العدد 5226 - الثلثاء 27 ديسمبر 2016م الموافق 27 ربيع الاول 1438هـ

إدارة «عاجزة»

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ملفُّ «التقاعد» في البحرين حاليّاً، هو شغل الناس الشاغل، وهو الحديث الذي لا يخلو مجلسٌ منه، والمستقبل الذي يتلو سنوات العمل، وتأمين الحياة، وكل تلك الأموال المستقطعة، والتي قد تضيع في وهلة، مع إقرار أي نظام جديد للتقاعد.

المُواطنُ البسيطُ يتلقى بين الحين والآخر طعناتٍ من كل حدَبٍ وصوب، بدءاً باللحوم، ومن ثم البنزين، والكهرباء والماء، ووصولاً إلى ما يُلمح إليه حاليّاً بالتقاعد وبحجج «التدرج».

ملف من أسوأ ملفات الفساد في البحرين، وهو ملف صناديق التقاعد والتأمينات سابقاً وحالياً «التأمين الاجتماعي»، والذي ضجَّت أوراق الصحف بشأنه طوال سنوات طويلة، وشُكلت على إثر ذلك لجان تحقيق برلمانية وغيرها.

اعترفت الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي، في ردّها على استفسارات نيابية، بأنّ «90 في المئة من الأراضي التابعة إلى ملكيتها غير مطوّرة، ولا تدرُّ عليها أيّة إيرادات»، وأن 90 في المئة من إجمالي المحفظة العقارية هي أراضٍ خام غير مطوّرة، فيما تشكل العقارات المطوّرة نسبة 10 في المئة فقط محققةً عائداً ربحيّاً نسبته (13.35 في المئة) من قيمتها الدفترية البالغة 20.8 مليون دينار، أمر يستدعي بحذ ذاته التحقيق؛ كون هناك شركة وذراع استثمارية لعقارات «التأمينات» تتسلم رواتب كبيرة، بلا فاعلية او إنتاجية.

قبل أقل من عام وبالتحديد في (16 يناير/ كانون الثاني 2016) صرح الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للتأمين الاجتماعي زكريا سلطان بأن 95 في المئة من المحفظة العقارية الإجمالية هي أراضٍ خام غير مطوَّرة حاليّاً، قامت الهيئة بشرائها في فترات سابقة، لرؤيتها آنذاك بأن القيمة السوقية لهذه الأراضي سترتفع مستقبلاً، فيما تشكِّل العقارات المطورة 5 في المئة فقط، محققة عائداً ربحيّاً يتعدى 6 في المئة، وذلك بحسب البيانات المدققة بنهاية العام 2014!

ثم خرجت علينا الهيئة بعد ما أحدثته أرقامها من «ضجة» لتحاول «ترقيع ما لا يترقع» وتصدر بياناً توضيحيّاً الإثنين (26 ديسمبر 2016) لتقول إن «ما نسبته 91 في المئة من تلك الأراضي الخام هي أرض موهوبة من جلالة الملك دعماً للصناديق التقاعدية بمنطقة قلالي، وهي تمثل الجزء الأكبر من تلك الأراضي؛ نظراً إلى كبر المساحة»، وهو ما يتناقض مع تصريح (يناير 2016) من أن الهيئة قامت «بشرائها في فترات سابقة، لرؤيتها آنذاك أن القيمة السوقية لهذه الأراضي سترتفع مستقبلاً»!

الحديث الذي لا يتوقف عن «إفلاس اكتواري» لصناديق التقاعد أمر ليس بجديد، وامتد لسنوات طويلة من قبل المسئولين المتعاقبين على تلك الصناديق، ولكن كل ذلك كان مربوطاً أيضاً بحجم ملفات الفساد في تلك الصناديق، فهل يعقل أن إدارة وصندوق بحجم «التأمين الاجتماعي» عاجز عن استثمار 95 - 90 في المئة من محفظته العقارية!

ذلك العجز يقابله، فساد من نوع آخر في حجم المكافآت التي يتقاضاها المسئولون في تلك المؤسسة الرسمية، فشخصيّاً، كنت أحد المتابعين، وبشكل كبير، لملفات صندوقي التقاعد والتأمينات، وكنت على اطلاع وعن قرب عن حال الصندوقين قبل الدمج وبعده، ونشرت الكثير مما يمكن أن يسمى بـ «ملفات فساد»، كان أبرزها في العام 2009 عندما كشف النقاب عن مكافآت المسئولين عن الصندوقين، نظير تمثيلهم الهيئة في مجالس إدارة الشركات التي يساهم في رأس مالها الصندوقان.

وخلال خمس سنوات بلغ إجمالي المكافآت التي صرفت لـ 22 مسئولاً في الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي مليوناً و435 ألفاً و889 ديناراً، وذلك نظير تمثيلهم الهيئة في مجالس إدارة الشركات التي تساهم في رأس مالها.

رئيس تنفيذي سابق للهيئة حصل لوحده على ما يقارب 500 ألف دينار عن تمثيله في مجالس إدارة أربع شركات، فيما حصل مدير صندوق التقاعد السابق على 305 آلاف و385 ديناراً؛ نظير تمثيله في مجلسي إدارة شركتين. وحصل كلا المسئولين السابقين على 801 ألف و808 دنانير من المجموع الكلي للمكافآت خلال السنوات الخمس الماضية، وهو ما يعادل 56 في المئة، فيما وزع المتبقي والبالغ 634 ألفاً و81 ديناراً على 20 مسئولاً بين مدير ومسئول في تلك الصناديق.

تخيل عزيزي القارئ أنه قبل سنوات، كان هناك مسئول متقاعد بالهيئة العامة للتأمين الاجتماعي يتقاضى عن كل ساعة اجتماع له نظير تمثيله الهيئة في مجالس إدارة الشركات التي تساهم في رأس مالها 1668 ديناراً.

ومع كل تلك المكافآت الكبيرة، فإن 90 في المئة من المحفظة العقارية لا يتم استثمارها، بل هي أرض «خام» لا قيمة فعلية لها، بل قيمتها «دفترية» تزين سجلات وأرقام الهيئة خلال استعراضها موازناتها!

الوصف الأكثر دقة لما شهده صندوقا التقاعد والتأمينات طوال سنوات مضت أنهما تحولا إلى «تركة» تقاسمها المسئولون فيهما وغيرهم، ولم يوقف ذلك النزيف في أموال العمال والمتقاعدين إلا بعد أن نفدت تلك الخزينة، وأصبح الحديث عن «إفلاس اكتواري» وقرب نفاد أموال الصندوقين والحاجة إلى حلول جذرية سيتحملها المواطن والعامل الكادح.

سبب «الإفلاس الاكتواري» للصناديق التقاعدية في البحرين ليس المواطن الفقير ولا العامل الكادح الذي يستقطع من أجره لتأمين حياته بعد عجزه وكبر سنه، بل هو السياسات والإدارات التي تعاقبت على تلك المؤسسات.

نحتاج إلى إدارات كفؤة قادرة على استثمار أموال المتقاعدين، واستغلال تلك العقارات وتنمية تلك الصناديق، بدل الركض وراء المكافآت.

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 5226 - الثلثاء 27 ديسمبر 2016م الموافق 27 ربيع الاول 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 39 | 11:00 م

      لو في بلد ثاني جان انقلبت الدنيا لكن هني حتى الناس مهابيل ما يعرفون حقهم للاسف وهذا اللي يزيد الطين بلة يعني السارق مستمر في شغلة ومأمن ومستقر ولا هامنه شي

    • زائر 38 | 1:10 م

      افلاس صندوق التقاعد يعني طامة كبرى لالاف الاسر البحرينة
      يجب محاسبة المسؤولين والعمل على تصحيح الوضع قبل ان تغرق الدولة في دوامة الاقتصاد

    • زائر 37 | 12:57 م

      زائر رقم 5
      قد شخصت المرض تشخيصا جيدا

    • زائر 35 | 5:11 ص

      فعلا التأمينات أصبح تركه ... والفقير مسكين لا يتغير عليه شي والهيئة على طول في إفلاس يكذبون علينا السرقات ما خلت أخضر ولا يابس

    • زائر 34 | 4:32 ص

      راحت فلوسك ياصابر \\\\\\\\\\\\ المشتكى لله المشتكى لله

    • زائر 33 | 4:31 ص

      من سنين طويلة ونحن نعانى من الفقر فى بلد البترول والله الي مرتاحين الاجانب لاعبين لعبتهم فى الديرة المشتكى لله

    • زائر 32 | 4:29 ص

      شكرا عزيزى هانى هاده امسجل فى ميزان حسناتك \\\\\\\\\\\\\\ المشتكى لله ونفوض امرنه الى الله تعبنه من الفقر ناس تلعب بالملايين وناس امنتفه وشبابنا لا يقدر ان يتزوج ويفتح بيت المشتكى لله

    • زائر 30 | 4:25 ص

      الا تخافون الله نحن فى محنه وانتم تلعبون فى اموال الدوله حرام الشعب غلبان المشتكى لله

    • زائر 29 | 4:24 ص

      تعبانين ويه رواتب التقاعد وصايدنه الهم لا نعرف ندبر امور المعيشه وخصوصا انه مصاب بسكلر ولا اقدر ان اعمل عمل اضافى المشتكى لله خيرات البلد للاجنبي

    • زائر 27 | 4:21 ص

      هادى نتيجة الابتعاد عن الله المشتكى لله

    • زائر 25 | 4:01 ص

      في أكثر دول العالم المتحضر يعمل القائمون على ادارة صناديق التقاعد، على جذب أفضل الخبرات في المجال الاستثماري لصعوبة وحساسية الوظيفة ، إلا عندنا يكاد يكون الكادر برمته لا خبرة تذكر له في مجال الاستثمار، والنتيجة لابد أن تكون كارثية، وقراءة موضوعية للامر ستستنج أن الكارثة الكبرى لم تقع للان ولكن حتما ستقع إن إستمرت ادارة أموال المتقاعدين في جو من .... ودون فريق متخصص

    • زائر 24 | 3:51 ص

      هذا الي تدري عنه يا استاذ فردان والي ما تدري عنه من سرقات ونهب الأموال العامة والأراضي كان أعظم والفساد مستشري ومتاصل منذ القدم .

    • زائر 23 | 3:03 ص

      { يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ } (35 , التوبة)

    • زائر 22 | 2:50 ص

      لو يعطون الاراضي مكتب عقاري صغير بديرها بنجاح وسهولة
      هؤلاء سراق ولصوص يتقلدون مناصب عليا ورواتب خياليه مع علاواوت وتأمين صحي وتعليم خاص
      لابنائهم وووووو
      وفي النهاية انتاجهم صفر
      الا يستحق هؤلاء ان يتم جلدهم على الملأ

    • زائر 21 | 2:44 ص

      اخرتنا بنطر عشان النواب يستانسون

    • زائر 20 | 2:38 ص

      ولا عندنا فســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاد يا علــــــــــــــــــــــــي سلمان!!!

    • زائر 19 | 2:30 ص

      تعبنه واحنه ننصحهم مافى فايده يجروون ورى مصالحهم وخل الشعب امووت وبعدين اكيد راح اصيحون لاكنهم لايريدون اصلاح انفسهم غرتهم الدنيا وابتعدوا عن الله

    • زائر 18 | 1:06 ص

      حسبي الله ونعم الوكيل (جعفر الخابوري

    • زائر 15 | 12:18 ص

      عمك اصمخ... وكما ترى تم دفان البحر بأكمله وبيعه

    • زائر 14 | 12:16 ص

      ادارة غير مؤهل

    • زائر 13 | 11:56 م

      1668 دينار عن كل ساعة؟ حتى بل جيت ما يأخد هالقد! مانقول الا الله يفرج عنك يا فيصل هيات "راحت فلوسك يا صابر"

    • زائر 12 | 11:00 م

      ألي له ضهر ما ينضربش على بطنه ! هؤلاء لا بالصدفة ولا بالكفائة وصلوا لهذه الوظائف لذلك لا يتم محاسبتهم وأنما يكرمون

    • زائر 11 | 10:57 م

      أنا أقول أن الشعب وممثلين الشعب هم العاجزين وليس هذه الأدارة فهل يعقل كل هذا الفساد وبدل أن يحاسبوا ويقدموا للعدالة نجد لهم التكريم والمكافآت أين مؤسسات الدولة هذا أن كان في مؤسسات وأين النواب

    • زائر 10 | 10:49 م

      راحت فلوسنا يا عالم شكلنا ما بنطلع تقاعد أو أذا طلعنا ما بنحصل رواتب تقاعدية كله لعيون كم موظف ما يعرف كوعه من بوعه

    • زائر 9 | 10:41 م

      التأمينات وعائدات النفط وأراضي الدولة والأسكان والتجنيس وغيرها الكثير الكثير فنحن في بلد القانون والمؤسسات وبلد الحرية لأن هناك حرية ولكن للمجرمين والمفسدين والمتنفذين

    • زائر 8 | 10:40 م

      قالوها اخوانا المصريين المال السايب يعلم السرقة!!

    • زائر 7 | 10:37 م

      مؤسسات الدولة هم عبارة عن بؤر للفساد والسرقات وبدل أن يزرعوا ليحصدوا ويحصد الأجيال هم يفسدون ويهلكوا الأجيال القادمة

    • زائر 6 | 10:36 م

      الآن وبعد خراب البصرة المواطن والعامل الكادح هو من سيتحمل التبعات وكأن المكافآت أستلموها الملائكة المقربون الذين وكلهم الله وأرسلهم من عنده ، والله حرام ألي قاعد يصير

    • زائر 5 | 10:34 م

      كان الناس يعرفون أين الخلل وكانوا يرون أموالهم تبذّر في الساقط من المشروعات حيث تجبر الهيئة على شراء المشاريع الفاشلة لكي تطيح بحض المساهمين من موظفين متقاعدين .
      فكان كل ما دخلوا في مشروع وبدى فشله قالوا حولوه على متلقّف الطائح ألا وهي التأمينات

    • زائر 4 | 10:30 م

      لقد وضعت يدك على الجرح ومكان الألم يا استاذ فهل السبب في عدم قدرة هذه الإدارة هل هو :
      1-عدم وجود كفاءات بحرينية تدير هذه المؤسسة؟
      2- أم هو انعكاس الفشل في الوضع السياسي على كل مفاصل الحياة في البحرين؟
      من وجهة نظري كمواطن بحراني لا أشكّ أن شعب البحرين يملك الكفاءات القديرة والجديرة بإدارة ملفّات اكبر وأكثر من ملفّات التأمينات، لكن المشكلة هي انعكاس الوضع السياسي على هذا الملفّ كباقي الملفّات الأخرى في البلد والخلل الأكبر هو عائد لمسألة التعيين وفرض الوصاية الرسمية على هذه الهيئة

    • زائر 3 | 10:01 م

      اقول راحت افلوسك يا صابر

    • زائر 2 | 9:42 م

      المواطن شماعة في هالبلد

اقرأ ايضاً