العدد 5041 - السبت 25 يونيو 2016م الموافق 20 رمضان 1437هـ

دعوة للإفطار في منزل مسيحي

جميل المحاري jameel.almahari [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

الأسبوع الماضي أخذني أحد الأصدقاء لفطور رمضاني في منزل صديق له، ورغم تحرّجي الشديد للذهاب لمكان لم أدع إليه شخصياً، إلا أن صديقي أصرّ على حضوري مؤكداً أن صاحب الدعوة خوّله باستضافة من يريد، وأنه سيرحّب بكل الحضور سواءً كانوا من أصدقائه الشخصيين أو أصدقاء أصدقائه، وقال لي إن لبيت هذه الدعوة سترى شيئاً لم تره من قبل، ليس فيما يخص ما سيقدّم من طعام، وإنما لأمرٍ قد لا تتوقعه تماماً. ولفضولي الصحافي قبلت الذهاب، وكان صديقي محقاً تماماً فيما قال.

كان صاحب الدعوة يستقبل جميع زواره أمام منزله الفخم بكل سرور وترحاب، وخصص مساحة واسعة من الحديقة فرشها بـ«الزل» لمن يرغب في الصلاة قبل أو بعد الإفطار، فيما راح يعتني بجميع الضيوف ويتأكد من أن أواني الأكل في «البوفيه» مملوءةً بالطعام، وأن كل طاولة لا ينقصها أي شيء، ولم يسترح للحظة واحدة، أو يجلس للأكل كباقي المدعوين. ورغم ذلك لم أجد في الأمر غرابةً كبيرةً، فمن عادات الكرم والضيافة في مجتمعاتنا العربية أن المضيف لا يبدأ بالأكل إلا بعد أن يطمئن أن جميع المدعوين قد نالوا من حسن الضيافة ما يشرفه أمامهم، وهكذا عادةً ما تكون أخلاق الكرماء.

كان الحضور من مختلف الأطياف والتوجهات، ولكن ما لفت نظري أمران، الأول هو وجود شخصية مسيحية مهمة ترتدي لباس الرهبان في الدير المسيحي، أما الأمر الآخر فهو أن عدداً لا بأس به من المدعوين هم من قرية واحدة رغم أن صاحب الدعوة ليس من هذه القرية بالتحديد.

بعد الإفطار وقبيل انصرافنا، أخذني الصديق لرؤية حديقة المنزل الجميلة، والتي كانت تضم مكاناً للإستراحة، وهنالك لفت نظري أمر آخر، فبجانب الإستراحة وضع تمثال بهي وجميل لمريم العذراء بكل رصانة ووقار، عندها سألت صديقي عن السر وراء ذلك، وعندها كانت الصدمة، فمضيفنا على رغم أنه بحريني، إلا أن ديانته هي المسيحية. لقد وُلد في البحرين مسيحياً، وعاش بين أهلها، وكوّن صداقات وعلاقات بين أبناء البحرين دون النظر إلى ديانتهم أو مذهبهم. لقد وُلد بحرينياً وعاش طفولته ومراهقته وشبابه في البحرين بين أبنائها الطيبين، ولذلك فإن ما يجمعه مع أبناء البحرين أكبر مما يختلف فيه معهم، فالدين لله والوطن للجميع، ولذلك كان يقوم ومنذ مدة طويلة، بدعوة أبناء وطنه إلى وجبة الإفطار في رمضان من كل عام.

أما السر في أن عدداً كبيراً من المدعوين هم من أبناء قرية معينة، فأوضح صديقي أن صاحب الدعوة قد ربطته صداقات مع عدد من أبناء هذه القرية، وهو يلبّي جميع دعواتهم ويواسيهم في الأحزان، فحين يتوفى أحد أبناء القرية يكون هو أحد أول المعزين، وفي أفراحهم يكون من أوائل المهنئين، ولذلك كسب حبّهم واحترامهم، ولا يمكن إلا أن يلبوا دعوته.

هكذا هم أبناء البحرين حين يُتركون على سجيتهم دون تدخل الاعتبارات السياسية مهما كان دينهم أو مذهبهم، محبين للناس والخير، طيبين بالفطرة، لا يكرهون أحداً، مسالمين، وادعين، وهكذا سيبقون وإن أريد لهم غير ذلك، فإن القيم الإنسانية السامية وفي كل مكان كالحب والخير والتسامح أقوى من النوازع الشيطانية وإن سادت إلى حين.

إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"

العدد 5041 - السبت 25 يونيو 2016م الموافق 20 رمضان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 18 | 6:02 م

      اكتفي بالقول ان جون إنسان راقي ، وشكرا لك يا أبو خالد ، اخوكم علي الشامي

    • زائر 16 | 4:00 م

      ماقصرت يا جون على الدعوة واللة يرحم والديك.
      نضال الموسوي

    • زائر 15 | 9:15 م

      كلام جميل يا أبو خالد

    • زائر 14 | 4:30 م

      مقال جميل ياجميل????

    • زائر 13 | 3:35 م

      والنعم فيه ... إنسان بما للكلمة من معنى .. شكرًا لك يا قدوة
      أخوك حسين العالي

    • زائر 12 | 2:52 م

      يعجز السان عن وصف هذا الرجل وفي زماننا هذا شخص بهذه النوعية عملة نادرة في مجتمعنا
      اخوكم جميل الشامي

    • زائر 11 | 2:06 م

      يعجز السان عن وصف هذا الرجل وفي زماننا هذا شخص بهذه النوعية عملة نادرة في مجتمعنا
      اخوكم جميل الشامي

    • زائر 10 | 1:30 م

      خوك جون اعزمني مره ثانيه والنعم فيك

    • زائر 9 | 11:30 ص

      والنعم فيك يا جون انت نعم الاخ والصديق

    • زائر 8 | 10:41 ص

      احييك اخي الغالي جون على اخلاقك العاليه انا لااعمل معه لكني سمعت عنه كثيرا عن طريق اختي تعجز عن وصف اخلاقه وطيبة قلبه وحبه للبحرين نعم نفتخر بك اخي العزيز فانت والنعم بحريني اصيل ربي يكثر من امثالك...
      اختك ام ناصر

    • زائر 7 | 10:19 ص

      جون حيدر
      صديقي من سنة 1998 وما شاء الله رجل اجتماعي من درجة أولى ومحبوب عند الناس ????????❤

    • زائر 6 | 9:53 ص

      جون حيدر رجل اجتماعي من الدرجه الاولى ،، فهو مع الناس في أحزانهم قبل أفراحهم ، يتواصل مع الجميع طبقات المجتمع البحريني في كافة مناسباتهم، وفي كل عام ألبي دعوة اخي جون للافطار في منزله العامر.
      شكرًا من القلب اخي جون على الفرصه الجميلة التي نتشرف من خلالها بالإلتقاء بأخوان لنا لا نكاد نراهم الإ في فطورك الرمضاني، أدام الله المودة والمحبة والتقارب بين الجميع.
      اخوك أبو منصور

    • زائر 5 | 9:28 ص

      البحرين حكومة وشعباً ستكون بالف خير اذا ابتعد اصحاب النعرات الطائفية

    • زائر 4 | 8:04 ص

      هذا فعلا إبن البحرين جون حيدر صديقي وهو بمثل ما وصفته من ناحية الأخلاق وأكثر إذ إنه لا يفوت مناسبة فرح أو حزن لأي من إصدقائه وزملائه بالعمل ويعاود السؤال عن الكل سواء بالهاتف أو بواسطة وسيلة من وسائل التواصل الأجتماعي من خلال الأنتر نت.
      وهو نعم التربية والأخلاق بدون تكلف وبعفوية أخوية ويعمل بصمت لعمل الخير من خلال المؤسسات الغير هادفة للربح.
      عزيزي جون أنا أحبك وأفتخر بصداقتك.
      أخوك زمان

    • زائر 2 | 3:52 ص

      اعجبتني

    • زائر 1 | 1:16 ص

      شكرا و شكرًا علي هذا الخبر و شرح و وصف الافطار الرائع. من السهل ان يعتقد المرأ بفكرة او دين. من الصعب ان يكون آدميا. ادعوا البشر الي الآدمية و أخرجوه من القطيع الذي يسير فكره. اطلبوا من الناس ان يكونوا بمستوي التكريم الالهي لهذا المخلوق الوحيد الذي يتطور غصبا عن كل العقائد و الظروف. اخبروا الانسان بانه ليس كبقية المخلوقات التي تهتك بعضها. اخبروه بان الانسان غير قادر بالتصرف في مخه. دعوه يتعلم و يتعرف علي جهله لكي يغدو عالما. العالم هو من يعرف جهله و ليس من تعلم و قرأ بعض الكتب.

اقرأ ايضاً