العدد 494 - الإثنين 12 يناير 2004م الموافق 19 ذي القعدة 1424هـ

الطريق المختصر لصناعة الأعداء

غسان الشهابي comments [at] alwasatnews.com

سيظل قرار طرد 28 ألف موظف من القطاع العام العراقي، فقط لأنهم كانوا ينتمون إلى حزب البعث الزائل، أمرا له من التبعات ما له، وخصوصا أنه - بحسب تصريحات عضو مجلس الحكم الانتقالي أحمد الجلبي - سيتم طرد عدد مشابه لهم في المستقبل، أي أن العدد من الموظفين الرسميين الذين سيجدون أنفسهم خارج العمل بسبب انتمائهم الحزبي لن يقلوا عن 56 ألف موظف.

المشكلة أن العراقيين يعرفون أكثر من غيرهم، أنه لم يكن بإمكان أي عراقي في دولة البعث أن يترقى، أو أن يحافظ على وظيفته إلا بالانتماء، وأن الخوف كان المسيطر على الجميع بلا استثناء، وبلا عنتريات زائدة كما هي اليوم، وكان الجميع يخاف الجميع، لا يجرؤ أحد على ذكر اسم الرئيس مجردا، من لقب واحد على الأقل يسبقه، وإرداف دعاء بطول العمر أو النصر بعد ذلك، ويعلمون تماما أن من «تشم» منه رائحة التردد أو التشكك في أي قرار حزبي، قد يودي به إلى التجميد الوظيفي إن تمت الرأفة به، ولم يؤد ذلك إلى طمره تحت الأرض، ومع ذلك، يأتي المتخمون اليوم من أعضاء مجلس الحكم، بربطات أعناقهم الحريرية، وثيابهم المنشاة، ليسكبوا «المنظفات» على المؤسسات الرسمية، ليخلقوا بأيديهم عشرات الآلاف من الأعداء، ومئات الآلاف ممن يعيلونهم من الأسر، ليلقوا بهم إلى الشارع، يتكففون الناس، ويتحولون إلى مناهضين للعراق الجديد، الذي طمسه صدام حسين، ولن تحييه التصرفات الرعناء. هذا «التطهير» هو نفسه الذي يمر علينا بعد كل انقلاب، تتم الإطاحة بالحاكم، ويعقبه اجتثاث لكل من كانت له صلة، ويتم محو كل ما له علاقة بـ «العهد البائد»، و«يجب» أن تدبج الكتب والكراسات بالقدح والذم للماضي «الأسود»، على اعتبار أن اليوم «أنصع بياضا»

إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"

العدد 494 - الإثنين 12 يناير 2004م الموافق 19 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً