العدد 504 - الخميس 22 يناير 2004م الموافق 29 ذي القعدة 1424هـ

المثقفون العرب... ورؤيتهم للعالم

إلياس حنا comments [at] alwasatnews.com

كاتب لبناني، عميد ركن متقاعد

إذا أردت ان تعرف سياسة واستراتيجية الولايات المتحدة، فما عليك إلا ان تقرأ ما يأتي: تقارير البنتاغون، تقارير مراكز الابحاث والدراسات، تصريحات رونالد رامسفيلد، ريتشارد بيرل، دوغلاس فايث وبول وولفويتز. وبمقارنة سريعة بين الوضع العالمي الحالي، ووضع وسلوك الولايات المتحدة على المسرح الدولي من جهة، وبين ما كان قد كتب قبل 11 سبتمبر/ ايلول، من قبل مراكز الدراسات والمثقفين، عن السلوك المطلوب اتباعه من قبل الادارة الاميركية إذا ما ارادت اميركا الاستفادة من تفردها بمصير العالم والهيمنة عليه إلى امد طويل. فإنه يمكننا القول والاستنتاج، أن الاستراتيجية الاميركية الحالية هي لم تأت من العدم. لا بل هي تندرج ضمن سياق منطقي ومخطط له سابقا، وإلا فما معنى الكلام الذي قاله وزير الخزانة الاميركي السابق بول اونيل عن سلوك الرئيس بوش تجاه العراق؟ وقد بدا الامر وكأن القرار للحرب على العراق كان متخذا مسبقا، وما سعى إليه الرئيس بوش هو إيجاد السبب الحربي casus belli. حتى ان الوزير أونيل كان قد وصف الرئيس بوش بأنه مثل الاعمى الذي يسير في غرفة اموات.

لو قرأت اوروبا كتاب هتلر «كفاحي»، لعرفت اهداف الطاغية. ولو قرأ اليهود ما يشعر به تجاههم لكانوا على الاقل ارتحلوا قبل استهدافهم، ولكانوا الآن في غير فلسطين. فالمعروف ان صناعة الهولوكوست واستغلاله شكلا الحافز الرئيسي للغرب لاستصدار وعد بلفور. ولو قرأ ستالين الكتاب نفسه، لكان طبعا عرف موقف هتلر من الشيوعية كإيديولجية. ولما كان تفاجأ عندما ابلغه قادة جيوشه ان المانيا بدأت هجومها على روسيا، وذلك على رغم توقيع معاهدة عدم اعتداء بين الاثنين.

لو قرأ العرب (خصوصا المسئولين) بعمق الكتابات الصهيونية عن الاطماع في فلسطين، لما كنا قد وصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن. ولو قرأ العسكر في العالم العربي تاريخ علاقة العسكر بالسياسة عبر الزمن. لما كانوا تصرفوا بطريقة اصبحوا فيها عبئا على المجتمعات العربية، بعد ان اتوا إلى السياسة بهدف تحديث جيوشهم ومجتمعاتهم، لاسترداد فلسطين السليبة. فلا هم حدثوا، ولا هم استردوا، ولا هم يريدون ترك السياسة الآن بحجة ان البديل سيكون الفوضى.

لو قرأ الاميركيون فتاوى بن لادن، وأخذوها على محمل الجد، لكان من الممكن تجنب كارثة 11 سبتمبر. ولو قارن الاميركيون بين الفتاوى وأهداف بن لادن، وبين التنفيذ على الارض من قبل تنظيم القاعدة، لكان من الممكن تجنب كوارث عدة. ما المقصود من هذه المقدمة؟

المقصود من هذه المقدمة هو، إظهار علاقة المثقفين الغربيين بحكوماتهم ومدى تأثيرهم على صنع السياسة، الخارجية منها والداخلية. فالعلاقة بين الاثنين في الغرب، هي علاقة عضوية عميقة ومؤثرة. تصرف الحكومات عليهم مليارات الدولارات، وهم يضخون لها في المقابل عصارة فكرهم. لكن الجدير في الامر، ان الاثنين، المثقفين والحكومات لديهما الهدف الاساسي نفسه، ألا وهو الحفاظ على الأمن القومي لبلدانهم. وأخيرا وليس آخرا، يمكننا القول ان هؤلاء المثقفين قد استطاعوا الوصول إلى المراكز العليا والمتقدمة في الادارة الاميركية الحالية، والمقصود هنا بالطبع المثقفين الملقبين بالمحافظين الجدد Neocon.

يتوزع المثقفون والباحثون في الغرب على مراكز الدراسات والابحاث، Think Tank، أو «مختبرات الافكار» كما يحب الفرنسيون ان يسمونها. كذلك الامر، يوجد هؤلاء في عدة مراكز حكومية، اهمها في البنتاغون ووزارة الخارجية. وإذا ما ترك احدهم مركزه الحكومي الرسمي، فإن موقعه هو حتما في مركز الابحاث.


ماذا عن العالم العربي؟

إذا اردت ان تعرف سلوك واستراتيجية الحكومات العربية، فما عليك إلا ان تراقب ما تبثه الشاشات الرسمية، وما تكتبه الصحف المدعومة رسميا. اما ما يجري في الكواليس من سياسات تتناقض والمعلن، فهي ليست من شأن الرأي العام. على كل، الرأي العام لم يكن سبب وجود الكثير من الحكومات العربية.

يصنف بعض المثقفين العرب زملاءهم إلى قسمين: الاول، مثقفوا السلطة، أي الذين اختاروا ان يكونوا لسان حال هذه السلطة في الخير والشر، في الصالح والطالح. وهم مستعدون، اي المثقفين، للدفاع عن السلطة التابعين لها، حتى ولو كانت مواقف السلطة تتعارض مع قناعات هؤلاء المثقفين. أما الثاني، فهو المثقف الحرا والذي يعتبر نفسه معبرا عما تفكر وتحسبه الشعوب العربية. لذلك قد يعكس هذا القسم من المثقفين بصراحة، ما يختلج في صدور طبقات الشعب. أما مراكز الدراسات العربية، فهي مهمشة وغير فاعلة، وخصوصا إذا تعارضت دراساتها مع طموحات الحاكمين. فالمثقف العربي الحر، والذي يقول ما يفترض قوله، هو مثقف مهمش وممسوخة صورته، وهو فقير لقمته صعبة.


كيف يرى المثقفون العرب عالم اليوم؟

نظام المجلس الثقافي الكويتي كالعادة مهرجان القرين، وذلك خلال اول اسبوع من السنة. تضمن المهرجان ندوة موضوعها «ندوة العصر العربي الجديد: الواقع والتحديات». ودعي إلى هذه الندوة الكثير من المثقفين العرب، من مصر، المملكة العربية السعودية، الامارات، عمان، البحرين، تونس، الجزائر، لبنان بالاضافة إلى الكويت. دعي من لبنان الوزير السابق الفضل شلق، خالد زيادة، علي حرب، الصحافي والكاتب علي فرحات، والعميد الركن الياس حنا. تناول المحاضرون والباحثون الشئون العربية في العصر الجديد، حال الامة العربية، مع اقتراح سبل الخروج من الازمات المستعصية. تطرقت الابحاث إلى كل الابعاد الممكن بحثها وتحليلها، فكان البعد الانساني الاجتماعي، الاقتصادي، السياسي، الاعلامي، التكنولوجي، حتى تناولت الابحاث المناهج الدراسية في الدول العربية، وكيف يمكن تطويرها لتلائم العصر الجديد، وتخلق إنسانا عربيا افضل للمستقبل. بالإضافة إلى كل هذه الابعاد خصص يوم واحد لدراسة وبحث الابعاد الاستراتيجية والعسكرية في العالم العربي، مقارنة مع ما يجري اليوم في المسرح العربي. قدم العميد الزيات (مصري) ورقته عن التكنولوجيا العسكرية الجديدة، وتناول العميد الياس حنا موضوع، «الأمن القومي العربي، التحديات والثورة في الشئون العسكرية». ومن خلال المناقشات لمدة اربعة أيام، يمكن للمتابع ان يلاحظ أن للمثقفين العرب مواقف، ورؤى مختلفة عن عالم اليوم. حتى يمكننا القول ان هذه المواقف، قد تصادمت وتناقضت تماما تجاه الموضوعات الجوهرية والتي تهم العرب حاليا. فماذا عنها؟

تبين للمتابع خلال الندوة ان هناك اتجاهين لدى المثقفين العرب لفهم عالم اليوم وهما:

1- الاتجاه الاول، وهو الاتجاه القريب جدا من التفكير الاوروبي. ويقول هذا الاتجاه، إن العالم لايزال يقوم ويدار استنادا لكل المفاهيم والمؤسسات الدولية التي كانت قائمة خلال الحرب الباردة. بمعنى آخر، لايزال القانون الدولي اساسيا، ولا تزال الامم المتحدة المرجع الرئيسي للأمن الجماعي Collective Security. وإن الخروج عن هذين الأمرين، يعتبر عملا لا يحظى بالشرعية الدولية. ويعتبر هذا القسم من المثقفين ان الإرهاب لا يشكل التهديد الاول للأمن العالمي. فهو كان وسيبقى إلى الأبد. لذلك لا يجب تضخيم الامر، واعتباره بديلا عن الخطر السوفياتي مثلا. وهو يمكن معالجته عبر سياسات توضع من كل الافرقاء، وليس عبر التفراد الاميركي.

2- الاتجاه الثاني، وهو الاتجاه القريب من التفكير الاميركي. ويعتبر هذا الاتجاه ان سقوط الاتحاد السوفياتي، ووقوع كارثة 11 سبتمبر، قد بدلا جذريا الأسس، الانظمة والمفاهيم التي كانت سائدة خلال الحرب الباردة. وما كان يصح وقتها، لم يعد يصح الآن، لذلك لابد من التغيير. من هنا لا بد من تغيير الامم المتحدة، تعديل المفاهيم المتعلقة بالعلاقات الدولية والتي لم تعد تفي بالغرض. كما يعتبر هذا الاتجاه، أن الارهاب هو الحرب العالمية الرابعة بامتياز، خصوصا إذا ما اعتبرنا ان الحرب الباردة كانت الحرب العالمية الثالثة. فالإرهاب، وبسبب الثورة في التكنولوجيا والاتصالات، وبسبب وفرة المعلومات وتوافر اسلحة الدمار الشامل، وبما أن هذا الارهاب يصمم على ضرب الحضارة الغربية، والشرقية على السواء من دون الاخذ في الاعتبار الشأن الانساني، لذلك هو حرب عالمية، وجب التعامل معها كما تم التعامل مع الانظمة الطاغية، كهتلر، موسوليني وستالين.

كيف توزع المثقفون العرب خلال الندوة بين التيارين أعلاه؟


المثقفون المصريون

لايزال شعور الفوقية على غيرهم من العرب موجودا لدى المثقفين المصريين، حتى بعد خروج مصر من دائرة الصراع مع «إسرائيل». يعتبر المصريون ان الوجود الاميركي في العراق هو احتلال بامتياز. كذلك الامر، هم يقفون مع المقاومة العراقية (بحسب ما يسمونها هم) في حربها ضد القوات الاميركية. وقد دار جدل طويل عن التسمية للوجود الاميركي في العراق، هل هو احتلال أم تحرير. تعتبر النخبة المصرية ان جامعة الدول العربية لاتزال ضرورة ملحة، وهي فشلت بسبب خيارات وسياسات الدول العربية. وعلى رغم من ان مصر تتلقى اكثر من ملياري دولار اميركي كمساعدات من اميركا سنويا. فإن المثقفين المصريين، يكرهون اميركا بشكل بارز. وهم يعتقدون انها تخوض حربا على الاسلام والعرب. ويذكر أن أحد الباحثين المهمين اعتبر ان الصلح مع «إسرائيل» هو صلح مؤقت. وإن مصر تعد العدة لحرب قادمة بالطبع. فكان جواب احد الحاضرين كالآتي: إذا كانت مصر تعد العدة لحرب مع «إسرائيل» قريبة، فأين مؤشرات الاستعداد الحربي؟ ولماذا اعلن الرئيس حسني مبارك في قمة شرم الشيخ العام الماضي صراحة عن عدم عزم مصر على محاربة إسرائيل؟ ولماذا يذهب وزير الخارجية المصري إلى «إسرائيل»؟ وما هو دور الاستخبارات المصرية في إقناع المنظمات الاسلامية الفلسطينية بالجلوس إلى طاولة المفاوضات مع «إسرائيل»؟ باختصار، هناك بين المثقفين المصريين من يؤمن بأن القومية العربية لاتزال هي الاساس، وأنه يجب انتظار «صلاح الدين» آخر لتخليص العرب؟


المثقفون العراقيون

طبعا مثال هؤلاء المثقفين سلطة الحكم الانتقالي الحالية في العراق. يعتبر هؤلاء المثقفون ان الوجود الاميركي، هو تحرير للعراق من الطاغية، وهو مؤقت وليس احتلالا. لا بل يجب شكر هؤلاء الاميركيين لانهم دخلوا إلى العراق. شعور المثقفين العراقيين شعور قومي عربي، إسلامي وغيره. هو يعرفون ان لاميركا مصالح في العراق، فهم سيستفيدون من هذا الوجود والذي هو افضل من حكم صدام حسين. انتقد المثقفون العراقيون المثقفين المصريين كثيرا على مواقفهم. وطلبوا منهم إعطاءهم فرصة التقاط الانفاس، وعدم إطلاق النعوت ضدهم، ووصفهم بالمتعاملين والعملاء للاميركيين. لكنهم محتارين ومندهشين من المواقف العربية. فكيف يفضل العرب حكم صدام على الوجود الاميركي. فكم من القتلى وقعوا على يد صدام؟ وكم من الاموال الطائلة صرفت من قبل صدام فقط لضرب العرب، الجيران والشعب العراقي؟ وإذا كان العرب مع الشعب العراقي، وهم غيورون عليه، فلماذا تحركت النخوة الآن، ولم تتحرك قبل الاطاحة بصدام، بهدف حماية الشعب العراقي، ومنع اجتياح الكويت، ووقف الحرب العبثية التي شنها صدام ضد إيران؟ باختصار، يريد العراقيون فسحة من الوقت وبعضا من الدعم العربي، وهم حتما سيعودون إلى محيطهم العربي والاسلامي.


مثقفو المغرب العربي

يعيش هؤلاء المثقفون في عالم مختلف عن العالم العربي- الشرقي. هم اقرب إلى اوروبا، واصبحوا ابعد عن العرب المقاومين. مشكلاتهم الداخلية كثيرة، لكنهم لا يأبهون كثيرا بما يجري في العراق. فحكوماتهم قريبة من السياسة الاميركية، وهي حتما، أي حكوماتهم ستكون ضمن المنظومة الاميركية الامنية في شمال افريقيا، خصوصا الجزائر. وخير دليل على ذلك التحول الليبي الاخير. يهتم هؤلاء المثقفون Fhgsdfnkdh Cybernetics وبمجتمع المعلومات.


