العدد 4864 - الخميس 31 ديسمبر 2015م الموافق 20 ربيع الاول 1437هـ

صون التنوع الحيوي في ثقافة السلوك البشري والتنمية المستدامة

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

يتفق الجميع على أن التنوع الحيوي قيمة إنسانية وحضارية ومنذ بدايات وجود اإنسان على البسيطة أدرك أن لهذه الثروة قيمة حيوية لاستمرار حياته وبقائه وتطوره، لذلك صار لها قيمة في الموروث الثقافي والقيمي للأقوام والأمم، وحظيت هذه الثروة بجل الاهتمام في عادات وتقاليد ومفاهيم سلوك الجماعات البشرية على اختلاف ثقافاتها وانتماءاتها العرقية والدينية أيضاً، وجسد ذلك الموروث الثقافي والقيمي مبادئ وأسساً واعية وعاقلة في مفاهيم العلاقة المجتمعية والسلوك البشري في شأن تنظيم استثمار هذا المورد الحيوي والمهم للأمن المعيشي والروحي والصحي للانسانية.

التنوع الحيوي في المرحلة المعاصرة لتطور المجتمع البشري هو أيضاً في محط اهتمامات المجتمع الدولي مع الاختلاف من حيث الجوهر في دوافع الاهتمام وطبيعة المحفزات التي ساهمت في تحريك سواكن الاهتمام الدولي في اتخاذ خطوات عملية لصون التنوع الحيوي بقصد الحفاظ على حقوق الاجيال في الاستفادة من هذا المصدر الاستراتيجي للحياة والبقاء والتطور الحضاري للمجتمع البشري، إذ إن العوامل المؤسسة لبناء قيم العلاقة القويمة مع منظومة التنوع الحيوي في العصور القديمة، كان وجودها نتيجة فعلية للظروف البيئية الصعبة وصعوبة الحصول على المتطلبات المعيشية ويمثل ذلك الواقع عنصراً رئيساً في تكون المبادئ الحكيمة للسلوك البشري البيئي، بيد أنه على النقيض من ذلك السلوك البشري غير الرشيد في استغلال موارد التنوع الحيوي والممارسات غير السديدة في العلاقة مع الموروث البيئي للإنسانية الذي تسبب في تدهور نظم البيئات الطبيعية يمثل العنصر المحرك والفعلي لنشاطات المجتمع الدولي في العمل على إصدار القرارات واستحداث المقاييس والمبادئ الدولية المؤُسَّسة والموجَّهة لبناء منظومة الحماية القانونية والإدارية للحد من حالة تدهور التنوع الحيوي.

البحرين من عناصر المجتمع الدولي التي أكدت حرصها في الاستجابة لتأكيد الامتثال للالتزامات الدولية في تبني سياسة مؤُسَّسة علمياً ومنهجياً بالارتكاز على مبدأ الشراكة المؤُسسية والاجتماعية لصون منظومة التنوع الحيوي وجعله في مقدمة أولويات المشاريع الحديثة للسياسات التنموية والبيئية في بلادنا، إذ إن المجلس الأعلى للبيئة تعزيزاً للنهج الاستراتيجي البيئي الذي تبنته البحرين ضمن منظومة العمل لتحديث المسار البيئي وبناء خارطة الطريق البيئية المؤُسسة علمياً في مناهج مسارات عملها لتحسين حالة البيئة في البلاد عمل وبدعم من مرفق البيئة العالمي (gef) وبرنامج الأمم المتحد للبيئة في غرب آسيا (UNEP) على تبني خطة عمل إعداد «مشروع تحديث الاستراتيجية وخطة العمل الوطنية للتنوع الحيوي» وجرى في سياق ذلك التوجه تنظيم أربع ورش عمل وطنية تخصصية في الفترة من اكتوبر/ تشرين الأول 2013م إلى ديسمبر/ كانون الاول 2015 وتعزيزا لذلك التوجه جرى تنظيم دورة تدريبية للمؤسسات الشريكة في انجاز المشروع في الفترة من 4 إلى 8 أكتوبر 2015 لإنشاء «آلية غرفة تبادل المعلومات (CHM) لدعم تنفيذ الخطة الاستراتيجية للتنوع الحيوي (2011-2020).

الجهود الموجهة لإعداد «مشروع تحديث الاستراتيجية وخطة العمل الوطنية للتنوع الحيوي» تُوجت بتنظيم ورشة عمل ختامية في 27 ديسمبر 2015م وتمحورت أهداف الورشة في مراجعة مسودة الاستراتيجية وخطة العمل الوطنية للتنوع الحيوي، ورسم الخطوات المستقبلية لتنفيذ الاستراتيجية وخطة العمل، وتضمن برنامج الورش عرضاً لخط سير عمل مشروع تحديث الاستراتيجية وخطة العمل الوطنية للتنوع الحيوي (2011-2015) وتشخيص الأهداف والمؤشرات الوطنية للحفاظ على التنوع الحيوي، واتجاهات تعبئة الموارد المالية للتنفيذ الاستراتيجي وخطة العمل الوطنية للعام 2016-2021م، وعرض مخرجات دراسة تعميم التنوع الحيوي في جميع القطاعات الوطنية، إلى جانب عرض خطة العمل الوطنية للتنوع الحيوي.

الشراكة محور رئيس في سياسة العمل التنفيذي لإعداد «مشروع تحديث الاستراتيجية وخطة العمل الوطنية للتنوع الحيوي» وأكدت قيمتها في الحضور النوعي لممثلي قطاعات العمل المختلفة (الحكومي والخاص والأكاديمي والمجتمع المدني) المشاركة في أعمال الورش، وساهم ذلك التنوع في التشخيص الدقيق والمؤسس المبني على أسس الفهم العلمي لمعالجة القضايا البيئية ومخرجات بناء الاستراتيجية الوطنية لصون التنوع البيولوجي في مملكة البحرين.

التوحد القطاعي في العمل البيئي المنهج الذي حظي بجل اهتمام المشاركين في ورشة العمل الختامية لإعداد المشروع، وتلك مسألة في غاية الأهمية، إذا ما أدركنا أن حماية البيئة وصون نظمها وثرواتها الطبيعية هي مسئولية مشتركة لكافة قطاعات العمل بل مسئوليتنا جميعاً وذلك ما ترك أثره الفعلي في جوهر المعالجات، إذ إن عدم ضم قطاع المجتمع المدني ضمن مقترح اللجنة الوطنية لتنسيق العمل البيئي المعروض على الورشة دفع المشاركين في أعمال الورشة إلى التأكيد على محورية المجتمع المدني في منظومة العمل البيئي لإنجاز اهداف التنمية المستدامة.

الإعلام أيضاً حظي باهتمام المشاركين في الورشة، إذ لا يمكن الجزم بتحقيق جودة المنجز في تفعيل الاهداف البيئية دون وجود للاعلام في خارطة العمل البيئي، وان عدم مشاركة ممثلي الاعلام في اعمال الورشة اعتبره المشاركون جانب خلل ينبغي الحرص على تصحيحه لتفعيل خطة تعميم الرسالة البيئية وانجاز اهداف التنمية المستدامة.

الجهد الذي بذلته مختلف أطراف العمل المؤسسي ضمن منظومة معالجات ورش العمل خطوة نوعية لتصحيح المسار البيئي في بلادنا، بيد أنه وذلك ما ينبغي أخذه في الاعتبار، أن ما يتمناه الناشطون البيئيون أن تساهم خطة العمل الاستراتيجي للتنوع الحيوي في إحداث تحول نوعي وجدي في نهج اعداد المشاريع التنموية للتمكن من إنجاز الأهداف البيئية والتجسيد الفعلي لجوهر الالتزامات الدولية بما يؤكد الموقف الحضاري للبحرين في خارطة العمل البيئي الدولي.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4864 - الخميس 31 ديسمبر 2015م الموافق 20 ربيع الاول 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 1:12 ص

      اشكرك يادكتور على هذا الطرح والشكر موصولا للقائمين على هذا اللقاء البيئي
      هل درس اللقاء واقعية تطبيقه على الواقع وهل كانت فيه مشاركات فعاله واقعيه يلمسها المجتمع

اقرأ ايضاً