العدد 4920 - الخميس 25 فبراير 2016م الموافق 17 جمادى الأولى 1437هـ

الكفاءات المحورية في الاقتصاد المعرفي

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

في مقال له في صحيفة «اليوم» السعودية بتاريخ 19 ابريل/نيسان 2015، تطرق أخصائي المعلوماتية والإنتاج إحسان بوحليقة لموضوع «اشتراطات الاقتصاد المعرفي»، من بينها: حماية حقوق الملكية الفكرية والاستثمار في رأس المال المعرفي، توظيف البيانات الضخمة والتحليل big data & analytics، استقطاب الشركات عالية النمو والريادة، دعم الابداع والريادة.

ومن أجل جعل «الابداع» مرتكزاً اقتصادياً لتحقيق التنمية والنمو، فلا بد من «تجسير فجوة المهارات»، عبر تطوير الجدارة المهنية، أو الكفاءات المحورية core competencies، وهذا النهج يتطلب التوقف عن الاعتماد على المهنيين المبتدئين والعمالة الرخيصة، والتوجه نحو استقطاب وتطوير أصحاب الكفاءات المحورية، الذين يعتمد عليهم نجاح أو فشل الإقتصاد المعرفي.

إن منهج الكفاءات المحورية يسعى إلى الجمع بين المعرفة التخصصية، والمهارات الأساسية، والسلوكيات التي تتلاءم مع ثقافة المؤسسة. هذا التوافق بين سلوكيات الفرد وثقافة المؤسسة هو ما يطلق عليه «Cultural Fit»، بمعنى أن سلوكيات الشخص وقدراته تناسب ثقافة الشركة ورؤيتها المستقبلية.

مفهوم الكفاءات الأساسية طرحه في العام 1990 كل من سي كاي براهالاد وغاري هامل C. K. Prahalad and Gary Hamel، وهو مفهوم يركز على تطوير مجموعة متناسقة من الموارد المتعددة، والتقنيات اللازمة لنجاح عمل المؤسسة، والمهارات التي تميز الشركة عن غيرها في السوق. ولكي تتمكن المؤسسة من الاستمرار في المنافسة، فإنها تحتاج ليس فقط إلى الموارد المادية، ولكن أيضاً إلى الموارد غير الملموسة، مثل القدرة على الإبداع والابتكار، وأن تكون قدرات وسلوكيات المديرين والموظفين متسقة مع ثقافة المؤسسة.

وبحسب براهالاد وهامل فإن تطوير الكفاءات الأساسية تؤدي إلى تطوير المنتجات الأساسية، وهذا يفسح المجال لتطوير منتجات إضافية، والتي يمكن استخدامها لتقديم العديد من المنتجات للمستخدمين النهائيين. ولذا فإنه من المهم تحديد الكفاءات الأساسية «عبر» كل وحدات وأقسام الشركة، وتطوير المديرين لتمكينهم من التكيف مع التغيرات، والمساهمة في اكتشاف الوسائل الكفيلة بالسيطرة على موارد الشركة وتوجيهها نحو تحقيق أهدافها.

ولذا ، فإن الكفاءات يتم تحديدها على أساس كتل ومجموعات Clusters ، أي إنها كتل «تتخطى» الوحدات والأقسام، وتجمعهما ضمن تصنيفات تسمح للمؤسسة تحديد ما إذا كان لديها القدرات اللازمة لتحقيق أقصى قدر من التأثير في مجالها، وأن تحدد أين توجد هذه القدرات في أي مكان في المؤسسة، وأن تحدد متطلبات العمل في الوظائف المماثلة على المستوى المؤسسي، وبالتالي تصميم برامج منظمة للتطوير الوظيفي.

وعلى أساس ذلك، يتطلب هذا المنهج أولاً تحديد الكتل والمجموعات التي تشخيص ما يميز المؤسسة من كفاءات أساسية. كما يتطلب المنهج ثانياً، تقييم العاملين على أساس ثلاثة محاور أساسية، ترتبط بتحقيق تواجد الكفاءات الأساساية، وتتسق مع ثقافة المؤسسة.

مثال عملي على تطبيق منهج الكفاءات: إن كل مؤسسة تختلف عن الأخرى في طريقة تحديد الكفاءات الأساسية التي تحتاجها للنجاح. فمثلاً، إن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD حدّدت خمس عشرة كفاءة أساسية (محورية)، ولخصت من خلالها القدرات التي تعتبرها مهمة في جميع الوظائف، والتي تسهم بصورة مجتمعة في تحقيق النجاح الشامل للمنظمة. ووزعت الكفاءات الخمس عشرة على ثلاث كتل clusters مصنفة بذلك احتياجها لثلاث مجموعات من الكفاءات، أولها موجهة لتحقيق النتائج delivery-related competencies، ومجموعة ثانية من الكفاءات موجهة للتعامل مع الآخرين وبناء العلاقات interpersonal competencies، ومجموعة ثالثة موجهة للتأكد من وجود قدرات التخطيط الإستراتيجي strategic competencies.

