العدد 4962 - الخميس 07 أبريل 2016م الموافق 29 جمادى الآخرة 1437هـ

الأطفال ومنصات الإعلام الاجتماعي (2)

محمد الحمامي

أستاذ مساعد بجامعة العلوم التطبيقية وعضو مجلس ادارة النادي العالمي للاعلام الاجتماعي

ذكرت في المقال السابق المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها الأطفال على منصات الإعلام الاجتماعي إذا تم تركهم على سجيتهم وبدون متابعة وعدم توعيتهم في استخدام الطرق السليمة والأمينة. لكن في المقابل يجب لا ننسى أن منصات الإعلام الاجتماعي تقدم العديد من الفوائد إلى الأطفال من دروس نافعة وتسليات بريئة ومعلومات حديثة اذا تم استخدامها بالشكل الصحيح حيث يجب ألا ننسى أن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية ولا يوجد هنالك مهرب من استخدامها، بل يجب دائما تكرار القول إن قياس أمية الشعوب أصبح يعتمد على معرفة استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بدلا من معرفة القراءة والكتابة.

يعيش جيل القرن الواحد والعشرين العصر الرقمي بكل إمكانياته وتوجهاته ولا مناص هناك من منعهم من استخدام أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الواجبة الاستخدام في كل مكان، بل الملفت بالأمر أن الأطفال أصبحوا في اغلب الأحيان أكثر خبرة ومعرفة من إبائهم في استخدام التكنولوجيا الرقمية والانترنت بسبب التغير الذي حدث في نمط الطفولة التي يعيشونها واستخدامهم للأدوات التكنولوجية منذ نعومة أظافرهم.

إن منصات الإعلام الاجتماعي إذا استخدمت بالشكل الأمثل من قبل الأطفال فإنها تقدم العديد من الفوائد لهم منها على سبيل المثال لا الحصر:

- التعليم: تعتبر منصات الإعلام الاجتماعي واحدة من أفضل التقنيات التي يمكن أن تستخدم لتعليم الأطفال بواسطة المحتوى التي تقدمه والذي يعتبر وسيلة ممتازة للحصول على المعلومات المفيدة مثل الفيديوهات، الصور، صور معلوماتية، نصوص، الخ... إضافة إلى التفاعل الذي يتعلق بالمحتوى المنشور مثل التعليقات أو الملاحظات.

- التوجيه والإرشاد: من خلال تواصل الطفل مع حسابات المدرسة أو المؤسسات التوعوية التي تهتم به يحصل على النصائح، التوجيهات، والإرشادات التي يحتاجها في حياته اليومية وبشكل سلس وضمن الوقت المناسب. كذلك يمكن للأبوين متابعة أبنائهم من خلال التقارير والعلامات المدرسية وسلوكهم الاجتماعي.

- التسلية والترفية: لا يختلف أحد على أن منصات الإعلام الاجتماعي تحتوي على الكثير من وسائل التسلية والترفيه مثل الألعاب والأحجيات والمسابقات ولا توجد هنالك مشكلة في ذلك إذا كانت مناسبة للطفل وضمن الوقت المسموح له وتحت الإشراف اللازم.

- الاطلاع على الإخبار والمستجدات: بمتابعة الحسابات المفيدة والثقافية المناسبة يستطيع الطفل أن يبقى على اطلاع بالأخبار والمستجدات التي يهتم بها وكل ذلك يعتبر من الوسائل الممتازة لإثراء معلوماته.

- تطوير مهارات التواصل وبناء الشخصية: إن منصات الإعلام الاجتماعي عبارة عن شبكات أساسها العلاقات والروابط الاجتماعية، لذلك فان الطفل باستخدام هذه المنصات سيكتسب العديد من المهارات المفيدة له مثل البحث، التحليل والاستنتاج، التفكير الإبداعي، التعبير ومشاركة الآراء حول المواضيع التي يهتمون بها مثل الهوايات، تحسين المهارات الكتابية والنقد البناء.

يبقى التحدي الأكبر أن هذه الفوائد لا يمكن أن تتحقق دون الاستخدام الأمثل لمنصات الإعلام الاجتماعي، وهذا يعتمد بشكل مباشر على الأبوين، الطفل، المدرسة، والمجتمع كل حسب دوره ومسئوليته.

فيما يلي بعض النقاط التي تتعلق بالاستخدام المثالي لمنصات الإعلام الاجتماعي وتعمدت أن اكتب النقاط بإسهاب نظراً لأهمية هذا الموضوع:

- اختيار منصات الإعلام الاجتماعي المناسبة للأطفال: إن اغلب منصات الإعلام الاجتماعي مخصصة للأعمار 13 سنة فما فوق. لذلك من الضروري أن يتم قراءة الشروط والأحكام وسياسة الخصوصية لهذه المنصات لكي تتم معرفة أي منها ملائم للأطفال وما هي الإعدادات المناسبة التي يجب أن يتم إجراؤها حتى تتحول إلى منصة متخصصة للأطفال مثل «سناب كيدز» و «يوتيوب للأطفال».

- اختيار كلمات سر قوية لحسابات الأطفال تكون سهلة التذكر للطفل وبالوقت نفسه صعبة التوقع من قبل الآخرين مثل استخدام كلمات سر تحتوي على حروف كبيرة وصغيرة وأرقام ورموز خاصة، وعدم استخدام كلمات سر سهلة مثل تاريخ الميلاد، أسماء الدمى أو الشخصيات الكارتونية المحببة لهم، أو اسم حيوانهم الأليف.

- تكوين ملف شخصي مناسب للطفل على منصات الإعلام الاجتماعي واختيار إعدادات الحماية والخصوصية المناسبة. من الضروري أن يتم التميز في هذه النقطة بأن هنالك معلومات قد تكون مفيدة إذا تمت معرفتها من قبل المنصة الاجتماعية مثل عمر الطفل حيث ستتعامل المنصة وفق هذا العمر، لكن في المقابل ليس جيدا أن تكون هذه المعلومة عامة ومتاحة إلى جميع مستخدمي المنصة الاجتماعية.

- عدم نشر المعلومات الشخصية والصور الخاصة إذا لم تكن هنالك حاجة لذلك، ومن الضروري توعية الطفل بموضوع الخصوصية وتنبيهه بأن ما ينشر في منصات الإعلام الاجتماعي سيكون قابلاً للوصول إليه من قبل الآخرين. كذلك تنبيه الطفل بأن عليه دائماً إلغاء خاصية تحديد الموقع الجغرافي لخطورته.

- إفهام الطفل أن المعلومات تمتلك درجات مختلفة من السرية والخصوصية وأن هنالك معلومات سرية خاصة ينبغي ألا يتم مشاركتها مطلقاً مثل كلمة السر للحساب.

- إعداد وتهيئة الجهاز الذي يستخدمه الطفل للتعامل مع منصات الإعلام الاجتماعي بحيث يوفر الأمان والحماية للطفل. أن الجهاز الذي يستخدمه الطفل سواء كان حاسوباً أو هاتفا متنقلا يجب أن يحتوي على كلمة سر تسمح فقط للأشخاص المخولين من استخدام الجهاز وبرامج الحماية من الفيروسات والمخترقين.

- عدم السماح للطفل بتنصيب البرامج والتطبيقات من دون التأكد من جودتها عن طريق البحث في الانترنت أو قراءة التعليقات التي تتعلق بمراجعة هذه البرامج والتطبيقات وخصوصاً السلبية منها حتى يتم التأكد من أنها مناسبة للأطفال وليست برمجيات أو تطبيقات خبيثة.

- اجعل الطفل يتعامل مع منصات الإعلام الاجتماعي في مكان واضح عام قابل للمراقبة وبصوت مسموع، وخصص وقت محدد ومناسب لذلك.

- على الأبوين التعامل مع الطفل بشفافية وتشجيعه على الثقة بهم حتى يتشجع الطفل على أنه في حالة الاطلاع على محتوى غير مناسب أو تعرضه إلى تنمر أو استفزاز أو أي تعامل غير مريح سيقوم بإخبارهم وبشكل مباشر.

- على الأبوين في حالة ملاحظة أي شيء مريب في منصة الإعلام الاجتماعي إبلاغ القائمين على المنصة بذلك ووفق الإجراءات المخصصة للتعامل مع هذه الحالات مثل الإبلاغ بواسطة التقرير. إذا كان الأمر خطيراً جداً على الأبوين إبلاغ وحدة الجرائم الالكترونية عن طريق القنوات المخصصة لذلك.

- تنبيه الطفل بعدم نشر محتوى غير ملائم وكذلك تنبيهه بعدم المشاركة في إعادة نشر مثل هذا المحتوى، ورفض الممارسات السيئة مثل التنمر حتى لو كانت على سبيل المزاح.

- على الأهل مراقبة أبنائهم في منصات الإعلام الاجتماعي وذلك عن طريق أن يكونوا من ضمن جهات الاتصال لأبنائهم وكذلك استخدام برمجيات المراقبة حتى يبقى الأهل على اطلاع حول سلوك أبنائهم في هذه المنصات.

- عدم السماح نهائيا للطفل بإضافة جهات اتصال غير معروفة إلا بعد التحقق والتأكد منها من قبل الوالدين.

- التأكد من الطفل قد قام بالخروج من حسابه بعد الانتهاء من التعامل مع منصة الإعلام الاجتماعي، وكذلك تجنب عملية التخزين التلقائي لكلمات السر الخاصة بالحسابات في التطبيقات ومتصفحات الويب.

- يجب أن تتم عمليات ملء الاستمارات وتقديم المعلومات والشراء تحت إشراف الوالدين أو أي شخص بالغ إذا اقتضى الأمر.

- تنبيه الطفل بتجنب الضغط على الروابط المريبة أو غير المعروفة المصدر لأنها تستخدم لاختراق الحسابات وتنصيب البرمجيات الخبيثة.

- تنبيه الطفل بخطورة التعامل مع الكاميرا ويجب أن يتم الحذر عندما يطالب بتشغيلها والانتباه إلى ما يطلب منه هل هو مناسب وأخلاقي أم لا.

- الانتباه إلى الألعاب التي يشارك بها الأطفال هل هي مناسبة لهم، وكذلك معرفة جهات الاتصال التي يلعبون معها.

- على الأهل والمعلمين وكل المهتمين بحماية الأطفال في منصات الإعلام الاجتماعي والانترنت التواصل مع المواقع المتخصصة بحماية الأطفال والاستخدام الأمن للانترنت حتى يمتلكوا الوعي اللازم الذي يتعلق بأمن وسلامة الأطفال مثل (childnet.com) (saferinternetday.org) و (safesurf.bh).

في الختام، نتفق جميعاً بأن الأدوات التكنولوجية سلاح ذو حدين، تكون جيدة إذا تم استخدامها بالطريقة الصحيحة وخطيرة إذا لم يكن هنالك الوعي اللازم للاستخدام الصحيح. أطفالنا مسؤوليتنا وأمانة في أعناقنا يجب ألا نبخل بأي جهد لحمايتهم وتنمية إدراكهم، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يحميهم ويجنبهم كل مكروه.

إقرأ أيضا لـ "محمد الحمامي"

العدد 4962 - الخميس 07 أبريل 2016م الموافق 29 جمادى الآخرة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً