العدد 5000 - الأحد 15 مايو 2016م الموافق 08 شعبان 1437هـ

وداعاً يا كلوفيس مقصود... وداعاً يا حبيب العرب جميعاً

صبحي غندور

مدير مركز الحوار العربي في واشنطن

كنت مقاوماً في مواجهة استحقاق الموت، كما كنت مقاوماً مناضلاً في كل حياتك من أجل قضايا الحرية والعدالة والعروبة الحضارية.

كنت «فلسطينيّاً» بارزاً في كتاباتك ومحاضراتك، وبحضورك القوي في الأمم المتحدة وفي المحافل الدولية التي شاركت بها، وها أنت الآن تغادرنا في يوم (15 مايو/ أيار 2016)، يوم ذكرى «النكبة»، لتؤكد هذا الترابط بينك وبين فلسطين، ولتقول للعرب جميعاً إن فلسطين هي «أم القضايا العربية» في زمن التخلي الكبير عنها.

كنت «عروبيّاً» في عصر أصبح الحديث فيه عن «العروبة» تخلفاً، بينما «المتقدمون» الرافضون لها يبشّرون بالطائفية والمذهبية ليتكرّس عصر الصهينة والدويلات الدينية.

أمّا أنت يا كلوفيس فقد رفضت منذ عقود طويلة أن تبقى حبيس دائرة طائفتك المسيحية المارونية، أو دائرة وطنك لبنان، او حتى دائرة أمتك العربية الواسعة، فأسَّست مركزاً لـ«جنوب الأرض» في الجامعة الأميركية بواشنطن، لتخاطب العالم أجمع بما يوحد الإنسانية لا بما يفرّقها.

كنت تفكّر وتتصرف في السنوات الأخيرة وكأنك ستعيش أبداً، فعقلك كان يرفض الاستسلام لخذلان جسدك، ولما أصابه مؤخراً في أكثر من محطة زمنية، وكنت ترفض مغادرة حيوية ومرح الشباب التي زينت عقلك وسلوكك وحببّت الكبار والصغار بك، ولأنك كنت كذلك، فقد جعلتنا نعتقد أيضاً أنك باق معنا دائماً.

ومن الأمور التي لا أجد تفسيراً لها الآن، أن تأسيس «مركز الحوار العربي» في واشنطن في العام 1994 كان متزامناً مع ذكرى عيد ميلادك في (17 ديسمبر/ كانون الأول)، فإذا بك تكون في آخر نشاط في حياتك، وفي آخر لقاء لك مع محبين، هو في أمسية «مركز الحوار» يوم الأربعاء (4 مايو2016)، حيث حرص بعض الحضور على طلب اخذ صور شخصية معك، وهو أمر لم يحدث من قبل في ندواتك العديدة بالمركز، وكأنهم يعلمون أنها «أمسية وداع» لك.

الموت هو سنّة الحياة، لكن العظماء الكبار يبقون في الأرض منارة لكل الأجيال، وستبقى يا كلوفيس معنا بفكرك وبتاريخك النضالي المشرّف، وبما تركته من تراث فكري مهم، ومن أثر كبير في حياة الملايين من العرب.

إقرأ أيضا لـ "صبحي غندور"

العدد 5000 - الأحد 15 مايو 2016م الموافق 08 شعبان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً