العدد 49 - الخميس 24 أكتوبر 2002م الموافق 17 شعبان 1423هـ

التعددية... حرية الرأي والتعبير، تعني التعددية الإعلامية

يوسف مكي (كاتب بحريني) comments [at] alwasatnews.com

كاتب وباحث بحريني

منذ بداية الانفراج السياسي قبل سنتين، أخذ الخطاب الثقافي عموما، والخطاب السياسي خصوصا يتعاملان مع مفاهيم ومصطلحات تعتبر جديدة تماما على الساحة وعلى ألسنة العامة كما الخاصة.

وفي غضون ذلك ظهرت مصطلحات ومفاهيم من قبيل: الشفافية، حرية الرأي، التعددية، حرية التعبير، المجتمع المدني، حقوق الانسان، الديمقراطية... الخ.

وللعلم ان مثل هذه المصطلحات ولنقلْ المفاهيم كانت تمثل وبالا وسوء المصير على من يستخدمها في ظل قانون ومحاكم أمن الدولة، حتى ان مفهوم الوطن والوطنية كانت من الممنوعات.

والآن الوضع تبدل نسبيا وأصبحنا أمام كثرة من المفاهيم والتعبيرات ذات الشحنة السياسية والتي تعبر في الوقت نفسه عن تغير في الخطاب السياسي للدولة باتجاه الديمقراطية ودولة المؤسسات بدلا من دولة المخابرات التي كانت قائمة طوال الثلاثين سنة الأخيرة. والمفاهيم إذ تمثل تجريدا، فإنها تعبر عن الواقع او عمّا هو مشترك في هذا الواقع، فالحرية مفهوم، إلا أن هذا المفهوم يعبر عن حال قائمة على الأرض تتمثل في طبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم إذ يستطيع هذا الأخير ان يقول ما يشاء من دون إكراه من الدولة ويرفض من دون معاقبة منها ويعبر عمّا يشاء من دون خوف او مضايقة من الدولة ويعمل ما يشاء ويكتب ما يريد، وان يمارس انواع الممارسات الانسانية كافة وخصوصا تلك المتعلقة بجوهر العلاقة بين الحاكم والمحكوم من دون ان يتعرض هو او اسرته إلى اي نوع من الإيذاء سواء كان معنويا او نفسيا او ماديا، طبعا في ظل قانون وأنظمة متفق عليها من الشعب والحكم وليس من طرف واحد فقط.

لكن هذا ليس كل شيء فعلى صعيد الممارسات الانسانية تظل هناك فجوة بين المفهوم وواقعه او الما صدق - على حد تعبير المناطقة - فكل المفاهيم التي أشرنا إليها أعلاه متداولة في الساحة ومن قبل القاصي والداني. أما الواقع الذي تعبر عنه تلك المفاهيم فهو ليس واحدا. ففي حين تشهد ممارسات المجتمع المدني ازدهارا لا مثيل له على امتداد الساحة، حيث الجمعيات السياسية - نواة الاحزاب - نجد ان مساحة حرية الرأي وخصوصا في مجال الإعلام المسموع والمرئي مازالت تسير على غرار السلحفاة، او منعها حق الآخرين، الامر الذي يتطلب ان يعاد النظر في احتكار الدولة لاجهزة الاعلام، لا بل إلغاء وزارة الاعلام وفتح المجال واسعا لامكان قيام محطات إعلامية تلفزيونية وإذاعية يستفيد منها المجتمع بكل فعالياته السياسية والثقافية، خلافا لما هو قائم الآن إذ يقوم الاعلام وخصوصا المرئي منه على التحيز بدلا من الانفتاح على الآراء ووجهات النظر التي تدور وتمور في هذا المجتمع كافة.

ان الاعلام الرسمي القائم أبعد ما يكون عن الشفافية، ابعد ما يكون عن مفهوم التعددية، لا بل ابعد ما يكون عن الموضوعية، وكأنه يمشي عكس التيار، الذي يقوده عظمة الملك، وربما يسيء إلى مشروع الملك الإصلاحي.

إذن، التعددية تعني تباين الآراء، تعني تعدد القنوات والمحطات التلفزيونية التي من حق الفعاليات المجتمعية ان تؤسس لها أسوة بالمجتمعات التي تحترم الديمقراطية وتحترم التعبير عن الآراء المختلفة قبل المتفقة.

على هذا الأساس فالتعددية ليست معلقة في الفضاء إنما هي ممارسة فعلية على الأرض وكذلك حرية التعبير والاعتقاد والكتابة والديمقراطية وغيرها.

ولكي تتسع هذه الممارسات فإن من الأهمية بمكان ان تؤسس الأرضية المناسبة لها. والخطوة الأولى في هذا السياق، الانفتاح الإعلامي الذي يعني إلغاء القبضة الحديد للدولة على الإعلام، الذي يعني فتح الباب أمام فعاليات المجتمع عموما والمدني خصوصا لإقامة منابره الاعلامية وخصوصا المرئية والمسموعة، هذا فضلا عن فتح أجهزة الانتخابات البرلمانية المقبلة. فما احوجنا إلى هذا الانفتاح يستطيع كل منا التعبير عن رأيه فيه من دون مصادرة أو إلغاء! فتعددية المجتمع تعني تعددية الوسائل التي تعبر عن هذا التعدد كما تعني انفتاح الوسائل القائمة على الكل ومن دون تمييز او محاباة

إقرأ أيضا لـ "يوسف مكي (كاتب بحريني)"

العدد 49 - الخميس 24 أكتوبر 2002م الموافق 17 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً