العدد 5172 - الخميس 03 نوفمبر 2016م الموافق 03 صفر 1438هـ

نعمة العطاء

فاطمة النزر

أخصائية علاج نفسي

تتعدّد الفئات في مجتمعنا التي تحتاج لمد يد العون لها ممن هم أيسر حالاً، فالتكافل الاجتماعي أحد الأساليب الحياتية التي من شأنها أن تقي المجتمع من التفاوت الطبقي الكبير، وتقليل العوز والفقر وما قد يصاحبهما من ظواهر اجتماعية وسلوكية سلبية، ستعود حتماً بالضرر على المجتمع بأسره؛ فديننا الإسلامي الحنيف أرشدنا للتكافل الاجتماعي تحت مسميات عدة كالزكاة والصدقة بأشكالها المختلفة.

ولكن اسمحوا لي أن أتناول العطاء من ناحيتين، الأولى العطاء غير المادي لأشخاص قد نعتقد أن ما قدّمناه لهم ليس بتلك الأهمية، فمثلاً كلمة الشكر والثناء التي قد نوجّهها للعمالة مقابل ما يقومون به من بعض الخدمات البسيطة لها أثر كبير في أنفسهم، وقد لا نجد ذلك الأثر في ردود أفعالهم الأولى ولكن حماسهم وتفانيهم في خدمتك ومساعدتك في المرات الأخرى لهو دليل واضح على ما كان لتلك الكلمات من وقعٍ في أنفسهم. كذلك زيارة الأقارب قد نجد فيها مشقة أو قد لا نجعلها ضمن أولوياتنا، ولكن بعد مشاهدة الانشراح والسعادة على الأقارب خصوصاً كبار السن منهم ومدى الحرارة والترحاب، سنجد أن تلك الدقائق كانت كفيلةً بانتشال هذا المسن أو تلك المسنة من العجز والخمول، إلى الطاقة والحيوية التي تملأ محياهم.

أما الجانب الآخر من العطاء وما له من إيجابية، فنجدها على المعطي ذاته، فحالة الشعور بالرضا والفخر بذاته لا يعادلها شيء، فأياً كان شكل العطاء فله فعل السحر على النفس البشرية، ولا أبالغ إذا ما قلت إنها قد تفوق سعادة الطرف الآخر. وكمتخصّصة في الجانب النفسي أجد أن التفسير النفسي في شعور المعطي بتلك السعادة يتمثل في أن لدينا بعض الرغبات والمشاعر إذا ما أشبعناها شعرنا بالنشوة والسعادة، فمثلاً التقدير أو تقدير الذات من الحاجات الفطرية والأساسية لدى الأنسان، حسب هرم ماسلو للحاجات الإنسانية. لذلك فإن النجاح في أي عمل يشعر الفرد بأنه قد حصل على تقديره لذاته، وكذلك الحال في العطاء، فالحنان والعطف والرحمة جميعها مشاعر موجودة داخل كلّ فرد، لذلك عندما نقوم بالعطاء فنحن نشبع هذه الحاجة من خلال التعبير الفعلي عن تلك المشاعر المكبوتة لدينا.

لذلك لا تحرم نفسك عزيزي القارئ من نعمة العطاء، فأنت أحوج لها من المعطى له، فقد تكون دقائق معدودة من وقتك، أو كلمات بسيطة، أو زيارة أو اتصال بشخصٍ ما، تكون بمثابة المناعة لجهازك النفسي والعصبي، تمكّنك من مواجهة صعوبات الحياة وضغوطها بنفسٍ ملؤها الرضا والاطمئنان.
#فاطمة_السيكولجست: إذا كان لديك الكثير، فأعطِ من أموالك، وإذا كان لديك قليل، فأعط من قلبك (مشاعر).

إقرأ أيضا لـ "فاطمة النزر"

العدد 5172 - الخميس 03 نوفمبر 2016م الموافق 03 صفر 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 1:05 ص

      لك الشكر على هذه اللفتة الكريمة لجانب من حياتنا نفتقده في كثير من الاحيان، وهي ابتسامه الرضا والمحبّة تجاه الآخر سواء أكان عاملا او شخصا موظفا او أخا في الانسانية اسدى لك فضلا بل حتى لو مجرد لقاء عابر لثواني لتبقى صورة الابتسامة الساحرة مرسومة على وجه المتلقّي.
      يا ليتني استطيع تدريب نفسي على ذلك لتبقى نفسي مشرقة للجميع وهنا علينا الاستعانة بالله في التحلّي بهذا الخلق الفاضل الجميل الذي له مفعول السحر على الآخرين ومن دون عون من الله فلا توفيق.... اسأل الله التوفيق لك ولجميع الاخوة

    • زائر 2 | 11:17 م

      شكرا يا أختي فاطمة وفقك الله

    • زائر 3 زائر 2 | 11:48 م

      فاطمة

      كلامك جميل ومفيد جدا جدا شكرا استاذه فاطمة شكرا شكرا ..

    • زائر 1 | 10:05 م

      فاطمة

      كلامك عسل عسل استاذه فاطمة شكرا شكرا .

اقرأ ايضاً