العدد 483 - الخميس 01 يناير 2004م الموافق 08 ذي القعدة 1424هـ

الدبلوماسية الأميركية ومنهج التصالح مع معارضي الحرب

اعتقال صدام نقطة لبداية التغيير بشأن العراق

عصام فاهم العامري comments [at] alwasatnews.com

.

حديث الكواليس في الاوساط القريبة من سلطة التحالف ومجلس الحكم الانتقالي في بغداد ينبئ بأن اعتقال صدام حسين يفتح مرحلة جديدة بالنسبة إلى الاميركيين والعراقيين والمجتمع الدولي بشأن المسألة العراقية.

وفي اطار الترتيبات المتعلقة بسلطة التحالف فقد عُيّن نائبان لبريمر من أجل ادارة افضل للبلاد: النائب الاول هو الدبلوماسي ريتشارد جونز الذي يجيد العربية وكان تولى في السنتين الاخيرتين منصب السفير الاميركي في الكويت، اما النائب الثاني فهو الجنرال جوزف كيلوغ الذي سيشرف على الشئون السياسية والاقتصادية للادارة الاميركية في العراق، كما تشمل مهماته انشاء قوى الأمن العراقية وضمان إعادة الحياة الى قطاعي النفط والكهرباء.

وعلى صعيد مجلس الحكم الانتقالي يجري الحديث عن توسيع المجلس بإضافة 4 اعضاء جدد للمجلس ممثلين لمدن سنية مثل تكريت والرمادي والموصل وديالى، وبالتالي امتصاص الشعور المتنامي لدى السنة في العراق بانهم «مستهدفون بالتهميش» بعد الاطاحة بالنظام السابق. والكلام عن «محاربة الطائفية» و«المصالحة الوطنية» الذي صار يتكرر من جانب اعضاء مجلس الحكم يدخل في سياق التمهيد الى اعتاب المرحلة الجديدة.

اما بخصوص المجتمع الدولي والمسألة العراقية، فالرئيس الأميركي جورج بوش، في مداخلته التي أعقبت القبض على صدام، أعلن أن يد بلاده الآن مبسوطة إلى جميع الدول التي اختلفت معها في وجهات النظر، في المرحلة السابقة من الحرب.

وفي تفسيرات احاديث الكواليس في بغداد لمنهج بوش التصالحي، فان الادارة الاميركية مقتنعة تماما بأن الخلافات القائمة في المجتمع الدولي بشأن المسألة العراقية لا علاقة لها على الاطلاق ببقاء صدام طليقا أو اعتقاله، وانما هي مرتبطة بشكل عميق بالسياسة الانفرادية التي اتبعتها واشنطن في معالجة وادارة المسألة العراقية. وكلام بوش عن اليد الممدودة سبقه معارضة جاءت على لسانه لإمكان دخول شركات الدول التي رفضت الإسهام في الحرب على العراق، في مشروعات إعادة إعمار هذا البلد. ولحق الكلام عن اليد الممدودة مهمة للمبعوث الرئاسي الاميركي جيمس بيكر لخفض أو تقليص أو حتى إلغاء الديون العراقية المستحقة للدول التي كانت في مقدمة شركاء العراق التجاريين في السابق والتي تعد من الدول المعارضة للحرب الاميركية على العراق، وهي روسيا وفرنسا والمانيا خصوصا.

وتتساءل احاديث الكواليس عن دوافع باريس وموسكو وبرلين من تقليص كبير لديونها على العراق ما لم تتضمن الدعوة التصالحية التي عبر عنها بوش على امكان ترسية عقود على شركات الدول التي تشطب ديون العراق من جانب، ومن جانب آخر على نزعة لتجاوز التفرد؛ بمعنى تغيير السياسة الأميركية الحالية في العراق والقائمة على التفرد؛ وبالتالي فإن ضمان المشاركة الدولية الفاعلة في اعادة اعمار العراق يجب ان يقابلها اشراك في المسئولية السياسية عن مستقبل العراق، بما يتضمنه ذلك من اعادة ضبط استخدام القوة من جانب الولايات المتحدة مستقبلا بما يتناسب مع الرؤى الاوروبية وليس فقط التطلعات الاميركية.

وتؤكد الاوساط المقربة من سلطة التحالف في العراق، ان بيكر استطاع بمهارته الدبلوماسية ان يوحي لمعارضي الحرب ان واشنطن وبعد ان وضعت يدها على «الرجل الخطر صدام»، فإنها تعلن حاجتها إلى حلفائها في مشاركتها المسئولية في العراق.

ويبدو ان الاوروبيين التقطوا الرسالة، وهذا واضح من التصريحات التي ادلى بها القادة الاوروبيون، ومن بينهم جاك شيراك الذي قال في معرض التعقيب على الوضع في العراق عقب الاعتقال ان الطريق قد يبدو مفتوحا امام مشاركة الناتو فيما يجري بالعراق، وهي مشاركة قال انه حتى فرنسا يمكن ان تساهم بها، على نحو ما يحدث في افغانستان.

وما يعزز الادراك بأن هناك تحولا اميركيا باتجاه مشاركة حقيقية من جانب المجتمع الدولي في رسم مستقبل العراق، اعلان الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان عن رغبته في زيارة العراق في العام الجديد، ودعوته الى اجراء مشاورات تتم مع مجلس الحكم، والولايات المتحدة عبر عقد اجتماع في نيويورك في 19 من الشهر الجاري، بعد ان أجرى عنان اتصالات تليفونية مع بوش، ومستشارته للأمن القومي كوندليزا رايس للتباحث بشأن هذا الاجتماع.

وتعرب الاوساط المقربة من سلطة التحالف في بغداد عن قناعتها من ان الادارة الاميركية مدركة تماما ان حظوظ الرئيس الأميركي في استثمار القبض على صدام في إعادة انتخابه لفترة رئاسية ثانية في اكتوبر/ تشرين الأول 2004 محدودة للغاية، وذلك لأن عملية الاعتقال تمت الآن وفي وقت مبكر جدا على موعد الانتخابات الرئاسية؛ وبالتالي فالادارة تريد ان تترجم هذا النصر الذي لا يتجاوز مستوى العلاقات العامة باتجاه إحداث تقدم دبلوماسي وسياسي يخرجها من مأزقها العراقي، واعتباره النقطة التي يتعين عليها البدء منها في عملية التغيير الشاملة، وعلى وجه التحديد سياستها في العراق.

وتوقعت هذه الاوساط أن تمضي واشنطن قدما في نقل السلطة الى العراقيين مع نهاية النصف الاول من العام الجديد، مع احتمال السماح بتعديل الاتفاق الموقع بين بريمر وجلال الطالباني في 15 اكتوبر الماضي على ضوء المطالب العراقية وباتجاه المشاركة الاوسع من جانب الامم المتحدة للاشراف على عملية نقل السلطة

العدد 483 - الخميس 01 يناير 2004م الموافق 08 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً