العدد 5139 - السبت 01 أكتوبر 2016م الموافق 29 ذي الحجة 1437هـ

دول الخليج... إلى أين؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في ندوته الأخيرة بجمعية «وعد»، عن «مستقبل دول مجلس التعاون الخليجي في خضم الصراعات الدولية»، قال الدكتور علي فخرو إننا نتكلم ونتحدث، ونشخّص ونحلّل، ولكن لا يسمعنا أحد، وبالتالي لا شيء يتغيّر.

لكن عدم الاستماع للأصوات الحريصة على مستقبل الوطن، لا يعني أن تركن إلى الصمت، «خصوصاً أننا أمام بيئة إقليمية شديدة الحركية، محلياً ودولياً، والتي تحتوي على الكثير من الأسرار وتعبث فيها المخابرات، وليس فيها أية معايير أخلاقية». فمن كان يتوقع - كما قال - ظهور قوة «إسلامية» متطرفة مثل «داعش» لتحتل أجزاء كبيرة من سورية والعراق؟ ومن كان يتوقع أن تعود روسيا إلى المسرح الدولي لتمارس دورها؟ أو تصبح منطقتنا أكثر المناطق العربية غزلاً لـ «إسرائيل»؛ أو يتم توقيع الاتفاق النووي الإيراني الأميركي مما قوّى دور إيران في المنطقة.

ثم من كان يتصوّر أن تصبح مصر كسيحةً في النظام الإقليمي؛ أو تصبح أميركا عاجزةً عن حل الإشكالات المتفجرة في المنطقة، من أفغانستان وباكستان إلى سورية والعراق وليبيا... ثم من كان يتوقع أن تصبح أسعار النفط بهذا المستوى المفجع، لتهبط من 120 إلى 40 دولاراً للبرميل. وكل هذه التغيرات تؤكد الحالة الشديدة الحركية التي يعيشها العالم والمنطقة، والتي من الصعب التنبؤ بما سيحدث، حتى في اليوم والليلة الواحدة.

العامل الأكبر الذي سيؤثر على حياتنا هو النفط، فبينما كان هناك فائض كبير يقدّر بـ 2.5 تريليون دولار، كمدخرات في الصناديق السيادية، بدأ يتآكل مؤخراً، وأصبح هناك عجز بمليارات الدولارات الآن، ما سيؤثر على جذب الاستثمارات الأجنبية. أما خطط 2030، التي تكلّمت عنها دول الخليج، فأصبحت اليوم متعثرةً.

الوزير السابق فخرو، تحدّث عن ازدياد البطالة بين المواطنين، بسبب السياسات التي ركّزت على العمالة الأجنبية الرخيصة، رغم تحذيرات الباحثين منذ الثمانينات، لما تمثّله من كارثة اجتماعية مستقبلاً. والمشكلة تزداد بينما تتقلص العمالة الوطنية والعربية، بما يهدّد هوية المنطقة. وذكّر فخرو بما كانوا يحذّرون منه قبل سنوات طويلة، «من مجيء يومٍ ترابط فيه أساطيل آسيوية، قبالة الموانئ الخليجية، لتفرض إرادتها بالقوة، وتنتزع حقوق عمّالها الذين بنوا هذه الدول».

إشارةٌ أخرى في هذه القراءة الحزينة للواقع، انهيار الدولة الريعية، ومعها انهيار دولة الرعاية، في خطٍ موازٍ مع الهرولة نحو الخصخصة، بالذات في مجالي التعليم والصحة. لقد تنازلت الدولة أمام موجة الليبرالية المتوحشة وشروطها، لوجود اعتقادٍ بأن القطاع العام عبء على الدولة يجب التخلص منه!

في سياق تقييمه لمجلس التعاون، من موقعه الرسمي السابق وزيراً ثم سفيراً، يحذّر فخرو من بداية تفكّك التنظيم الخليجي، حيث لم يستطع مجلس التعاون أن يدخل مرحلة التنفيذ، وكان يُفترض وجود مجلس لرؤساء الوزارات، لأنهم هم من يتولون تنفيذ سياسات القادة، لكن هذه الخطوة لم تُنجز، فتظل قرارات القمم دون تنفيذ.

داخلياً، «تراجعُ السياسة في دول الخليج وصعودُ القبضة الأمنية، ويعود ذلك جزئياً لحالة عدم الاستقرار والربيع العربي، وعموماً عدم الاستقرار معضلةٌ تاريخيةٌ بدول الخليج». ثم هناك مشكلة «الطأفنة»، وهي «ليست موضوعاً صغيراً، أو حكومات ومماحكات، على تويتر وفيسبوك، بل إنها تُضعف المجتمع المدني، ولا توجد دولة عربية ليس بها هذه الطأفنة».

إقليمياً، يرى فخرو وجود تخبّط في السياسة الخارجية، سواءً تجاه إيران أو أميركا أو «إسرائيل»، فضلاً عن الصراعات الداخلية بين العرب، حيث يتحيّر المرء من التدخّل في الصراعات بالدول الأخرى، من العراق إلى سورية واليمن وليبيا والسودان، وهو ما يُضعف مجلس التعاون والنظام الإقليمي العربي برمته، حيث تسببت في إخراج دولةٍ مؤسس بالجامعة العربية كسورية، فقدّمت بذلك أمثولة يمكن أن تتكرّر مع دول أخرى مستقبلاً.

إشكال آخر أشار إليه فخرو، وهو دخول اللعبة الإسرائيلية الشيطانية، حيث زارت شخصيات من منطقتنا الكيان، بحجة أن «ليس لنا دخل»، و «نحن نفهم وجود خلافات مع إيران لأن لها أخطاءها، لكن أن يقال بأن الصراع معها يتقدم على الصراع مع إسرائيل، فذلك حلمٌ لم يكن يصدّقه أحد».

أخيراً، ذكّر فخرو بالموضوع الأكثر إيلاماً هذه الأيام: ضياع فرص التنمية، فكان المفروض أن يكون بالمجلس أفضل الجامعات مثل هارفارد؛ وأفضل المستشفيات، لكن ما يزال المواطن الخليجي يلتمس العلاج في الخارج؛ وأفضل المؤسسات التي تتعامل مع صناعة النفط، إنتاجاً وتكريراً، وتسويقاً وتصديراً، وكان ذلك حلماً... ومايزال بعيد المنال.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 5139 - السبت 01 أكتوبر 2016م الموافق 29 ذي الحجة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 60 | 12:54 م

      قانون جاستا موجه لضرب السعودية و الامارات ايضا و قد تمت المصادقة عليه.
      يعني الخليج بعد جاستا غير الخليج قبل جاستا.

    • زائر 59 | 12:12 م

      الي العلا بإذن الله

    • زائر 51 | 6:38 ص

      الحل؟

    • زائر 49 | 5:46 ص

      التغيير قادم لامحالة

    • زائر 47 | 4:03 ص

      اهم شيء

      العلاقات مع ايران

    • زائر 53 زائر 47 | 8:07 ص

      اهم شيء العلاقات مع الشعوب ووقف الظلم والتمييز والسجن ....الخ الخ الخ.

    • زائر 46 | 3:51 ص

      الله كريم

    • زائر 45 | 3:45 ص

      زائر 23 اظاهر انت بطنك شبعان وما اتحس بالاخرين خصوصا العاطلين الجامعيين وغيرهم وتفضيل الاجنبي عليهم

    • زائر 44 | 3:42 ص

      لما ذا تفضلون الاجانب على المواطن \\

    • زائر 57 زائر 44 | 10:28 ص

      لأنهم ما لهم فى السياسة كافين خيرهم و شرهم و يشتغلون ساعات طويلة من غير تزمر

    • زائر 61 زائر 44 | 4:07 م

      لأن نحن الذين سمحنا لهم بالعمل.

    • زائر 40 | 2:41 ص

      سوريا واليمن وليبيا والعراق والان جاء الدور على دول الخليج

    • زائر 39 | 2:40 ص

      لن تتركهم امريكا حتى افلاسهم بآخر دولار لديهم والايام القادمة هي البرهان

    • زائر 36 | 2:36 ص

      إن طبق قانون جاستا سترجع دول الخليج ماقبل النفط

    • زائر 54 زائر 36 | 8:08 ص

      اقول لا جستا ولا غير جستا راح اذكرك اول من راح يتراجع عن جستا هي امريكا مجهزين لها شي كبير

    • زائر 34 | 2:32 ص

      مستقبلهم مظلم والفوضى الخلاقة قادمة حسبنا الله ونعم الوكيل

    • زائر 33 | 2:32 ص

      العراق حكومة منتخبة ومجلس شعب اين ثروة النفط يعني اختش مثلش يعني حتي لو كان عندنا بيكون نفس الشي

    • زائر 32 | 2:31 ص

      لم تفيدكم شركات العلاقات العامة ...

    • زائر 31 | 2:29 ص

      كل النخب السياسية الوطنية الحقة من جميع انحاء العالم ينصحونهم لكن .......

    • زائر 30 | 2:27 ص

      إلتفتوا لشعوبكم فهو الضمان لكم وتحصين جبهتكم الداخلية افتحوا ابواب السجون المكتظة امريكا لاضمان لها وهذا الشيء كان مخطط له منذ سنين

    • زائر 28 | 2:23 ص

      في هذه السنة المفصلية كافأت امريكا ايران بالنووي وكافأت دول الخليج بقانون جاستا يا للعجب

    • زائر 24 | 2:17 ص

      دول الخليج في مهب الريح

    • زائر 23 | 2:10 ص

      الحمدلله بفضل من الله عز وجل ثم من قادة الخليج العربي وحكمتهم نعيش في امن وامان ورفاهية اما النفط سوف يرتفع ان شاء الله وسوف نكون افضل فعلينا تحمل المسؤولية وعدم التعجل والتذمر ونضع ايدنا بيد قادتنا حفظهم الله تعالي

    • زائر 48 زائر 23 | 5:22 ص

      إحلم يافقير يبدوا عليك لم تكن متابع إلى الوضع المزري الذي يحاك ضد الدول العربية وخصوصا دول الخليج والأحداث متسارعة بشكل مهول والأيام القادمة سوف تكون صادمة للبعض ونحن نتمنى أن لا تتحقق وإن تحققت فسوف تعضون أصابع الندم على معيشتكم الضنكى .

    • زائر 55 زائر 23 | 8:10 ص

      ان شاء والخليج راح تكون افضل وراح يخرس المتربصين والاعداء

    • زائر 22 | 2:04 ص

      دول الخليج ذاهبى الى المجهول لمقترفته من اخطاء استراتيجيه

    • زائر 38 زائر 22 | 2:40 ص

      الانهيار الاقتصادي و السياسي والمالي يقترب كثيرا من دول الخليج ..

    • زائر 21 | 2:04 ص

      الحل هو النتقال من التعاون الى الاتحاد وتكون دول الخليج العربي جيش واحد و قوة واحدة ضدجميع التهديدات الاقليميه ولاتحاد اقتصاديا وسياسيا و هذا ما سيردع الاعداء

    • زائر 19 | 1:54 ص

      السيناريو الذي رسم لصدام المقبور يتكرر يحرض للهجوم على دولة الكويت ومن ثم من حرضه يهاجمه ويسقطه

    • زائر 18 | 1:31 ص

      هذه هي البداية
      والقادم ادهى وامر.

    • زائر 17 | 1:26 ص

      الغرور و التغطرس و الامعان في الظلم هو السبب من يريد الخير لبلده يعرف الطريق جيدا ...........

    • زائر 16 | 1:09 ص

      مليارات بل تريليونات أحرقت بسبب السياسات ............
      ..........................

    • زائر 15 | 1:05 ص

      ثروة ضخمة وهبها الله لهذه الدول لو استغلّت استغلالا سليما لأصبحت دول الخليج جنّات على ظهر الكرة الأرضية بدل الصحاري القاحلة .
      لكن للأسف الاستفراد بالثروة وبالقرار جعل هذه الثروة في مهب الريح حتى جاءت وذهبت وشعوب الخليج في ديون لها اول ما لها آخر

    • زائر 14 | 12:47 ص

      تلخيص رائع ومؤلم .. والأكثر إيلاماً (نحن نتكلم ونتحدث نشخص ونحلل ولا أحد يسمعنا...) .. الى متى؟؟؟؟

    • زائر 13 | 12:37 ص

      الجواب دول الخليج ذاهبة لمستقبل متدهور وصعب بسبب سياساتها التي لا تجعل لأصوات المثقفين والحكماء مكانا

    • زائر 12 | 12:34 ص

      النفط كان يا ماكان رجل ثري له بزه لمعها يعمي العيون لونها يطفي القلوب , رجل ثري له قامه طويله هزيله ضخمته تلك البزه المنمقه المزكرشه , عطرها سكر العقول فلا تفكر , لم نجد في طرف البزه الا الخنوع الذل و المسكنه . ما اقبحها من بزه انستني عروبتي و ديني فصرت اهرع للنصارى واليهود . لاتباها بها . ..........

    • زائر 11 | 12:30 ص

      لا مكان لأصوات الحكماء وآرائهم، المكان فقط للمطبّلين والمزمّرين الذين يوردون الأمة المهالك ثم يقفون متفرجون .
      هذه الحقيقة المرّة الشعوب ترى مستقبلها بين مهبّ الريح وهي تساق اليه قسرا ولا تستطيع فعل شيء حتى تجد نفسها
      متخمة بديون والتزامات لا ناقة فيها ولا جمل

    • زائر 10 | 12:28 ص

      يجب ان نتخلص من الطائفية الدينية لنعيش بسلام واستقرار

    • زائر 8 | 11:42 م

      مسيرون

      وهذا واقع . ان معظم انظمة دول المنطقة مسيرون وليس مخيرون وبالريموت كنترول من قبل دول الغرب . وتدفعها أيضا الطأفنة البغيضة لتفعيل وتكريس فرق تسد

    • زائر 6 | 11:33 م

      دوله اليراع أكثر شعبها يعمل في الجيش والداخليه بينما يحتل الأجنبي الحرف التنمويه الاقتصاديه مصانع شركات مؤسسات مصرفيه وغيرها , فلو لا سمح الله هاجروا لتوقفت الحياه , لا ماء لا دواء لا نظافه لا لباس ....... . الاعتماد الكلي على الأجنبي وللأسف برواتب تضاهي أو أحسن من الرواتب للمواطن . وأغرب من ذلك في بعض الاحيان حتى المؤذن والامام أجنبي ؟؟؟؟.

    • زائر 4 | 10:55 م

      انا اعتقد من السياسات الخاطئه والتبعية وعدم الاعتماد على ابناء الوطن وجعلهم أعداء فيما بينهم
      ولو حلت هذة المشكلة لاصبح كل شيءً محلول

    • زائر 3 | 10:54 م

      ما شاء الله. ما خليت نقطة الا و اشرت اليها في عمودك. ما المطلوب منا؟ اشعر بصدري ينقبض و عيوني تدمع و حنجرتي علي وشك الانفجار. نعم. منذ الثمانينيّات و نقرأ و نتكلم. لم يسمعنا أحد. هل يستمعون الان ؟ هل سيتغيرون؟. ساعة ابكي و ساعة تبكي حالي علّي.

    • زائر 2 | 10:42 م

      كان حلما وسيبقى حلما لأنه لاحياة لما تنادي ياناس

    • زائر 5 زائر 2 | 11:06 م

      ماضاجت الا وسعت تفاءلوا بالخير تجدوه

    • زائر 9 زائر 5 | 11:57 م

      ليش ترغب في تخديرنا؟ ألم تكفيك مسكنات الماضي؟ هل تريد أن نستمر علي ما كنا عليه من الأغلاط؟

    • زائر 41 زائر 2 | 2:55 ص

      ان الله لا يغير بقوم الا اذا غيروا ما بانفسهم

      ان الله لا يغير بقوم الا اذا غيروا ما بانفسهم
      والحياة كلها عمل وابتلاءات ونحن ليس اول قوم يبتلى هناك اقوام قبلنا .

    • زائر 1 | 9:47 م

      الكاسر
      خلها على الله ابو الهواشم
      اهم شي ما نبي نوصل لشي أسمة فقر مقدح مثل الصومال واليمن وغيرهم من الدول حكامنا اهم شي عندهم تأمين أنفسهم في البنوك الأوربية

    • زائر 7 زائر 1 | 11:39 م

      كا من كبل أي مشكله مع دول الجوار تبادر القيادات لحلها , فكانت تظهر الكثير من المشاكل فتحل سلميا , بينما اليوم لا تزيد ولا تنقص تتوسع ولا تنحصر أكول المثل ((إذا حلقوا لحيه جارك برز لحيتك))

اقرأ ايضاً