العدد 5157 - الأربعاء 19 أكتوبر 2016م الموافق 18 محرم 1438هـ

الحسين (ع)... هدفه إنهاء الفساد وإفشاء الصلاح

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

لا يزال صوت الإمام الحسين (ع) الحر الذي رفعه بأرض كربلاء الفداء في اليوم العاشر من المحرم الحرام لعام 61 هـ (680 م)، يدوّي ويجلجل في الآذان الصاغية والواعية في أنحاء العالم الإنساني، التي لم تصمها آثام الفساد والإرهاب، وتتلقاها القلوب الطاهرة المفعمة بالحب والتسامح والإنسانية. ويؤمن الكثيرون في العالم، أنهم كلما استرجعوا سيرة الحسين (ع)، ازدادوا وعياً وثقافةً، وعنفواناً وفكراً، وعلماً وأخلاقاً، وكرامة وعزاً، وبذكره يضمحل الجهل واليأس والخمول والكسل في حياتهم .

فالحسين الشهيد (ع) أنيس للنفوس المطمئنة وملهم لكل حر أبي، وهو ليس إماماً لطائفة أو جماعة، بل رمز شامخ لكل الإنسانية، بمختلف انتماءاتها وتياراتها. فقد أثبت (ع) في كربلاء أنه يخاطب كل إنسان في العالم، فلهذا أدمى مصابه العظيم قلوب الإنسانية جمعاء.

كثيرون هم الذين ارتقوا أخلاقياً وإنسانياً بفضل معرفتهم الوافية بمنهجية الإمام الحسين (ع) الأخلاقية والإنسانية، التي ورثها من أكرم الخلق خاتم المرسلين، محمد بن عبدالله (ص)، الذي شمل بهدايته وعطفه ورعايته الحانية كل البشرية، التي كانت هدفه للهداية والإصلاح، وتحمّل رسالته من بعده أهل بيته الأبرار.

لقد كانوا يطلبون الخير والسعادة لجميع البشرية، ولو كلفهم ذلك التضحية بأنفسهم وبكل ما يملكون. كانوا يريدون أن يوصلوا الكلمة الطيبة للعالم أجمع، ليرتقوا به إلى أرقى الدرجات في الدنيا والآخرة، وحافظوا على القيم والمبادئ، ولم تضعف إرادتهم في أحلك الظروف والأحوال، ما كان له الفضل الكبير في ترسيخ القيم الأخلاقية الراقية في نفوس الأجيال المتعاقبة، على مر العصور .

لا شك أن ما جرى على الإمام الحسين (ع) في يوم عاشوراء، من قتل وتمثيل بجسده شر تمثيل، لم تشهد البشرية مثله منذ وجودها على هذه الأرض، فلهذا ظلت هذه الجريمة النكراء محل استنكار لكل الأجيال. ولا نبالغ إذا قلنا إن عظم ما حدث للإمام الحسين (ع)، والأهداف الإصلاحية النبيلة التي ضحى من أجلها في مقدمة الأسباب التي جعلت فاجعة كربلاء خالدة طوال 1377 سنة .

فدعاة الإصلاح على مر التاريخ إذا ما أرادوا تقوية معنوياتهم وزيادة اطمئنانهم، تراهم يستمدونها من الإمام الحسين (ع)، الذي ضرب أروع وأنبل الأمثلة في الثبات على القيم والمبادئ، ولم يسمح للفساد المتغلغل في المجتمع ولا الإرهاب المفرط أن ينالا من عزيمته الصلبة في مواصلة الإصلاح، لعلمه الأكيد أن أي تراخٍ أو تقاعس في أداء واجبه الإصلاحي التنويري الواعي، يجعل الفساد والإرهاب بأنواعهما المختلفة يعشعشان في المجتمع، ويكونان جزءًا من سلوكياته ومعاملاته اليومية، ويعملان بكل أدواتهما المادية والبشرية والإعلامية على إفساده في زواياه، الأخلاقية والمالية والإدارية .

فإنهاء الفساد هو غاية الإمام الحسين (ع) وكل مصلح صالح، والعقل والمنطق يقولان لا يمكن أن يجتمع الفساد والصلاح في قلب واحد، فالنقيضان لا يجتمعان ولا يمكنهما أن ينتجا في الأحوال مجتمعاً فاضلاً، في أخلاقياته ومعاملاته وتعاملاته. في كل الأزمان نرى الصلاح ينبذ الفساد والفاسدين، كذلك الفساد وأدواته ينبذون الصلاح والإصلاح، رغم علمه بخطورة الفساد على المجتمعات الإنسانية. وهذه حقيقة ثابتة في الحياة، فالذي رفض إصلاح الإمام الحسين (ع) الذي هو إصلاح جده المصطفى (ص)، يعلم علماً يقينياً أنه يرتكب خطأً كبيراً في حق الإسلام والإنسانية جمعاء، ولكن حب الذات والأنانية المفرطة جعلته لا يفكر في عواقب فعله المشين. وقد نقل لنا التاريخ اعترافاً صريحاً من أحد قادة الإجرام في كربلاء، الذي كان له اليد الطولى في إدارة المعركة ضد سبط الرسول، أمام الذي أمر بقتل الحسين (ع) ولو كان متعلقاً بأستار الكعبة، حيث قال له وهو يقدّم بين يديه رأس السبط: املأ ركابي فضة أو ذهباً.. قتلت خير الناس أماً وأباً، فرد عليه: «إذا كنت تعرف أن الذي قتلته هو خير الناس أماً وأباً، فلم قتلته؟ ونهره قائلاً: اغرب عن وجهي، فلم ينل إلا العار في الدنيا والخزي في الآخرة.

إن الفساد يعلم أنه ما وجد في هذه الدنيا إلا ليكون أداة طيعة بيد الشيطان، وليكون سيفاً مشهوراً في وجه الصلاح والإصلاح، فالأمة الإسلامية بمختلف مذاهبها المعتبرة اعتبرت ما اقترفه الفساد في اليوم العاشر من شهر محرم فاجعة كبرى، أدمت قلب رسول الله (ص)، ولم تقبل كل المذاهب الإسلامية، لمرتكبيها أي مبرر. لقد استطاع الإمام الحسين (ع) أن يبقى خالداً في نفوس وعقول الإنسانية طوال 14 قرناً، وفي كل عام تتجدد ذكراه كأنها وقعت بالأمس القريب.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 5157 - الأربعاء 19 أكتوبر 2016م الموافق 18 محرم 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 3:39 ص

      الحسين عليه السلام عظيم عند الله وهو شمعة لن تنطفئ لانصار الحق وسيضل الحسين عليه السلام نور للحق وضد الجور والظلم والفساد \\ السلام على الحسين وعلي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين عليهم السلام

    • زائر 2 | 1:48 ص

      أشارك الكاتب ما ذهب إليه. إنما يجب أن نعلم إن مرتبة التضحية بالدم التي عملها الحسين عليه السلام تظبق عندما تكون بيضة الاسلام في خطر. وبهذا :الأمام الحسين أرخص الدم لأجل الحفاظ على الدين من الأجتثاث وإسقاط المخطط الأموي الذي خطط له الأموين وقد وصل هذا التخطيط الى الذروة في عصر يزيد؛ فكان لا بد من تفجير مدوي يوقض الأمة وبحجم قدسية دم الأمام الحسين عليه السلام (حسين مني وأنا من حسين)(الأسلام محمدي الوجود حسيني البقاء)

اقرأ ايضاً