العدد 4955 - الخميس 31 مارس 2016م الموافق 22 جمادى الآخرة 1437هـ

الحدث البيئي في بناء السلوك البشري والتنمية المستدامة

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

الحدث البيئي ظاهرة إيجابية في منظومة النشاط البيئي وصارت من المظاهر التقليدية في الاستراتيجيات البيئية للمنظمات الدولية العاملة في الشأن البيئي والمؤسسة البيئية للدول ودخلت ضمن منظومة أنشطة منظمات المجتمع المدني الناشطة في المجال البيئي التي اعتمد العديد منها الحدث البيئي الخاص بها، كما ان العديد منها تعزيزاً لمبدأ الشراكة دخل في شراكات متداخلة الوظائف والأهداف والمقاصد البيئية في التعاون مع مختلف قطاعات المكون المجتمعي في تعضيد مناشط حدثها البيئي.

المؤشر الإيجابي للحدث البيئي يتمثل في حرص الشركاء على ابتكار البرامج والأنشطة النوعية المفيدة في تغيير مسار العمل البيئي، ويبرز أثره الجوهري بشكل فعلي في تعضيد النهج الإستراتيجي لخطط العمل التنفيذي في تعميم الرسالة البيئية، ونشر معارف ومفاهيم الثقافة البيئية وسط قطاع واسع من المجتمع، وتحديث مسار العمل البيئي وابتكار المناهج التفاعلية في استراتيجية العمل البيئي التي تسهم في إنجاز الأهداف الاستراتيجية لتحسين حالة البيئة، وتوفير متطلبات الأمن البيئي للإنسانية. ومن الطبيعي أن تكون لذلك النهج نتائج إيجابية ويفضي إلى تعزيز التوجه الممنهج في إنجاز أهداف بناء السلوك البشري والتنمية المستدامة.

التنوع في منظومة البرامج والأنشطة النوعية للعمل التنفيدي للحدث البيئي مطلب استراتيجي؛ لتوسيع دائرة القطاعات المجتمعية المستهدفة والمستفيدة من أنشطة الحدث البيئي. وذلك المطلب ترك أثره الفعلي في منظومة التخطيط البرامجي، ونوعية وطبيعة البرامج المهنية والتوعوية في مجال البيئة.

النشاط البيئي الذي نظمته «جمعية البحرين للبيئة» في مركز الجزيرة الثقافي من الأنشطة النوعية التي يمكن الإشارة إليها، ويعالج قضية مهمة تندرج ضمن محور مهم وحيوي في منظومة الهّم الاجتماعي، إذ يعالج قضية «المسئولية الاجتماعية لصون بيئات المناطق البحرية والساحلية» كقضية عصرية متداخلة الأثر في منظومة حماية البيئة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وهي الأركان الرئيسة للتنمية المستدامة.

البعد الاستراتيجي للنشاط البيئي في مركز الجزيرة الثقافي يتمثل في معالجاته لقضايا القيمة الاجتماعية والاقتصادية لبيئات المناطق البحرية والساحلية، وتشخيص مفاصل الثقافة القيمية للمجتمع المحلي في صون بيئات المناطق البحرية والساحلية، وتوضيح محددات استراتيجية صون معالم البيئة البحرية في المشروع الدولي البيئي والنظام الإقليمي الخليجي، وفي تبيانه للبعد الاستراتيجي لمفاصل صون بيئات المناطق البحرية والساحلية في المشروع الوطني البيئي وبرنامج الحكومة لعام 2015-2018، وتشخيصه لمهام المجتمع المدني والمسئولية المهنية للغواص المحترف في صون البيئات البحرية، وإبرازه للأركان الرئيسة للتنمية المستدامة والحقوق المهنية للبحارة والصيادين في مبادئ المشروع الدولي البيئي.

القيمة الإستراتيجية والأثر الإيجابي للنشاط البيئي في مركز الجزيرة الثقافي يتمثل في التفاعل المسئول في مناقشة المحاور والقضايا البيئية التي جرى تسليط الضوء عليها ومعالجتها، إذ جرى طرح منظومة متداخلة من المرئيات عالجت قضايا مهمة في المشكلات المحيطة بواقع البيئة البحرية والساحلية، وجرى طرح مجموعة من الأسئلة بشأن واقع الردم البحري، وأثره على نظام البيئة البحرية ومخزون الثروة السمكية. وأثار عددٌ من البحارة والصيادين موضوع إلقاء السيارات القديمة وإطارات السيارات في المياه البحرية، وأضرارها البيئية والصحية، والأسباب الجوهرية في اختفاء عدد من أنواع الأسماك الشائعة في المياه البحرية.

الحقيقة التي ينبغي عدم إغفالها في بعض ما جرى طرحه من مرئيات، ضعف الوعي لحقائق المسلّمات العلمية في شأن السلوك غير الرشيد لعدد من الصيادين في القيام بإلقاء المركبات القديمة، وإطارات السيارات في المياه البحرية والإصرار على أن ذلك ظاهرة صحية دون الإدراك أن ذلك السلوك مخالفة قانونية، ويتسبّب في تلويث بيئات المناطق البحرية والساحلية، والإضرار بصحة مكوّنات نظام البيئة البحرية والإنسان.

كما ينبغي أيضاً عدم إغفال حقائق الطرح والمعالجات والقراءات غير المؤسسة في بياناتها في شأن مسلّمات الواقع البيئي، والتي هي محط دراسة متمعنة في التقارير الوطنية، بشأن التنوع الحيوي التي أصدرتها مملكة البحرين، منها على سبيل المثال «التقرير الوطني الخامس لمملكة البحرين للاتفاقية المتعلقة بالتنوع الحيوي». وهناك حقيقة مهمة تتمثل في الحكم الذي يصدره البعض دون دراية بواقع حقائق الجهود ونشاط العمل البحثي المسئول المرتكز على المؤشرات العلمية في معالجات ورش العمل العلمية التخصصية في دراسة الواقع البيئي، وتشخيص المخارج العلمية لبناء استراتيجية المناهج لصون معالم التنوع الحيوي.

إن ما هو مؤسف حالة التشاؤم التي يعيشها البعض والإصرار على أننا نعمل في الوقت الضائع، دون إدراكٍ أن ذلك الرأي سبب في ما هو حاصل من تراجع في جهود حماية البيئة، وذلك يؤكد ضرورة إدراك أن تغيير وتصحيح واقع المسار البيئي، وهو مسئولية مشتركة ينبغي أن تساهم في نشاطها كافة قطاعات المجتمع. ويتحمل القطاع الحكومي مسئولية كبيرة في هذا السياق، بالإشتراك مع مؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني والمجتمعات المحلية. ومن الطبيعي أن لا نغفل واقع الجهود الرسمية بمشاركة جميع قطاعات العمل المهنية المختلفة في صياغة اﻻستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي، والتي تعد إنجازاً وطنياً مهماً، وخطوةً ايجابيةً يمكن أن تحقّق تغييراً ملموساً في خطط إعادة تأهيل معالم البيئة البحرية، وإن ما يجري العمل من أجله يشير إلى دﻻلات الحرص في تأكيد التوجه المسئول في الإلتزام بمعايير المشروع الدولي البيئي، وإن ذلك الجهد يؤكّد على أن هناك فرصة كبيرة لتصحيح المسار البيئي في بلادنا.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4955 - الخميس 31 مارس 2016م الموافق 22 جمادى الآخرة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً