العدد 5166 - الجمعة 28 أكتوبر 2016م الموافق 27 محرم 1438هـ

الموصل والعودة إلى السجال التاريخي

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

«تركيا أولى بالموصل، وليس العراق»، هو عنوان في صحيفة تركية، يحيلنا إلى التاريخ، لنستدعي الذاكرة من جديد، ولماذا الآن تعيد تركيا الماضي بإصرار شديد، وهل استغلت تحرير المدينة من «داعش» حدثاً لتعيد إرثها التاريخي في الموصل، ولم الحماسة الشديدة في إرسال جيوشها الآن، وهل ساهمت «داعش» من حيث لا تدري في عودة الصراع الذي سيعيد رسم خريطة العراق من حيث يراد له، لكن الأهم ماذا سيحصل بعد تحرير الموصل؟

تعتبر مدينة الموصل الواقعة في شمال محافظة نينوى ثاني أكبر المدن العراقية بعد بغداد من حيث السكان، إذ يبلغ عددهم نحو 2 مليون نسمة. غالبيتهم من العرب السنة، وينتمون إلى خمس قبائل وهي شمر والجبور، والدليم، وطيء، والبقارة، كما توجد بها عدة قوميات مختلفة أبرزها من أكراد وتركمان والشبك وباديان. يشار إلى أن أول من عمر الموصل هم الآشوريون، إذ استطاع آشور بانيبال الثاني (حكم ما بين 883 و859 ق.م.) بتوسيع المدينة عمرانياً، حيث اتخذ عشتار إله الحب والخصب والحرب إلهاً لهم، فتحها المسلمون بعد معركة القادسية سنة 637 م (16 هـ)، وتمت الموصل تحت الحكم الإسلامي العربي حتى استسلمت من دون قتال للمغول على يد هولاكو سنة 1244م، لم يستمر حكم الإلخانات المغول أكثر من 50 عاماً، حتى بدأت دولتهم تتهاوى أمام التركمان الذين حكموها، حتى آلت إلى الدولة الصفوية بعد ضمها لبغداد سنة 1508م، غير أن العثمانيين بقيادة سليمان القانوني استطاعوا أخذها من الحكم الصفوي سنة 1535م.

الموصل التي يرجح أن يكون مصدرها اسماً عربياً يوحي بما يوصل بين الشيئين، والمشتق من كونها المدينة التي تصل بين نهري دجلة والفرات، تشهد هذه الأيام سجالاً تاريخي بين تركيا والعراق تحديداً، ذلك لأن الموصل كانت تعتبر ولاية من ولايات الدولة العثمانية حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، عندما دخلها الجيش البريطاني العام 1918م، وبعد سقوط الدولة العثمانية وقيام تركيا الجديدة وقعت الأخيرة مع الحلفاء معاهدة لوزان في العام 1923، والموجبة بوقف مطالبة تركيا للموصل وضمها مع الحدود العراقية، ومع إعلان الحرب ضد «داعش» أدخلت تركيا فوجاً مسلحاً من قواتها العسكرية قوامه يفوق 2000 جندي بحسب ما تشير إليه بعض المصادر، واعتبر الرئيس العراقي حيدر العبادي هذا الإجراء خرقاً لسيادة العراق وأراضيه، داعياً تركيا لسحب قواتها في حين يرد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أكثر من محفل بأن «كركوك كانت لنا، وأن الموصل كانت لنا»، مطالباً في الوقت ذاته المجتمع الدولي بضرورة تعديل اتفاقية لوزان 1923م.

العالم يترقب ما الذي ستؤول إليه الأوضاع ما بعد الموصل، فتركيا ليست الطرف الوحيد الراغب في الموصل، والتي يرى أنها سلبت منه قرابة القرن، فالأكراد يقولونها علانية: «الحدود الجديدة ترسم بالدم» والأميركان هم أيضاً يتطلعون إلى تقسيم الدولة العراقية من جديد، وتفتيت ما هو مفتت، وتبقى العراق وحدها تقاتل من أجل وحدة أراضيها مع جمع لا تدري معهم إلى أين يأخذها الطريق.

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 5166 - الجمعة 28 أكتوبر 2016م الموافق 27 محرم 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً