.

النظرة القومية تلك تضع في مقدّمة الثوابت وفي قمة الأولويات المعايير المفصلية التالية، والتي يجب أن تحكم كل الحلول المطروحة لإخراج سورية وشعبها من الوحل الذي أرادها المتآمرون الكثيرون أن تغوص فيه.

أولاً: لنذكّر أنفسنا بأن سورية ليست قطراً عربياً عادياً، فالدور الذي لعبته في تاريخ وحاضر العرب كان أساسياً وقيادياً، ففي عاصمتها دمشق، وهي من أقدم مدن العالم قاطبة، تطوّر وترسّخ الدور العربي القيادي في حمل رسالة نبي الإسلام محمد (ص) ونشرها في أصقاع العالم، ومنها انبثقت تجربة لقيام مثال فريد للحكم العادل العفيف على يد الخليفة الراشدي الخامس عمر بن عبدالعزيز، وإبّان ألقها بدأت حركة الترجمة والانفتاح على الآخر والتعريب ومأسسة الإدارة المدنية وتطوير الطّراز المعماري الإسلامي الجميل.

وبالتالي فان بقاء دمشق كحاضنة وعاصمة عربية لاستمرار ذاكرة وتاريخ الأمة العربية في الحاضر والمستقبل يجب أن يشير إلى عدم التنازل قط عن وحدة الوطن العربي السوري، أرضاً وشعباً ومجتمعاً وحكماً ومصيراً ودوراً عربياً متميزاً في حمل رسالتي العروبة والإسلام.

ثانياً: ومثلما كانت الأرض العربية السورية منارة مشعة في التاريخ فإنها أيضاً أضاءت حاضر الأمة، فشعب سورية أعطى المثل في كفاح كل مكوناته، ودون استثناء، ضدُ الاستعمار الفرنسي، وشعب سورية العربي، بتميز مذهل، خرجت ملايينه في خمسينات القرن الماضي تطالب بوحدة قطري سورية ومصر، ومن ثمُ وحدة العرب.

وماكان ذلك بغريب على مجتمع ظهرت فيه وعلى أيدي أبنائه أول حركة قومية وحدوية عصرية، في الفكر والأهداف والتنظيم والنضال والقفز فوق الحدود المصطنعة التي خلقها الاستعمار وتمسكت بها قوى التجزئة العربية.

وبسبب تلك الروح العروبية الوحدوية الصافية في الروح والوجدان والعقل السوري العربي ضحّى الشعب السوري بالغالي والرخيص ليقف كتفاً بكتف مع قلب العروبة، مصر، في كل مواجهة وحرب ضد الجيوش البربرية الصهيونية وضد تدخلات دول الاستعمار، وليحتضن المقاومة الفلسطينية بكل أشكالها، وليدعم المقاومة اللبنانية ضد الصهيونية، وليفتح أبواب وطنه مشرعة لكل لاجئ أونازح أو طالب لجوء سياسي عربي، وليفتح جامعاته لكل طالب علم عربي أو طالبة علم عربية، ولينشر كتابة وغناءً وتمثيلاً ومسلسلات تلفزيونية ثقافة عروبية وحدوية مليئة بالأحلام الكبيرة وبالروح النضالية المتفائلة.

وعليه فمن أجل عدم انطفاء ذلك التوهُّج العروبي الحضاري في الأرض العربية السورية يجب أن تبقى دمشق عاصمة لكل العرب ويبقى الوطن العربي السوري موحداً، أرضاً وشعباً ومجتمعاً وحكماً ومصيراً ودوراً عربياً متميزاً في حمل رسالتي العروبة والإسلام والقيم الإنسانية الحضارية.

ثالثاً: بسبب تلك الإنجازات والأدوار، في التاريخ وفي الحاضر، وبسبب ذلك الوهج الذي أضاء على الدوام أرض سورية العربية، وليس بسبب ألاعيب ورغبات وأهداف هذه العاصمة الأجنبية أو تلك العربية، بسبب سورية تلك، في التاريخ والحاضر، يجب عدم السماح أن يسقط هذا القطر العربي المحوري في أيادي الجهاديين التكفيريين، من أعداء الإسلام المتسامح والعروبة الجامعة المتحضرة ومن ممارسي البربرية في الفكر وفي الفعل.

من أجل كل ذلك يجب أن لا ينتهي شعبه، كما يريده الأغراب والانتهازيون، إلى دخول سجون الخصومات الدينية أو المذهبية أو العرقية والثقافية أو السياسية، وبالتالي دخول جحيم التجزئة والمحاصصات والولاءات لهذه العاصمة الأجنبية أو تلك العربية.

نحن الشعب العربي نريد لسورية العربية المذهلة، كما كانت المثال المتألق في الماضي والعصر الحاضر، أن تصبح مثالاً متألقاً في المستقبل من خلال انتقالها إلى أن تكون مجتمع التعايش السلمي تحت ظلال الحرية والديمقراطية العادلة والتعددية السياسية وتبادل السلطة والمواطنة المتساوية، وذلك من أجل أن تستمر في حمل رسالاتها، وفي مقدمتها رسالة العروبة الوحدوية للوطن العربي الكبير ولأمة العرب الواحدة.

ذاك الإنسان العربي السوري المذهل في ألق حيوية روحه وإرادته يستطيع أن يفعل ذلك، ويقيناً سيفعل، ولن يحتاج للمتخلفين أن يُعطوه الدروس ولا للطامعين أن يدلُّوه على الطريق.

إقرأ أيضا لـ "علي محمد فخرو"

العدد 4829 - الخميس 26 نوفمبر 2015م الموافق 13 صفر 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 2:26 م

      كلام حق

      الأستاذ النبيل على فخرو .. شكراً لكل كلمة كتبتها .. كلام حق في زمن أصبح فيه الصمت يوازي القتل.. شكراً للضمير الحي فيك والوجدان الصادق..فما قلت إلا الحق.. وأود أن أضيف على ماقلت بأن كل إنسان نببل هو في عيون سورية.. وستبقى هذا السورية مرفوعة الجبين وأبية وستبقى نبض العروبة فهي لم تتخلى عن رسالتها حتى وهي موجوعة، وخصوصاً من الأقربين. سلمت

    • زائر 8 | 2:33 ص

      احم احم

      مشكلة سوريا هي مشكلة العرب والاعلام العربي في ما يحدث في سوريا لازم يعترف العرب بان هناك موجة من الفوضى اجتاحت العالم العربي ؟ في سوريا بالتحديد لازم يكون العفو والتسامح هو سيد الموقف للوصول الى وهذا ما يتحقق اللا بقطع يد جبهة النصره وداعش ومن تحالف وعمل معهم
      بعده اعتقد ممكن لكل الاطراف التحاور والتوصل لحل ؟ سوريا والمنطقة في وضع حرج بسبب العنف والهجرة باعداد طفح البحر من لفظ رقم محدد لها ولهذا السبب لازم اتكون هناك حلول مؤقته لوقف العنف في الوقت القريب وحل دائم للامد البعيد

    • زائر 7 | 1:11 ص

      مؤامرة

      المؤامرة الصهيوامريكية على سوريا واضحة، لو تتدخل امريكا واسرائيل في الشأن السوري كان من الممكن أن نفض بغض الطرف، أما وهذا الحال فبات التدخل العربي العميل مشبوها، أجندة و سطرت بنودها و مؤامرة حبكت خيوطها دفع ضريبتها المواطن السوري المناضل الأبي والشارع العربي المحتار، أما دعاة التطرف أو كل من له فكر مغاير فهذا لا مناص منه،

    • زائر 6 | 1:08 ص

      قائدان

      قائدان لامعان في زمن الاقزام والمخوخ الضيقه هما اسد الشام البطل بشار الاسد واسد روسيا البطل فلاديمير بوتيين

    • زائر 5 | 12:45 ص

      الشعب العربي السوري

      سينتصر الشعب العربي السوري في النهاية على بشار المجرم و على كل المليشيات الطائفية الايرانية و اللبنانية و العراقية و لن يهزم داعش الا أهل المنطقة الأصليين و ليس الروس

    • زائر 4 | 12:43 ص

      البعث الطائفي

      اي عروبة تتكلم عنها يا دكتور العروبة التي جعلت حافظ الأسد يقف مع الخميني ضد العراق العربي ام العروبة التي جعلت بشار يسلم سوريا لاعداء العروبة و الاسلام الإيرانيين

    • زائر 3 | 12:38 ص

      لأنها سوريا العروبة ركّزّوا عليها

      لا ننكر الفساد في النظام السوري ولكنه ليس الأسوأ عربيا وليس الأظلم عربية انما هو النظام الأكثر ممانعة للتطبيع مع العدو الصهيوني لذلك كل ما يحصل بسبب ممانعة النظام للتطبيع مع اسرائيل

    • زائر 2 | 11:12 م

      قبل 6أو7سنوات

      قالوا الأمريكان والغربيين ودول رجعية عربية للأسد إترك دعم الفصائل الفلسطينية المقاومة واللبنانية المقاومة وعيش إمآمن فرفض التميبع والإنصياع.

    • زائر 1 | 9:41 م

      صقر الخليج

      قول حق الأسد هذا الكلام

اقرأ ايضاً