العدد 5232 - الإثنين 02 يناير 2017م الموافق 04 ربيع الثاني 1438هـ

بداية دموية للعام الجديد

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يبدأ العام الجديد مضمّخاً برائحة الدم والبارود، على خلاف كل أحلامنا وتمنياتنا وأمنيات كل شعوب الأرض.

بؤرة الدم والتفجيرات هي منطقتنا، ففي هذه الدائرة المنكوبة تتمركز أغلب العمليات الحربية والفتن ومؤامرات التقسيم. كل المناطق والأقاليم الأخرى في العالم حلّت مشاكلها واختارت طريقها في الحكم، وتداول السلطة، وبقيت منطقتنا تراوح في زنزانتها، فكل شعبٍ يريد أن يحيا بعزةٍ وكرامةٍ وحرية، تتكالب عليه كل قوى الأرض ليبقى مقيداً مغلولاً داخل القمقم.

كل أقاليم العالم تقدمت واستقرت، إلا إقليمنا، هذا الشرق الأوسط العتيد، من أوروبا الشرقية إلى جنوب وجنوب شرقي آسيا، إلى أميركا اللاتينية التي كان يحكمها الجنرالات الموالون للولايات المتحدة الأميركية. حتى في أفريقيا، تحوّلت أغلب تلك الشعوب إلى أنظمة أكثر استقراراً، إلا منطقتنا التي تقاوم التغيير.

مع كل الأماني التي نتبادلها بعامٍ أفضل، إلا أن مؤشرات العام الجديد لا تدل على هذا الاتجاه، بل تنذر بمزيدٍ من التدهور والانهيار. والعام الذي ودّعناه بالكثير من الأسى، وشيّعناه بالكثير من الأحزان، سيبقى ممتداً معنا هذا العام.

في اليوم الأخير من العام الراحل، شهد العراق عدة تفجيرات دموية، من الصباح إلى المساء. وكان ذلك متوقعاً كلما زادت الضربات الموجّهة لتنظيم «داعش»، وطرده من الأراضي الواقعة تحت قبضته، وحصره في آخر معاقله: الموصل. من هنا جاءت التفجيرات الدموية، انتقاماً لخساراته ونزيفه، لتضرب سوقاً وسط بغداد بثلاثة تفجيرات، نفذّها عناصر متزنرة بأحزمة ناسفة، أودت بحياة 32 شخصاً وأصابت العشرات، أعلن «داعش» مسئوليته عنها. وهي استراتيجية سبقه إليها تنظيم «القاعدة»، بهدف إيقاع أكبر عددٍ من الضحايا الأبرياء في المناطق الرخوة، ونفذها في عددٍ كبيرٍ من البلدان لسنوات.

عشية ليلة عيد رأس السنة الميلادية، نجح التنظيم أيضاً في توجيه ضربة لتركيا، في قلب العاصمة السياحية اسطنبول، وتمكّن أحد عناصره من التسلل إلى داخل ملهى ليلى يحتضن مئات المحتفلين، ليحصد بالرصاص أكثر من 39 شخصاً، تبين أن أكثرهم لم يكونوا أتراكاً بل كانوا عرباً، خليجيين ولبنانيين وأردنيين وتونسيين وليبي واحد. وهي عمليةٌ مؤذية لتركيا، التي تراجعت الحركة السياحية فيها بمعدل أربعين في المئة العام الماضي، وتراجعت عملتها بنسبة 20 في المئة خلال الأشهر الأخيرة.

هذه العملية الإرهابية ضربت مجدداً الثقة بالأمن التركي، الذي حشد آلاف العناصر لإجهاض مثل هذه العمليات، التي يشكل اكتشافها تحديات جمة لأجهزة الأمن، فكيف تمكّن شخص انتحاري من التسلل إلى ملهى ليلى وسط منطقة خاضعة للحراسة المشددة؟ وكيف بقي طليقاً بعد 24 ساعة من التنفيذ رغم انتشار صورة تكشف ملامح وجهه القوقازية بوضوح؟ وهل كانت هناك عناصر أخرى متخفية ضمن بيئة حاضنة، ساعدته في الوصول وأمّنت له السلاح وطريقة الانسحاب؟ وهو ما دفع أحد المحللين الأتراك إلى الإشارة إلى وجود تجمع كبير لهؤلاء المهاجرين بالآلاف داخل تركيا، بما يعطي انطباعاً لدرجة خطورتهم.

في الوضع التركي، أيضاً كان الأمر متوقعاً، مع الانعطافة الحادة في السياسة التركية، التي غيّرت مسارها من محورٍ باتجاه محورٍ آخر. فخلال الشهر الأخير وحده، تعرّضت تركيا لأربع عمليات إرهابية، يقف وراء أغلبها «داعش»، وتزامن ذلك مع التقارب التركي الكبير مع روسيا، الذي أسفر عن سقوط حلب، وإعلان الهدنة، وفرض وقف إطلاق النار قسراً على التنظيمات المسلحة، التي تتمتع بوجود حواضن وأتباع كثر داخل تركيا، نشأت كنتيجة طبيعية للسياسة السابقة التي كان ينادي بها أردوغان.

بدايات غير مشجّعة، صبغت اليوم الأول من العام الجديد، نتمنى ألا تستمر وتتمادى، على أمل أن تخرج شعوب هذه المنطقة المنكوبة من مستنقع الدم والخراب.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 5232 - الإثنين 02 يناير 2017م الموافق 04 ربيع الثاني 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 18 | 2:04 م

      وصول التفجيرات و الاختراقات إلى المدن المقدسة مثل النجف الاشرف و سامراء يدل على مرحلة الخطر ل استهداف مماثل في الأيام و الأسابيع المقبلة كما أن حروب الاستنزاف في سوريا و العراق ستجعل الجيش السوري و العراقي يصل إلى مرحلة الانهاك و هناك مخططات و أجندات ل تدمير ما تبقى من دول و احتلال العواصم و في الروايات التي تتحدث عن معركة قرقيسيا و معركة أخرى كبيرة بين الحيرة و الكوفة و القتلى بالآلاف نحن نقترب من هذه الاحداث

    • زائر 14 | 4:41 ص

      اسباب دمار تركيا هو اردوغان عميل امريكا هو الذى سمح بدخول الدواعش ويه السلاح وبعدين قام ليقتلهم يوم حس بخطرهم وهادى هى النتيجه انفجارات فى تركيا ومن حفر حفرة لاخيه وقع فيها وهادى حوبة سوريا \\\\\\ وهاده غير لعبته باعتقال الاف الاتراك بحجه هو مسونهه ويه الامريكان ويقول منقلبين عليه هادى الالاعيب نعرفها

    • زائر 13 | 3:56 ص

      يا استاذ قاسم سنة 2017 ستكون سنة التفجيرات و الحروب و الدمار و الخراب و الفناء الشامل و في العراق و تركيا لم ننصدم من تفجيرات بغداد و سامراء و مدينة الصدر و القتل الهائل المخيف و المروع و من إسقاط الطائرات لان القادم أكبر هناك دول ستقسم إلى دويلات و زعماء دول سيرحلون عن العالم و البعض سيتم اغتياله

    • زائر 15 زائر 13 | 7:13 ص

      تابع التعليق
      جميع التوقعات و التنبؤات قالت ان المنطقة ينتظرها زلزال من الحروب المدمرة و النووية و لابد من الضربات و الاشتباكات العسكرية للدول الكبرى مثل امريكا و روسيا و تركيا و التحالفات الجديدة التي ستستخدم السلاح الذي اشترته بمليارات الدولارات من جهة ثانية داعش سيظهر ب أكثر قوة و يرتكب المجازر في العراق و سوريا و دول أخرى انها نهاية العالم ... و قيام الساعة .. ساعة الظهور المبارك

    • زائر 16 زائر 13 | 7:24 ص

      تابع ل تعليقي ما بعد معركة حلب و معركة الموصل سيكون شيء كارثي لان سيتعاون الأعداء ل الانتقام على طريقتهم و رأينا بعض الانتقامات في تفجير السيارات و الاحزمة الناسفة و لكن سيعود استهداف المساجد و المطاعم و المزارات الدينية و ستكثر شلالات الدماء و قطع الرؤوس و المنطقة ستكون في حالة من البؤس الاقتصادي و السياسي !!!
      في معركة تحديدالمصير
      ستفشل المعارك الحالية بعد تحقيق الانتصارات الجوهرية
      و سيكون هناك هزائم و اقتتال داخلي بين قوات الحشد و الفتنة ستكبر في العراق الجريح و يزداد الاحتقان الطائفي
      تركيا تكبدت خسائر بشرية و مالية منذ الانقلاب الفاشل و لكن بسبب حربها ضد الاكراد اصبح لديها أكثر من عدو بالاضافة الى الدواعش الذين نجحوا في تنفيذ العديد من الهجمات الوحشية المؤلمة و الموجعة في عدة مدن تركية ..

    • زائر 17 زائر 13 | 7:36 ص

      تابع ل تعليقي الملفت في التنبؤات ان الإرهاب سيصل إلى منطقة الخليج و دول أخرى مثل مصر و لبنان .. السنة الجديدة من بدايتها دموية و س يستمر هذا المشهد الدموي لان الكثير من الدول ظلت صامته عن فعل اي شيء في موجات القتل المستمر الذي طال العراق و سوريا منذ 6 أعوام إلى أن توسع العنف والإرهاب و داعش يملك السلاح و التكنولوجيا العسكرية و الخبراء ما لم يخطر على بال احد و يمكن مستقبلا يخوض حروبا بواسطة الطائرات و الصواريخ نحن في السنة الأخيرة من الفتنة السوداء الصماء التي تعوح فيها عقول الرجال و التي ذكرها رسول الله ص في الكثير من الأحاديث الشريفة و الحرب العالمية ال 3 متوقعة في اي لحظة .. ام محمود

    • زائر 11 | 1:36 ص

      ونفس القصة يعملها اردوغان الآن ومنذ خمس سنوات
      حتى انقلب السحر على الساحر
      الطغاة لا يتعظون

    • زائر 9 | 1:16 ص

      أقرأ تعليقات البعض فلا اعرف أأضحك أم أبكي اذا لا زال البعض قابعا في بوتقة الجهل والتخلّف رغم انكشاف الصورة واتضاح الحقائق خاصة بعد اعترافات الكثير من المسؤولين الغربية عن مآرب الحرب على سوريا وأهدافها ولكن البعض يصرّ على موقفه وجهله وكما يقول المثل (عنزة ولو طارت)
      يعني حتى مع اعتراف كبار رجال المخابرات من امريكية وبريطانية وفرنسية وغيرها يصرّ امثال اصحاب التعليقات رقم 5 ورقم 3 على أن بشّار هو السبب وهو المجرم فقط واما تلك الدول فحمائم سلام . لكن ويش تقول وقد عشعش الجهل

    • زائر 7 | 12:53 ص

      من يقوم بتنفيذ العمليات الارهابية هم المسلمون المتطرفون يجب محاربة هذه الفئة التي تنسب نفسها للاسلام والاسلام بريء منها

    • زائر 5 | 11:44 م

      صح ، بس من حفر حفرة لأخيه وقع فيها ، لسنوات وبشار فاتح الحدود للأرهابيين يدخلون العراق من حدود سورية ، وذيلين مالهم أمان ، يعضون الإيد الي تساعدهم

    • زائر 2 | 9:45 م

      ولا تنسون ما يعمله بشار في الشعب السوري

    • زائر 3 زائر 2 | 10:57 م

      أرد وقان بعث الارهابيين لسوريا من أراضيه الآن يبشر من شرهم المستطير

    • زائر 6 زائر 2 | 11:51 م

      بشار رغم معارضتنا له الا انه يقوم بعمل جبار لتخليص سوريا والعالم من شر الدواعش القتلة

    • زائر 1 | 9:12 م

      هذا نتاج الفكر التكفيري ومن يدعمه

    • زائر 12 زائر 1 | 1:51 ص

      اسئلوا من وراء هم ومن المستفيد ومن اوصل السلاح للاراضى العراقيه والسوريه / مانتكلم عن مسدس هناك دبابات ومدافع وطائرات بدون طيار / عندهم مصانع مثلا / ؟؟؟!!!

اقرأ ايضاً