المجموعة الأولى: تحتوي على ست كفاءات موجهة لتحقيق النتائج، وهي: التفكير التحليلي Analytical Thinking، التركيز على الإنجازات Achievement Focus، مهارات الصياغة Drafting Skills، التفكير المرن Flexible Thinking، إدارة الموارد Managing Resources، العمل الجماعي وقيادة الفريق Teamwork and Team Leadership.

المجموعة الثانية: تحتوي على خمس كفاءات موجهة لبناء العلاقات، وهي: التركيز على الزبون Client Focus، الحساسية الدبلوماسية Diplomatic Sensitivity، التأثير Influencing، التفاوض Negotiating، المعرفة التنظيمية Organisational Knowledge.

المجموعة الثالثة: تحتوي على أربع كفاءات موجهة للتخطيط الإستراتيجي، وهي: تطوير المواهب Developing Talent، محاذاة الأولويات التنظيمية Organisational Alignment، التشبيك الإستراتيجي Strategic Networking، التفكير الإستراتيجي Strategic Thinking.

وبعد ذلك، طرحت المنظمة تعريفات محددة لكل كفاءة، ومن ثم حددت خمسة مستويات لكل كفاءة، وقامت بتعريف المستويات الخمسة لكل واحدة من الكفاءات. وعلى أساس ذلك، تقوم المنظمة بتقييم جميع الموظفين في جميع الدوائر والأقسام لاستكشاف مستوى كل واحد منهم مقارنة بالكفاءات التي تعتبر أساسية من أجل نجاحها في أداء مهماتها.

هذا النهج، كما ذكرنا أعلاه، يربط السلوكيات الفردية بثقافة وقيم وموارد المؤسسة، وهو نهج يركز أيضاً على كيفية تحقيق النتائج، وليس فقط النتيجة النهائية بصورة مجردة. وهذا النهج يسعى إلى تحقيق الرضا الوظيفي، وسد الفجوة بين إدارة الأداء وتطوير الموظفين من خلال بيئة دائمة التعلم تنمو مع المتغيرات في سوق العمل وتتناغم مع آخر التطورات التكنولوجية، أو أنها تقود تلك التطورات من خلال الابتكار وريادة الأعمال.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4920 - الخميس 25 فبراير 2016م الموافق 17 جمادى الأولى 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 10:16 ص

      نعم صحيح

    • زائر 4 | 3:59 ص

      الثقافة المتاحة هي مجارات الفساد بنفس المفهوم الذي تم طرحه. ثقافة المؤسسة الفساد فناتي بمفسد من نفس ثقافة المؤسسة لتنميتها. نعم هكذا

    • زائر 3 | 3:51 ص

      الوضع لا يختلف عنا!
      \n
      \nالتوافق بيت سلوكيات الفرد و ثقافة المؤسسة أو سلوك الشخص و قدرته تناسب ثقافة الشركة ورويتها المستقبلبة
      \nو لدينا امثلة في كل المؤسسات المدارة من الحكومة مثل ... ففكر او سلوك رئيسها يناسب تطلعاتها المستقبلية
      \n
      \n و كذلك ...و ... ووزارت الدولة ,
      \nفهل هناك شك في ذلك او اعتراض ؟

    • زائر 2 | 1:08 ص

      الكلام النظري تجدة بكثرة في كتب المقررات الجامعية ولكن لاتجد تطبيقا له في بيئتنا البدائية..نحتاج لمئتي عام حتى نبلغ ما وصلوا اليه..

    • زائر 1 | 10:52 م

      من وين . هالعناوين دكتور؟

      ...

      و الا المنطقة للحين تعيش في العصور الحجرية و الوسطى بعد ثورة المعلومات التي تسنمت بعد ثورة الاتصالات حتى وصل البعض لقطع الاتصال لقمع هذه الثورة.
      سبقونا في فهم ثورة الاقتصاد و دورة المال و راهنوا على ذلك و ذهب خزان الأموال و هم أحياء و العلماء باقون .. كلمات أمير المؤمنين ع تنبض بالعطاء. . يا كميل العلم خير لك من المال.

اقرأ ايضاً