العدد 5138 - الجمعة 30 سبتمبر 2016م الموافق 28 ذي الحجة 1437هـ

أحمدي نجاد... ابتعِد

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل 5 أيام كُشِفَ عن جزءٍ من صورة الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة. فخلال درسه الفقهي وأمام محضر من رجال الدين، أكَّد المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي نهيه «المتداول» للرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد كي لا يخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة.

خامنئي قال بأن: «شخصاً جاء إليَّ وأنا قلتُ له بأنني لا أرى مصلحة في أن يخوض القضية الفلانية؛ نظراً لمصلحته الشخصية ومصلحة البلاد، وهذا أمر عادي، وعلى المرء أن يقول لأخيه المؤمن ما يرى ويُدرك ويعتقد بأنه لصالح أخيه المؤمن». ثم أضاف «نحن على علم بأوضاع البلاد أكثر من معظم الأشخاص الآخرين، ونعرف الأشخاص الذين التقيناهم مئات المرات، ونظراً إلى أوضاع البلاد يوصي المرء شخصاً ما بأنه إذا دخل هذا المعترك فسوف يُحدث شرخاً في البلاد، والشرخ يضر بالبلاد»، وإيران «بحاجة إلى الهدوء وحفظ الوحدة في الوقت الحاضر». نجاد وبعد يوم واحد أكَّد على ذلك الموضوع في رسالة من 9 أسطر نشرها موقعة ومؤرخة في 27 سبتمبر/ أيلول 2016 قال فيها بأنه «لا ينوي خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة المقرر إجراؤها» في 18 مايو/ أيار 2017. وأنه يمتثل لتوجيهات المرشد الأعلى بعدم خوض الصراع الرئاسي، وأنه «يبقى جندياً صغيراً للثورة وخادماً للشعب الإيراني وقيادته الحكيمة»، على حدّ تعبيره.

حيثيات الموضوع تعود إلى تفاصيل ذكرها المدير السابق لوكالة أنباء فارس الإخبارية مهدي فضائلي قبل شهرين من الآن، حيث أبدى المرشد استياءً من تسريب فضائلي ذلك الخبر للإعلام (قبل أن يُعلنه هو في درسه الفقهي) قائلاً: «بعض الجهات السياسية ووسائل الإعلام تناولت وتعاطت مع الخبر بشكل سلبي، في حين أنني لم أمنع نجاد من المشاركة في الانتخابات الرئاسية، بل قلت له إنه ليس من مصلحتك ومصلحة إيران المشاركة في الانتخابات المقبلة، وهو أمر طبيعي وعادي».

اللافت في الأمر أن اللقاء بينهما (خامنئي ونجاد) قد تمّ في 30 أغسطس/ آب الماضي، إلاّ أن رفض خامنئي ترشيح نجاد للانتخابات كان أسبق من ذلك اللقاء وفقاً لتسريب «المنع» الذي ذكره فضائلي، حيث أن الأخير قد أذاع الخبر في مقال نشره في 20 يوليو/ تموز الماضي، أي قبل 10 أيام من اللقاء الرسمي.

الأمر الآخر أن نجاد كان (وكما ذكر في خطابه) قد برّر في لقائه مع المرشد أسباب زياراته لعدد من المحافظات الإيرانية وإلقائه خطابات فيها، وهو ما يُظهِر عدم رضا من القيادة الإيرانية لتحركات الرجل، حيث اعتبرت ذلك بمثابة الدعاية المسبقة له، والتدخل في شئون «الدولة» بشكل مباشر، وخصوصاً أن نجاد كان قد حضر فعاليات «شبه عسكرية» وأبدى مواقف فيها، كمشاركته في احتفالات تُخلِّد ذكرى الحرب العراقية الإيرانية، في منطقة شالامتش في مارس/ آذار الماضي. لم يقم خامنئي من قبل برفض ترشيح أحد بشكل مباشرة، تاركاً الأمر إلى مجلس صيانة الدستور. لكن في هذه المرة غيّر من طريقة تعامله ليتدخل جهاراً، ربما لرفع الحرج عن مجلس صيانة الدستور الذي قد يرى نفسه غير قادر على رفض ترشّح أحمدي نجاد لذات الأسباب (ولو حتى الشكليّة منها) التي دفعته لرفض ترشّح هاشمي رفسنجاني لدواعي تقدمه في العمر مثلاً.

هو يدرك (أي خامنئي) أن رفسنجاني عندما رُفِضَ اسمه لم يقل شيئاً كونه مهِيض الجانب. وكذلك فعل في انتخابات العام 2005 عندما احتجّ على فوز نجاد عليه، وأن أقصى ما قاله هو أن هناك قضاة لا يريدون أن يفعلوا شيئاً في طعونه. بينما نجاد هو شخص «خطر» و»عنيد» ولديه كتلة في البرلمان، وبالتالي فإنَّ رفض مجلس صيانة الدستور له قد يسبب مشكلة أخرى للداخل الإيراني يُثوّرها الرجل وأنصاره.

وربما كان حسم المرشد لهذا الأمر هو لكسر عناد «النجادية»، حينما ظهر بعض من أنصار أحمدي نجاد قائلين، بأنهم لا يعتدُّون بأقوال تُطلق هنا وهناك تفيد بأن المرشد قد نهى نجاد عن الترشّح، وأنهم يريدون شيئاً مكتوباً أو منطوقاً وهو ما جعل آية الله خامنئي يظهر ويقول: «بعض الأشخاص يقولون لماذا لم يقل ذلك عبر المنبر؟! ها أنذا أقوله عبر المنبر والمايكروفون».

خلاصة هذا الرفض أن المرشد يريد تكريس جناحَيْن مختلفَيْن من الإصلاحيين والمحافظين، حين ساعد على وصول كتلة إصلاحية «مقبولة» يقودها محمد رضا عارف، وأخرى في الرئاسة يتزعمها حسن روحاني. لذلك، فإن الفرصة باتت مؤاتية لشخصيات محسوبة على هذين التيارين كي يخوضوا الانتخابات، أو أن يقوموا بعملية دعم متبادل داخل السلطتين التشريعية والتنفيذية.

لذلك وجدنا أنهما كتيارين باتا يتشاركان الدعم، مثلما ظهر قبل أيام حين أعلن الإصلاحيون أنهم اختاروا وزير التعليم الأسبق محمد علي نجفي لرئاسة حملة روحاني في الانتخابات الرئاسية المقبلة داعين الجميع للتصويت له، في حين تبقى الفرصة مفتوحة أمام شخصيات «مضمونة» من التيار المحافظ كمحمد باقر قاليباف أو علي أكبر ولايتي لدخول حلبة المنافسة. وقادم الأيام سيثبت ذلك أو ينفيه.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 5138 - الجمعة 30 سبتمبر 2016م الموافق 28 ذي الحجة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 8:03 ص

      المهندس احمدي نجاد يحبونه ناس واجد ..لانه ثوري ضد اسرائيل ويحب الفقراء ومتواضع

    • زائر 3 | 2:56 ص

      انه نصح أخيه المؤمن .. هذا لسان حال المواليين للمرشد الأعلى الذي قدر وهدى! .. فلو كان ذلك الامر صدر من رئيس دولة عربية لعلقت له الجماهير الهادرة المشانق فى الشوارع! .. فكم من زعيم عربي لقي حتفه لأنه نصح أخيه فى الدين أو نظير له فى الخلق؟!!.

    • زائر 2 | 12:52 ص

      خلال ٣٧ سنة من عمر الانتخابات الايرانيه نشاهد مثل هذه التجاذبات .. لكنها سرعان مايثبت الواقع عكس هذت الشيئ الا ببعض الانتخابات شابها شيئ من الفوضى كفوز نجاد بالفترة الثانية .. اللهم اصلح حال كل الدول

    • زائر 1 | 12:13 ص

      بينما نجاد هو شخص «خطر» و»عنيد» .. لماذا؟

اقرأ ايضاً