المثقفون الكويتيون

يسمح لك في الكويت ان تقول ما تريد. يسمح لك ان تنتقد الوجود الاميركي في الخليج والكويت، وان تقول عنه إنه احتلال إذا شئت. يمكن لك ان تنتقد ولي العهد، كما الامير. إنه بلد حر، كما يقول عنه الداعون للندوة. وعلى رغم ذلك، يؤمن الكويتيون انهم عرب، مسلمون اكثر من غيرهم. وهم من كانوا قد عانوا الامرين من حكم صدام، ومن حكم ممن كان قد سبقه. فيقول المثقفون الكويتيون: نحن بلد عضو في جامعة الدول العربية، انتسبنا في العام 1961. ونحن بلد عضو في الامم المتحدة، معترف بسيادته. ونحن دولة كنا ولانزال ندعم القضية الفلسطينية. ونحن آوينا اللاجئين الفلسطينيين، بعدد قد يفوق عدد سكان الكويت. لكن الدول العربية عجزت عن ردع عبدالكريم قاسم في العام 1963، من تهديد الكويت. كما فشلت في تحرير الكويت بعد الاجتياح العراقي العام 1991. حتى ان العرب، أصدقاء إيران لم يستطيعوا الضغط على إيران لحماية ناقلات النفط الكويتية في الخليج. وهذا بالاضافة إلى الانقلاب الفلسطيني على حكومة الكويت والتي كانت قد أوتهم لاجئين، وذلك عندما أيد أبوعمار الاجتياح العراقي ودعمه. لايزال الكويتيون يتوجسون خوفا من المستقبل. فماذا لو اتى حكم بعد صدام في العراق، وعاود الكرة تحت شعار عراقي قومي؟ يعتبر المثقفون الكويتيون، ان من حق الحكومة الكويتية ان تختار السياسة التي تناسبها لحماية امنها القومي، خصوصا بعد الافتقاد إلى الخيارات الاخرى، خصوصا العربية. وهي أي الكويت، بلد تعددي تعمل حكومته على بناء مجتمع متطور عصري، يجاري الحداثة لكن دون فقدان الهوية.


المثقفون السعوديون

يمكن تصنيف المثقفين السعوديين في درجة ما بين المثقفين المصريين، والمثقفين الكويتيين. فهم مصممون على إخراج السعودية من الفوضى التي يحاول زرعها الارهاب في داخل المملكة. وهم يتحدثون عن إصلاحات جذرية تطال المناهج الدراسية في العمق. ويعتبر المثقفون السعوديون، أن الاسلام كان دائما السباق لإعطاء المرأة حقوقها مثلا. وإلا فما معنى آية القأومة الكريمة في القرآن الكريم، والتي تعطي النساء حقا موازيا لحقوق الرجل؟ شارك المثقفون السعوديون بالتعليق والمناقشة، ولم يقدموا ابحاثا مطلوبة.


المثقفون اللبنانيون

قدم الوزير الفضل شلق ورقته، وكان موقفه اقرب إلى الموقف المصري منه إلى الموقف الكويتي. فقد اعتبر الوزير ان الوجود الاميركي في الكويت هو احتلال وليس تحرير. أخذت ورقة الوزير شلق نقاشا طويلا وحادا خصوصا من قبل المثقفين الكويتيين. وكانت الورقة تحت عنوان «المظاهر، التحديات والاستحقاقات». يركز الوزير شلق في الورقة على ان الولايات المتحدة عرضت مشروعها على العرب تحت الشروط الآتية: إما الاحتلال + الديمقراطية، أو الانظمة على مثال صدام حسين. أما ورقة العميد الركن الياس حنا، فهي ستكون موضوع المقال الاحد المقبل.

في الختام، يبدو ان النظرة للعالم من قبل المثقفين العرب تختلف بين منطقة وأخرى، إختلافا جذريا. وإن الاختلاف في الرأي والتفسير لامر ما، هو من العلامات التي تدل على ان الحيوية الفكرية في العالم العربي لاتزال حيّة ومنتجة. لكن التمسك بالافكار القديمة، قد يكون من الاسباب القاتلة لمجتمع ما. فهي قد تضعه على هامش التاريخ المعاصر. وإن السيئ في الامر، هو في انه لا يمكن لنا محاسبة هذه الافكار بعد فوات الاوان، لتدفع مجتمعاتنا الثمن الباهظ. إذا من الضروري، أن يكون الفكر العربي فكرا لينا، يستفيد من الغير لكن من دون فقدان الذات والهوية. وتكمن معضلة العالم العربي، في ان الكثير من المثقفين والحكام، يريدون خوض غمار التحديات الحاضرة والمستقبلية، بخطاب ووسائل من الماضي والذي كان فاشلا فشلا ذريعا. فتحديات الحاضر تطال الكيان، الوجود والهوية. أفلا يستحق كل ذلك قراءة متأنية عقلانية وهادئة؟ طبعا نعم. نحن بالانتظار.

استاذ محاضر في جامعة سيدة اللويزة

وعميد ركن متقاعد

العدد 504 - الخميس 22 يناير 2004م الموافق 29 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً