العدد 4955 - الخميس 31 مارس 2016م الموافق 22 جمادى الآخرة 1437هـ

مقتل جوليو ريجيني... فيلم أكشن أم كذبة إبريل؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كنت أقود السيارة حين سمعت من المذياع الرواية المصرية الجديدة بشأن الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، الذي قتل بطريقة وحشية في القاهرة في (25 يناير/ كانون الثاني 2015)، بأنه كان ضحية عصابة سرقة، فقلت لنفسي: لكن... هل سيصدّق الإيطاليون؟

ريجيني طالبٌ جامعيٌ، أقام في مصر لفترةٍ طويلةٍ حتى يجمع معلومات لبحثه للدكتوراه في جامعة كامبردج البريطانية عن الحركة العمالية المصرية، وعُثر على جثمانه (مطلع فبراير/ شباط) في منطقة مهجورة خارج القاهرة الكبرى.

وقال السفير الإيطالي بعد معاينته للجثمان: «كانت رؤيته أمراً مدمّراً. آثار التعذيب واضحة، جروح وكدمات وآثار حروق. ليس هناك شك في أن الشاب تعرّض للضرب الشديد والتعذيب».

وحين أعيدت جثته إلى بلاده، استقبلها في المطار والداه مع وزير العدل الإيطالي، اندريه اورلاندو، الذي قال: «إنني هنا لأقدّم عزائي وعزاء الحكومة لأسرة ريجيني. لكنني هنا أيضاً كي أؤكد عزم الحكومة على إظهار الحقيقة الكاملة بأسرع ما يمكن وتحقيق العدالة». ودعا نظيره المصري إلى التعاون الكامل لكشف الحقيقة، بينما طالبت حكومته السلطات المصرية بتحديد المسئول عن تعذيب وقتل الشاب.

حين أعيد تشريح الجثمان بإحدى الجامعات الإيطالية، ذكر التقرير أنه «تعرّض لعنف حيواني غير إنساني»، وأن القتل حدث نتيجة كسر في الرقبة، مع وجود حروق وآثار للضرب الشديد. وحين اطلع وزير الداخلية انجلينو ألفونسو عليه قال: «إنني لم أستعد أنفاسي بعد قراءتي هذا التقرير الصادم»، وأضاف «لا يمكن إعادة جوليو إلى الحياة، لكن إظهار الحقيقة يمكن أن يساعد في إنقاذ حياة آخرين».

واضح جدّاً حالة الشك العميقة ليس لدى الإيطاليين فحسب، بل لدى الاتحاد الأوروبي الذي أدان الاغتيال وطالب بكشف الحقيقة، على خلفية الصورة العامة التي رسختها التقارير الموثقة لمنظمات حقوق الإنسان الدولية، عن حالات التعذيب الممنهج للمعتقلين، واستخدام «الاختفاء القسري» مع النشطاء السياسيين.

الاتحاد المصري للحقوق والحريات وثّق 314 حالة «اختفاء قسري» العام 2015، وتبيّن لاحقاً أن الكثيرين منهم معتقلون في السجون، بينما كانت وزارة الداخلية تنكر معرفتها بمصيرهم. كما عُثر على 5 منهم لاحقاً في المشرحة، وحمل بعضهم آثار تعذيب وصدمات كهربائية. مثل هذه القصص الرهيبة التي كان يتناقلها الإعلام الدولي، وفّرت الأرضية الصلبة لكل هذه الشكوك والاتهامات، وخصوصاً إيطاليا التي رجّحت صحافتها أن يكون جوليو تعرّض للتحقيق لمعرفة المصادر التي كان يتصل بها للحصول على المعلومات المطلوبة لدراسته.

في البداية، قيل إن ريجيني مات نتيجة حادث سير، لكن هذه الرواية سقطت وبان هزالها بعد الكشف على الجثمان. وظلّت القضية تراوح مكانها بين اتهام وإنكار، حتى خرجت من القاهرة الرواية الجديدة بعد شهرين، والتي تقول إنه ذهب ضحية عمل جنائي، حيث عُثر على بعض مقتنياته بعد قتل عصابة متخصصة في اختطاف وسرقة الأجانب! ولم توضح كيف احتاجت العصابة إلى كسر رقبته لتسلب فلوسه، أو صعقه بالكهرباء الذي أثبته التقرير الشرعي المصري نفسه!

رئيس الوزراء الإيطالي السابق إنريكو ليتا علّق عبر «تويتر» قائلاً: «عفواً... أنا لا أصدّق ذلك»! بينما انهال المصريون بسيل من الانتقادات اللاذعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وكتب الإعلامي المصري الساخر باسم يوسف إنه «فيلم هابط... وكفاية رخص بقى».

والباقي على روما أن تصدّق هذه الرواية الرسمية الجديدة على علاتها، أو تقدّم القاهرة الدليل... وإلا ستعتبرها مجرد كذبة إبريل!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4955 - الخميس 31 مارس 2016م الموافق 22 جمادى الآخرة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 7:46 ص

      للاسف الشديد لدينا فى مصر واحد من ... اجهزة الامن على مر التاريخ وبعيدا عن الجماعة سيئة السمعة او النظام الحالى لكن مصر بحاجة الى اصلاح سياسي واقتصادى وان تعامل الدولة مواطنيها كبنى ادمين

    • زائر 11 | 2:25 ص

      رحم الله فخراوي وصقر والعشيرى والبقية.

    • زائر 10 | 1:45 ص

      كذب ابريل ما نراه ونسمعه من اخبار محلّية بخصوص حوادث وبلاوي نشوف الواقعة بالعين ثم الخبر عكس عكاس

    • زائر 9 | 1:39 ص

      !

      راح حسني وأتى من هو اسوء منه

    • زائر 8 | 1:25 ص

      عزيزي السيد

      واضح وضوح الشمس أن ريجيني هذا هو عميل أو جاسوس أوروبي ذهب ليجمع معلومات و يربط خيوط مجموعات متفرقة محتميا بجنسيته أولاً و دراسته الصورية ثانياً
      في فترة في منتهى الحساسية قبيل ذكرى 25 يناير و ما صاحبها من دعوات للتظاهر ..الخ
      قصة عمل دكتوراه ة دراسة الشعوب و مراسلين أجانب صارت مكشوفة أكثر مما ينبغي
      و كما تعلم للأجهزة الأمنية الحق في سبر غور الغموض و انتزاع المعلومات حفاظاً على الأمن القومي
      و لكن ليس بهذة الوحشية و اللاإنسانية و اللوم عليهم فيما يخترعونه من روايات للتغطية بدلاً من ايجادحل نهائي

    • زائر 5 | 11:55 م

      المذيع ...

      هناك مذيع .. مشهور لمح بأن الرجل ليس سويا وهو يستعرض صورة ريجيني في برنامجه ،

    • زائر 3 | 11:45 م

      الكاسر

      راح في شربت ماء
      علي الحكومة الإيطالية عدم السكوت
      ومحاسبة المسؤولين عن موت مواطنهم بهدة الطريقة
      الوحشية

    • زائر 2 | 11:41 م

      هذه هي عوائدهم ، لم يعترفوا قط

      ليس ببعيد مثل ما حصل لتفجير الطائره الروسيه ، كانوا مصرين من أول وهله من تفجيرها بأنه ليس عمل إرهابي لا من داعش ولا من جاحش !! غريب هذا الإصرار، ومن ثم اتضخ بأنه بالفعل عمل إرهابي جبان وتواطىء من بعض العاملين بالمطار، و الإيطالي هذا أيضا كانوا مصرين بأنها ليست عملية تعذيب !

    • زائر 4 زائر 2 | 11:52 م

      متعوده
      ديما

    • زائر 1 | 11:24 م

      هذه هي لمشكلة

      يكذبون الكذبة ويريدون الناس تصدقهم.

اقرأ ايضاً