العدد 5237 - السبت 07 يناير 2017م الموافق 09 ربيع الثاني 1438هـ

الشاعر سعيد العويناتي بين المنبر التقدمي وأسرة الأدباء والكتاب

يوسف مكي (كاتب بحريني) comments [at] alwasatnews.com

كاتب وباحث بحريني

بحلول هذا العام 2017 يكون قد مر على الرحيل التراجيدي للشاعر سعيد العويناتي 41 عاما، ويكون قد مر على ميلاده 67 عاما، فهو من مواليد قرية البلاد القديم في سنة 1950. ما يعني انه عند رحيله في منتصف سبعينيات القرن الماضي كان في شرخ الشباب (26 عاما)، والمفارقة أن موته التراجيدي كان بعد صدور ديوانه الأول والأخير «إليك أيها الوطن... إليكِ أيتها الحبيبة» ببضعة أشهر، وبالتحديد في 12 ديسمبر/ كانون الأول1976.

ومنذ رحيله حتى الآن تعرض هذا الشاعر إلى إهمال كبير ومركب. من قبل رفاقه في النضال من جهة، ومن قبل زملائه في المهنة (الشعراء والأدباء) في أسرة الأدباء والكتاب من جهة أخرى.

فبالنسبة لرفاقه مثلا، فلو كان حيا بيننا فقد يكون هو الآن عضوا مهما، وربما قائدا في «جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي»، إلا أن موته المبكر حال دون ذلك، ولكن من يدري ربما يظل خارجه بحكم ما آل اليه المنبر من وضع ركيك وهزيل ومتشرذم.

ومع ذلك لا ينبغي التنكر له أو إهماله، فقد كان شاعرا ومناضلا في صفوف جبهة التحرير الوطني البحرينية في سنوات الجمر، وشاعر بمستوى سعيد -حيث تنبأ له النقاد وبعض الشعراء بمستقبل شعري باهر- ينبغي على رفاقه وأصدقائه ومحبي شعره في المنبر التقدمي أن يقوموا بتكريمه، ورفع الظلم الذي وقع عليه، وذلك من خلال الاحتفاء والاحتفال به، كأن يتم تشكيل لجنة لتدشين مهرجان سنوي تحت مسمى «مهرجان سعيد العويناتي الشعري» مثلا أو الأدبي أو الثقافي... الخ.

في هذا المهرجان يمكن دراسة تجربة الشاعر الموءودة والثرية في نفس الوقت، ويمكن عمل جائزة شعرية باسم الشاعر/ الشهيد، ويمكن إعادة طباعة الديوان، وإضافة مالم يضف إلى الطبعة الثانية من ديوانه، وبالإمكان تجميع كتاباته النقدية والثقافية والفكرية في مختلف المجالات، وإصدارها في كتاب في ذكرى ميلاده أو في ذكرى رحيله. فهو ناقد ممتاز وشاهد على مرحلة مهمة من تطور الحياة الثقافية والاجتماعية في البحرين، ويستحق استعادة تراثه .

هذا فيما يتعلق برفاق سعيد في المنبر التقدمي. أما فيما يخص «أسرة الأدباء والكتاب»، فمن المعلوم أن الشاعر كان عضوا فيها، كما كان عضوا فاعلا في مجلس إدارتها. ومنذ رحيله لم يحظ بما يليق به -باستثناء إعادة طباعة ديوانه وإضافة بعض القصائد التي لم تنشر في الديوان في الطبعة الأولى سنة 1976 وذلك في طبعة سنة 2002- وكأن الأسرة تريد الإيحاء بالبراءة منه. أو أن ما قامت به من باب براءة الذمة ليس إلا.

ويمكن القول أن الشاعر تعرض لظلم وإهمال غير مبررين من قبل أسرة الأدباء، في حين كان حري بها أن تكون أول المحتفين والناشرين لتراثه وهو كثير.

إن أسرة الأدباء والكتاب ومنذ رحيل الشاعر في منتصف السبعينيات، وعلى امتداد 4 عقود كان لديها الكثير من الأنشطة والفعاليات الثقافية والأدبية؛ لكنها مع ذلك لم تشمل سعيدا في أنشطتها، وكأن الأمر لا يعنيها، أو أن هناك قرارا ضمنيا بعدم التطرق إلى تجربة هذا الشخص على الصعيد الشعري.

لماذا ؟ لا نعرف بالضبط، ولكن بالتأكيد هناك أسباب تكمن في بطن أسرة الأدباء والكتاب.

وأيضا يعتبر سعيد من شعراء تجربة جيل السبعينيات، وهي تجربة ثرية، وهو أحد الشعراء الذين كان شعارهم «الكلمة من أجل الانسان» ويكفي العودة إلى ديوانه وشعره الجميل والغنائي للتدليل على ذلك.

والأسرة كما نعرف أن شعارها الرسمي هو «الكلمة من أجل الانسان»، وبالتالي فهو متوافق مع أهداف الأسرة وشعارها؛ لكن إهمال الشاعر من قبلها يتنافى مع شعار الأسرة نفسها، وهذا يعطي انطباعا بأن شعار الأسرة قد تغير منذ مدة. وربما لوكان الشاعر حيا لغير رأيه في الأسرة بالنظر إلى ما آلت إليه من وضع أبعد ما يكون عن شعاره الأصيل.

وإذا لم تحتف أسرة الأدباء بشعرائها وأدبائها الأحياء والأموات، فمن الذي يحتفي بهم ويرعى منجزاتهم، هل هو العقوق هل هو النكران؟

وبهذا فإنْ يقع الشاعر سعيد العويناتي تحت طائلة الإهمال الرسمي فأمر مفهوم، لكن أن يقع تحت طائلة إهمال الرفاق في المنبر التقدمي والزملاء في أسرة الأدباء فأمر غير مفهوم، وليس له معنى غير التنكر والظلم لشاعر كان من المفترض أن يصبح شاعرا كبيرا تتفاخر به البحرين.

أخير إذا لم يحتف المنبر التقدمي، وأسرة الأدباء بالشاعر كشاعر، حيث لا يوجد سبب كاف لذلك ربما، فإنه يمكن الاحتفاء بموته التراجيدي، وعلاقته بالمؤسستين على أقل تقدير عندما كان في ريعان شبابه، وهذا سبب أكثر من كاف بحد ذاته.

إن حال الشاعر العويناتي في علاقته بأسرة الأدباء والكتاب، وكذلك برفاقه في المنبر التقدمي كحال الشاعر طرفة بن العبد حين قال:

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة

على المرء من وقع الحسام المهند

الخلاصة يمكن الإشارة لمن لا يعرف الشاعر إلى أن سعيدا من خريجي جامعة بغداد -كلية الآداب قسم الصحافة 1974- عمل محررا صحافيا وثقافيا في الكثير من المجلات مثل: «صدى الأسبوع» و»المواقف»، حيث كان مشرفا على الصفحة الثقافية فيها، كما عمل مديرا لتحرير «الحياة التجارية» الشهرية لسان حال غرفة تجارة وصناعة البحرين. وبرحيله الفاجع خسرت البحرين موهبة شعرية لا يمكن تعويضها.

إقرأ أيضا لـ "يوسف مكي (كاتب بحريني)"

العدد 5237 - السبت 07 يناير 2017م الموافق 09 ربيع الثاني 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 4:01 م

      تعليق غريب الذي يشير الى ان المنبر التقدمي من التراث
      التراث مصدر ثقافة مجتمعنا وعلى المعلق ان يدرك المنبر جزء رئيس من المكون الوطني والاجتماعي ويمثل معادلة في خارطة المكون السياسي
      سواء ان ترضى او لا ترضى او تقتنع او لا تقتنع فالمنبر حقيقة قائمة وموقفه حقيقة لا يمكن تجاوزه.

    • زائر 8 | 12:45 م

      هذا أصبح لدى البعض من التراث يتغنى به رفاقه السابقين بين وقت واخر

    • زائر 7 | 9:55 ص

      في الحقيقة كل ما يفعله المنبر هوا الاحتفاء بإستشهاد الشاعر سعيد دون أن يقدم ما يتطرق إلى تجربته وإنتاج الشعري بدراسة وافية

    • زائر 5 | 9:44 ص

      من قصائده : في تمام العاشرة
      فتشوا بعض ازاهير الحديقة
      وجدوا الماء يغني
      والعصافير على غصن الشجر
      ضحكت زهرتنا الحمراء,
      كان القمر الوحشي
      يستأنس في الليل الصلاة
      وأبي في وسط الحوش
      يدير الأغنيات
      وأخي الأصغر يتلو بعض آيات من الذكر
      الحكيم
      وصغار الدار في الأرصفة الدنيا يغنون
      الحياة
      وأنا متكئ أقرأ "تولستوي أحلى
      الذكريات .....

    • زائر 2 | 1:51 ص

      النقد المجردمن المؤثرات السلبية في صناعة الرؤى المفيدةفي التغيير خطوة مطلوبة بل مهمة لتصحيح ما هو قائم واذا ما تمعنا ما قدمه الكاتب من نقد برغم جوانبه المفيدة الا انه سقط في حفرةالنقد السلبي الذي كان يفترض ان يتجنب الوقوع فيها لتحسب له ايجابية النقد المفيد
      نعتقد ان الكاتب غير محقا ....في نقده عندما استعان بكلمات غير موفقةلتغليظ طريقة نقده والحكم بان الشاعر الشهيد(ربما يظل خارج المنبر بحكم ما آل اليه المنبر من وضع ركيك وهزيل ومتشرذم.)وذلك التشخيص الى ان الكاتب بعيدا عن الحراك في المنبر

    • زائر 1 | 12:01 ص

      ببساطة لو كنت متابعاً لفعاليات المنبر التقدمي لرأيت مكانة الشهيد بين رفاقه .. ولكن يبدو إنك يا أستاذ استعجلت اللوم على التقدمي.

اقرأ ايضاً