العدد 4870 - الأربعاء 06 يناير 2016م الموافق 26 ربيع الاول 1437هـ

أطفالنا أرض خصبة

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

يروى عن أحد الأشخاص أن هناك قبيلة يسمى فيها أبناؤهم على حسب اليوم الذي يولدون فيه، وكان له صاحب يدعى أكواسي من غينيا، واكواسي يعني يوم الأحد ويعني عندهم اللطيف والحنون والعطوف، وكان يظهر عليه ذلك بالفعل. وقد سأل الراوي الغيني عن التسميات في قبيلتهم فقال له إن ما سمعه صحيح، وأضاف أن من ضمن التسميات لدينا كواكو وهذا الاسم يطلق على من يولد يوم الأربعاء ومعناه العدواني والشرير.

وقد تبين بالفعل أن في غينيا 60 في المئة ممن يقومون بالجرائم يدعون كواكو.

السبب في ذلك بحسب علماء علم النفس وعلم الاجتماع هو أن التفكير السلبي ينشأ في أذهان الأهل ويرسخونه في عقول أبنائهم منذ نعومة أظفارهم. فلو قام مولود يوم الأربعاء بأي عملٍ غير لائقٍ نابع من طفولته وجهله بالخير والشر، فسيوهمونه بأن ذلك كان نتيجة كونه مولود الأربعاء، والعكس صحيح؛ فحين يقوم مولود يوم الأحد بفعل طيب نابع من فطرته البريئة فإنه سيؤخذ عليه باعتباره مولود الأحد.

ليس الغينيون وحدهم من يفعلون هذا؛ إذ نحن أيضاً نقوم بالفعل ذاته، لكن من غير أسماء نطلقها على أطفالنا. نكرس في عقولهم الخير والشر، الثقة والتردد، الحب والكره؛ إذ يشب الأطفال ويتعلمون بما يُملى عليهم من مشاعر وألفاظ وأفعال، وهو ما أتقنته بعض الدول، وعززته في الجانب العملي على سبيل المثال، إذ تطلق على كل طفل منذ بداية تعليمه المدرسي في مراحله الأولى لقباً فيما يخص وظيفته المقبلة بحسب ميوله واهتمامته التي يلاحظونها من خلال أدائه المدرسي، فيتخيل نفسه دائما ما يحلم به ويحقق ذلك بالفعل، كل ذلك نتيجة ترسيخ هذا المسمى أو تلك الصفة في عقله.

في المقابل نجد أن بعض الأسر لدينا تكون سبباً في تدمير أبنائها حين تطلق عليهم نعوتاً سلبية من قبيل فاشل وغبي وشرير وغيرها، يفعلون ذلك من غير انتباه لما قد تحدثه هذه الكلمات من آثار نفسية سلبية على أطفالهم قبل أن تصدقها عقولهم، ومن غير الالتفات إلى أن هذه الصفات قد تترسخ في أذهانهم ويصدقونها ويتصرفون على أساسها مهما تكن حقيقتهم عكس ذلك.

الطفل صفحة بيضاء نقية، تتشكل بحسب ما يكتب عليها، فإما تكون لوحة جميلة حين يعتني بها صاحبها، أو تكون خربشة قبيحة حين يملأها بما هو غير متناسق وغير جميل.

إن لأطفالنا علينا حق تربيتهم وتنمية شخصياتهم بما يجعلهم يكبرون وهم يقدّرون ذواتهم ومن حولهم، فينتجون ويبدعون، ويكونون لبنة صالحة من شأنها أن تغيّر من قبح هذا العالم الذي دمرناه بأنفسنا حتى صار غير صالح لمستقبلهم.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4870 - الأربعاء 06 يناير 2016م الموافق 26 ربيع الاول 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 3:24 ص

      مهم

      الموضوع مهم لا بد من قراءاته لما له تأثير ف الابناء عند تسميتهم بالفاظ لائقة وغيرها وخصوصا عند السن المبكر للطفل.

اقرأ ايضاً