العدد 5130 - الخميس 22 سبتمبر 2016م الموافق 20 ذي الحجة 1437هـ

باربار... القرية المنسية

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

الحديث عن حاضر قرية باربار لا يمكن أن يكون بعيداً عن ماضي القرية، وتاريخها الذي يؤرخ بداياته ما قبل تاريخنا المعاصر، وتمثل من أوائل المناطق في بلادنا التي شهدت أولى الهجرات، واﻻستيطان البشري، وتختزن في باطن أرضها معالم تاريخية ذات قيمة انسانية وحضارية، ومن المحتمل ان تكون غالبية تلك المعالم لم يجر اكتشافها، اذ تشير حكايات الأهالي إلى أن بيوتها مبنية على حفريات ومخابئ وأنفاق قديمة بقدم تاريخ الهجرات الأولى، ووفق الحقائق التي يشير إليها من عمل في بناء بعض من تلك البيوت أن طبيعة محتويات تلك المعالم التي جرى طمرها في مواقع مختلفة؛ نتيجة انعدام الوعي بأهميتها، وتشييد منازل القرية عليها ذات قيمة تاريخية وتبرز الأهمية الحضارية لقرية باربار، ومن المعروف أن القرية تزخر بمعالمها التاريخية، ومن أهمها معبد باربار، وأن تلك المعالم تشير إلى قدم هذه البقعة وارتباطها بتاريخ الحضارات القديمة.

كما ﻻ يمكن الحديث عن قرية باربار بعيداً عن تاريخ أهلها الحرفي، وبيئتها الطبيعية التي تركت أثرها على الطبيعة المهنية لأهالي باربارالذين عرفوا بنشاطهم الزراعي والبحري واشتهروا بصيد اللؤلؤ في مرحلة ازدهار هذه المهنة في مرحلة مهمة للنشاط الاقتصادي للبحرين، ومن المعروف أن القرية تزخر بغطائها النباتي وبالمزارع التي ميزت مظهرها الجمالي، وجعلها تكون ضمن الحزام الأخضر، وﻻ يمكن أن يغيب عن ذاكرتنا ذلك الجمال وأنواع الأشجار المثمرة، وقطعان النخيل الرائعة الجمال التي كانت تميز البيئة الطبيعية للقرية حتى سبعينات القرن الماضي، وﻻيمكن أيضاً أن يغيب عن ذاكرتنا المزارعين الذين كنا نشاهدهم كل صباح، ونحن متجهون إلى المدرسة سيرا على الأقدام عبر حزام المزارع الكثيفة التي تطوق القرية، وهم يفلحون الحقول التي جرى تجريفها، وغزت مواقعها الغابات اﻻسمنتية.

ويتداخل مع هذه اللوحة الطبيعية الشريط الساحلي وقوارب الغوص التي كانت مركونة على الساحل حتى سبعينات القرن الماضي، ومظاهر قوارب الصيد الراسية في المياه البحرية وحركة البحارة والصيادين وهواة البحر على الشريط الساحلي، ولا يمكن أن نغفل مظاهر الاحتفالات الاجتماعية أيام الاعياد على الساحل الذي يتميز بحزامه اﻻخضر ورماله الناصعة البياض، ومياهه النقية وأسماكه الوفيرة والمتنوعة، ذلك الساحل المرتبط بساحل الدراز وجنوسان والممتد ارتباطه شرقا الى ساحل قرية كرانة وجد الحاج، وعند مقاربة واقع ماضي وحاضر ذلك المعلم البيئي والحضاري وتلك المظاهر الطبيعية نجد أنها صارت في حالة من التدهور والنسيان.

للقرية مطالبها واحتياجاتها المحددة في سلم أولويات برنامج الحكومة (2015-2018) للتنمية والتطوير الحضري، وتلك القضايا دائمة الحضور في الحوار اﻻجتماعي في المجالس الأهلية، ومواقع تواجد المجتمع المحلي، ويشكل الساحل أحد المعالم المهمة الاجتماعية والبيئية الذي هو في حاجة إلى تأهيل وتطوير ليكون متنفساً وموقعاً للترويح. وعلى رغم الوعود التي يجري اﻻعلان عنها بين فترة وأخرى لتطوير الساحل التي كان آخرها زيارة وزير البلديات والتخطيط العمراني سابقاً قبل الانتخابات النيابية الاخيرة بفترة وجيزة وعرضه تصاميم وخرائط لتطوير الساحل والمواقع الرئيسية في القرية، وكذلك زيارة محافظ الشمالية في فبراير/ شباط 2016 والاطلاع على واقع الساحل ومعبد باربار التاريخي، لم يشهد الساحل والمواقع اﻻخرى بوادر تشير الى النية في إنجاز ما جرى عرضه من مشاريع.

المطالب والاحتياجات التي ينادي بها المجتمع المحلي في باربار ويحلم بأن يجري الاهتمام بها ليست في حاجة الى بحث ودراسة، إذ تشير الحقائق المعلومة لدى جهات الاختصاص افتقاد القرية الى حديقة نموذجية تحتضن الاطفال، وتوفر لهم فرصة للعب بأريحية وقضاء وقت من الراحة والمتعة تضمن سلامتهم الشخصية من مخاطر الألعاب المتهالكة والأرضية الوعرة التي تفتقد لمتطلبات السلامة في الحديقة اليتيمة الواقعة في الطرف الشرقي من القرية.

وبالتوافق مع ذلك ينبغي عدم إغفال معبد باربار التاريخي المعلم الذي يضاهي بمكونه التاريخي المعالم التاريخية العالمية، ويفتقد إلى أبسط وسائل الترويح، وفي حاجة الى تطوير والاستفادة من الأهالي في القرية ونادي باربار كمؤسسة ثقافية واجتماعية في ابتكار المناشط التراثية والثقافية والاجتماعية السنوية التي يمكن الاستفادة منها في إحياء الموقع واستثماره للسياحة الثقافية والتاريخية.

المعضلة التي لا تفارق أحاديث المجتمع في باربار ويتحدثون عنها بحسرة وألم، مدرسة باربار الابتدائية للبنات التي خَرجت كوادر علمية مهمة، منهم الاطباء والاستشاريون والتربويون الذين يعدون من الكوادر المهمة في خريطة العمل المهني في مملكة البحرين، إذ إن هذا المعلم التربوي والتعليمي، والمدرسة التي أمنت الظروف المناسبة لاستقطاب البراعم الواعدة، والتي هي محط فخر واعتزاز أهالي باربار وكانت تحتضن جمعا من بنات القرية والقرى المجاورة ، جرى اتخاذ قرار اغلاقها مصحوبا بالوعود في تشييد مدرسة نموذجية، بيد أن التاريخ يمضي وما جرى الوعد به لم يجد مكانه في التنفيذ، وذلك أمر في حاجة الى قرار مشابه للقرار الذي أكد جدواه في صون بقاء مدرسة السنابس الابتدائية للبنات، ويتطلع المجتمع في باربار إلى أن يتحقق ذلك الأمل.

المطالب الخدمية من المسائل التي هي في حاجة كذلك الى اهتمام ومعالجة وتلك المطالب بالاضافة الى انها مسئولية مؤسسية هي أيضاً في جزئية محددة مسئولية مجتمعية، والقرية في حاجة الى اصلاح المجاري في بعض المواقع التي تمثل معضلة في موسم الامطار وتشديد الرقابة والتفتيش في المواقع التي تشهد مخالفات متواترة في رمي النفايات والمخلفات ومنها المقبرة الغربية والمنطقة الواقعة شمال المركز الصحي وكذلك المنطقة الغربية الجنوبية في القرية التي تحولت الى مكب للنفايات.

الإسكان من المطالب الرئيسية التي تقلق الأهالي في باربار، ومصدر ذلك القلق يتمثل في الظروف الخاصة التي تسببت في تأخر بعض أبناء القرية في تقديم طلباتهم الاسكانية، كما أن ذلك القلق وفق ما يشير اليه ابناء باربار يعود الى فقدانهم الأمل في توفير مساحة من الأرض لإقامة مشروع اسكاني للقرية يساهم في تيسير أمر الحصول على وحدات اسكانية.

المطالب التي جرى حصرها يمكن ايجاد مخارج لحلها، بيد أن ذلك في حاجة إلى آلية مجتمعية، وباربار تفتقد إلى الآلية الأهلية التي تتولى مهام تنسق الجهود وتوحد المطالب، وذلك ما ينبغي إدراكه.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 5130 - الخميس 22 سبتمبر 2016م الموافق 20 ذي الحجة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 1:30 م

      د.كتور شبر الله يعطيك العافية قرأت ماكتبت وأعجبني كثيرا أرجو لك التوفيق وأتمنى للأهالي في باربار التفاعل مع ما ورد فيه من مطالب ،ومن الجهات الرسميه الإهتمام الجدي بما اشتمل عليه .
      . في الختام لا يسعني إلا أن أشد على يديك وأتمنى لك التوفيق.

    • زائر 8 | 4:31 ص

      نموذج للقرى المنسية
      في نشكر الكاتب في المبادرة بتسليط الضوء على القرية التي ينتمي اليها واعتقد ان الكاتب اراد من خلال مقاله عن باربار تسليط الضوء على واقع القرى بشكل عام ولو استطاع لضم جميع القرى لكن ذلك يحتاج الى معلومات ومساحة ونتمنى ان يقوم الكاتب في مقال لاحق تسليط الضوء على القرى القريبة منه وتعمل الوسط على اعداد تحقيق شامل عن واقع القرى والمناطق المنسية في البحرين التي تحتاج الى اهتمام.

    • زائر 7 | 6:30 م

      باربار؟! ويش السالفة كل قرا البحرين منسية ليش يعني باربار شفيها زود؟

    • زائر 5 | 8:32 ص

      الونيس

      كل مناطق البحرين تفتقر الخدمات

    • زائر 3 | 3:00 ص

      غالبية قرى البحرين منسية وليست باربار الوحيده ؟

    • زائر 2 | 1:39 ص

      هو بس بار بار قرية منسية ما كل قرانا منسية من الخدمات الا ما ندر

    • زائر 1 | 1:10 ص

      نشكر سعادة الدكتور على هذا الطرح الممتاز الذي يثري القرّاء ، ونناشد المسئولين في الدولة بالنظر في مناقصة ساحل القرية و وصيانة المرافق معابد باربار وأيضاً نناشد المسئولين بإعادة النظر في بناء المدرسة النموذجية للبنات الإبتدائية ونناشد وزارة الإسكان في النظر في توفير مساحة من الأرض لإقامة مشروع إسكاني للقرية يساهم في تيسير أمر الحصول على وحدات إسكانية.

    • زائر 4 زائر 1 | 6:13 ص

      صحيح أن ما ذكره الأخوين أن معظم القرى منسيه

    • زائر 6 زائر 4 | 8:55 ص

      ليست باربار الوحيده المنسيه بلا اكثر مناطق البحرين ...

اقرأ ايضاً