العدد 5152 - الجمعة 14 أكتوبر 2016م الموافق 13 محرم 1438هـ

هل تتطلَّب القراءة وجود مكتبة؟

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

لأنني أعشق القراءة من خلال كتاب. التقطه من رف المكتبة، فأمسح على غلافه وأشم أوراقه وأبدأ بالبحث عن «قاطع كتب» جيد كي لا أضطر إلى ثني الورق. أكتب ملاحظاتي بالقلم الرصاص، ومؤخراً صرتُ أظلل العبارات التي تستفزني بـ «الهاي لايت»، فأنا لا أستسيغ القراءة من كتاب إلكتروني إلا إذا عجزت عن إيجاده بعد رحلة بحث في مكتبات البحرين والسعودية والإمارات في الغالب.

العلاقة بين القراءة ولمس الورق لدي علاقة وطيدة جداً. ولهذا أكره النور المنبعث من الجهاز الإلكتروني الذي سأقرأ منه الكتاب الذي لن أجده ورقياً، ولا يعجبني ملمس شاشته المصقولة التي لا تسمح لي بالتدوين بالقلم على طرفها، حتى بعد أن عرفت أن بإمكاني تدوين ملاحظات ملونة على الكتاب الإلكتروني أيضاً.

هذه الطقوس يعرفها المقربون مني، ومنهم الشاعر الصديق محمد البغدادي الذي يعيش في الولايات المتحدة الأميركية والذي بعث لي بنسخة إلكترونية عن كتاب «عاشق مولع بالتفاصيل» لألبرتو مانغويل على البريد الإلكتروني، وأخبرني في رسالته أنه كتاب رائع بكل معنى الكلمة يتمنى أن أقرأه. ولأنني قرأتُ للكاتب نفسه عدة كتب غير هذا الكتاب من قبل وأعجبتني جداً، أرسلت له صورة كتبه على رفّ مكتبتي ليتعرف على العناوين الأخرى الجميلة ويبحث عنها في مغتربه، وكانت هذه الصورة كفيلة بأن تخلق حواراً بيننا حول المكتبة والكتاب.

البغدادي – وهو القارئ النهم - كان يقول إنه لم يملك بعمره رفاً واحداً للكتب، فقد كانت كتبه تحت سريره، وفوق الطاولات، وفي غرفته على سطح المنزل في بغداد. وحين اضطر للهجرة إلى سورية كان لا يحتفظ بأي كتاب حتى تلك الموقعة إليه من الأصدقاء؛ فقد كان يقرأ الكتاب ثم يعطيه لأحد أصدقائه. وعلى رغم أنه عاش عشر سنوات في دمشق إلا أنه لم يشعر بالاستقرار الكافي كي يؤسس رفوف مكتبة!

اليوم وهو في أميركا، صارت مكتبته في جهاز الـ «آيباد» يحملها معه أنى ذهب. وختم حديثه قائلاً: «كانت صورة مكتبتك قاسية على قلبي، حتى أنها أقسى من ابتسامة شريرة من حبيبة».

بين هذا الولع بالكتاب، بمحتواه - وهو الأمر الأهم - وملمسه ولون ورقه وحجم خطوطه ونوعية غلافه، ورائحته وطريقة احتضانه بين الكفين، ومنهجية كتابة الملاحظات والاقتباس منه، وبين الرغبة في قراءة الكتاب الجيد كيفما كان، بغض النظر عن أي شيء، يكمن الفرق في أن يتجه القارئ إلى الكتاب الورقي أو يكتفي بالالكتروني ويفضله باعتباره أخف وزناً وأرخص ثمناً وأكثر تنوعاً وأسهل اقتناءً.

وبوجود الكتاب الإلكتروني اليوم، لا يمكن لأحد أن يتذرع بعدم استطاعته توفير الكتب للقراءة، ولا بارتفاع أسعارها التي تزيد يوماً بعد يوم، ولا بعدم استقراره في مكان واحد. فمن يرغب في أي شيء لا يعرف معنى للمستحيل.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 5152 - الجمعة 14 أكتوبر 2016م الموافق 13 محرم 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 7:22 ص

      معك حق، فالعذر بأن الكتب غالية لم يعد مقنعاً، انا عن نفسي أجد أغلب ما ابحث عنه من كتب وروايات واستطيع تحميلها من عشرات المواقع (مجانا).، المشكلة سيدتي في إيجاد الوقت الكافي للقراءة .. واعني القراءة المتمعنة المتدبرة بالعقل والقلب وليس قراءة العيون و مرور الكرام .. هنا المشكلة!
      اعتقد ان (الآي باد) يؤدي الغرض يمكنك تحميل المئات من الكتب وبأية لغة.

    • زائر 1 | 2:10 ص

      واقعي جدا ولهذا السبب اشتريت القارئ الالكتروني Kindle E-Reader

    • زائر 3 زائر 1 | 5:48 ص

      ألا تجد صعوبة في قراءة الكتب العربية بصيغة pdf على هذا الجهاز ؟

اقرأ ايضاً