العدد 5089 - الجمعة 12 أغسطس 2016م الموافق 09 ذي القعدة 1437هـ

الإعلام الاجتماعي... نظرة إيجابية

علي سبكار

رئيس النادي العالمي للإعلام الاجتماعي للشرق الأوسط

حقيقةً لا أعرف ولا أجد مبرراً لكل هذه السلبية والسوداوية التي ينظر بها عدد من الناس إلى كل ما هو جديد في الحياة، وربما إلى الحياة برمَّتها، على رُغم أنَّ كل ثنائية من ثنائيات الحياة: الليل والنهار، الفرح والحزن، الأبيض والأسود، الصحة والمرض، تحمل في طياتها السعادة والألم في الوقت ذاته، والأمر لا يتوقف عليها، بل يتوقف بالدرجة الأولى على الشخص الذي ينظر إليها.

الشيء ذاته ينطبق على وسائل الإعلام الاجتماعي، والتي شكلت مرحلة تطور هائل غيَّر من أساليب تواصل البشر مع بعضهم بعضاً، وهي مرحلة جاءت في سياق تطور طبيعي لرغبة الإنسان في التواصل مع بني جنسه، فكان أن بدأ أولاً بإشعال النار، ثم اخترع الكلام، ثم التيلغراف والتلفون والراديو والتلفاز والخلوي، وكانت وسائل التواصل الاجتماعي مرحلة طبيعية ضمن هذا التطور، مرحلة ربما تلغيها مرحلة قادمة لا نعرف ماهيتها حتى الآن.

نحن في النادي العالمي للإعلام الاجتماعي نتبنى رؤية إيجابية تفاؤلية لكل ما هو جديد على صعيد التطور التقني للتواصل بين البشر، وسعينا ونسعى على الدوام من أجل تسخير هذا التطور، ووضعه في خدمة الإنسان عبر استثماره بالطريقة الأمثل.

ونركز على الشباب؛ لأنه من البديهي القول إن الشباب هم الشريحة الأكثر استخداماً للإعلام الاجتماعي، لكن نسبة حضورهم تختلف من منصة اجتماعية إلى أخرى، فهم يرتفعون أكثر على «إنستغرام» مقارنة بـ «تويتر» مثلاً، وذلك لطبيعة المنصة نفسها، فالصور تستهوي الشباب، أما النصوص القصيرة فهي أكثر ملاءمة للمثقفين في أواسط العمر.

داخل شريحة الشباب نفسها هناك من يستخدم الإعلام الاجتماعي ليستفيد منه شخصيًّا، على صعيد التعليم والثقافة وتنمية المهارات، وهناك من يستخدم هذه المواقع بطريقة سلبية تسيء له ومحيطه ومجتمعه، وربما تؤدي به الى الجريمة والإدمان وغيرهما، وما أريد قوله هو إن مواقع الإعلام الاجتماعي وفرت أمام الشباب فرصاً ذهبية غير مسبوقة للتطور، لكن يجب عليهم استثمارها بالشكل الأمثل.

وأؤكد هنا ضرورة أن يولي الآباء أيضاً أهمية لمسألة مراقبة ماذا يفعل أبناؤهم على مواقع الإعلام الاجتماعي، ليس بمنعهم من استخدام هذه المواقع، وإنما بصداقتهم عليها، وتقديم النصح والمشورة الدائمة لهم بالابتعاد عن أصدقاء السوء في هذه المواقع، واستخدامها في كل ما هو مفيد لهم على صعيد الدراسة والصحة والتعلم والعمل وغيرها.

وأؤكد أيضاً أنَّ كل جهد يهدف إلى نشر ثقافة الاستخدام الأمثل لمواقع الإعلام الاجتماعي يجب التركيز عليه ودعمه، ولا شك أن أية أندية أو مؤسسات أو ملتقيات تقيم فعاليات خاصة بالإعلام الاجتماعي لها أثر في تثقيف الناس حول هذه النوع الجديد من الإعلام وكيفية استخدامه، وفي الوقت نفسه يجب ازدراء وإهمال كل الأشخاص والحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تنشر السلبية وتحرض على العنف والتطرف والكراهية، حتى تموت من تلقاء نفسها عندما لا تجد من يلقي لها بالاً.

كما أن مواقع الإعلام الاجتماعي مثل «تويتر» و»إنستغرام» و»فيسبوك» هي «مجلس إلكتروني» يشبه المجلس التقليدي لكنه غير محدود بالجغرافيا والحضور، ويمكن لما يدور في هذا المجلس الإلكتروني أن يصل إلى شرائح واسعة من الجمهور في مختلف الأماكن، لذلك فإن مستخدميها لديهم دور كبير في التوعية باستخدام تلك المواقع.

كل ذلك يؤدي إلى حصر الاستخدام السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي في أضيق نطاق، ومن أنماط الاستخدام السلبي ما قرأناه الأسبوع الماضي عن شخص يسيء استخدام «انستغرام» باستخدام هذا التطبيق لبيع تذاكر طيران وحجوزات فنادق وهمية، كما أن هذه المواقع يمكن استخدامها في التحريض على العنف ونشر الرذائل وانحلال الأخلاق وما إلى هنالك، كما أن هناك أيضا جرائم إلكترونية ترتكب على هذه المواقع يمكن أن تتسبب لمرتكبها بمساءلة قانونية.

وأعود لأؤكد أن ما يجب التركيز عليه هو تعليم المستخدمين أهمية استخدام تلك المواقع بإيجابية، وذلك عبر نشر ما هو مفيد ونافع، والابتعاد عن المحتوى الذي يروج للعنف والكراهية، وهنا أجدد ما قلته سابقا: «قبل أن تنشر أي شيء عليك أن تجيب على أربعة أسئلة، هي: هل هذا الشيء مفيد لي شخصيًّا؟ وهل هو مفيد لأسرتي؟ ولمجتمعي؟ ولوطني البحرين؟ وبمعنى آخر هل أن نشره يمكن أن يضرني أو يضر أسرتي أو مجتمعي أو وطني؟»، وأضاف «الإجابة على هذا السؤال تحدد النشر من عدمه، ليس النشر فقط وإنما إعادة نشر ما ينشره الآخرون أيضاً.

إقرأ أيضا لـ "علي سبكار"

العدد 5089 - الجمعة 12 أغسطس 2016م الموافق 09 ذي القعدة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً