العدد 5258 - السبت 28 يناير 2017م الموافق 29 ربيع الثاني 1438هـ

نقطة هدوء!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

عندما يدور حديث بين النّاس، عادةً ما يحاول الجميع الكلام في الوقت نفسه، أو الاستماع في الظاهر؛ ولكن في الداخل يجهّزون الردّ، وقلّة فقط من تستمع للحديث بإنصات، ومن ثمّ تحاول الرد أو القبول أو رفض ما صدر من الآخر.

اليوم في البحرين نحن نحتاج إلى الإنصات ومن ثمّ الرد، لا يجوز أن يتكلّم الجميع ولا يجوز أن يعرض الجميع فكره وآراءه من دون حلول، فالمصيبة الكبيرة لدينا بأنّنا لا نسمع ولا نلاحظ ولا نهتم، وكلٌّ لديه أجندة ولديه رأي يريد فرضه على الآخرين.

قد يكون لدى البعض رأي آخر مغاير عن وجهات النظر المطروحة، ولكنّه يغرّد خارج الجماعة، سواءً هذه الجماعة أو تلك، ولذلك هو منبوذ ورأيه هشّ لا قوّة له، لأنّه على سبيل المثال يؤمن بالمثالية ويريد تحقيق الأحلام!

استمعوا للرأي الوسطي الذي يريد الخير أرجوكم، فالبحرين لا تحتمل الحوادث اللامتناهية والمزعجة في نفس الوقت، وهي ليست مزعجة فقط، بل حزينة جداً، فما بناه الأجداد والآباء يحترق شيئاً فشيئاً، ولا أحد يوقفه.

ماذا بنى الأجداد والآباء ونعتقد بأنّه يحترق؟ لقد بنوا رسالة الحب والسلام والتعايش في هذا الوطن، وبنوا العلاقة الطيّبة التي شهدناها من خلال الألفة، وبنوا حضارة البحرين وازدهارها، ولم يتوقّفوا بل بحثوا في كلّ مكان من أجل التقدّم والتطوّر، ولا ننسى تربيتهم لنا على حمل هذه الرسالة وتحفيظها لأبنائنا.

نعم هي تحترق اليوم، فرسالة الكراهية والطائفية والتقسيم والفرقة تنتشر بشكل سريع ومدمّر، ورسالة نحن أفضل من الآخرين سواء في المنصب أو الفئة أو الطائفة أو العرق تزيد وتتكاثر مثل العوالق.

ليس هذا فقط، فهناك أبواق في كلّ مكان، في المنابر وفي المكاتب وفي مواقع التواصل الاجتماعي وفي الشوارع، تشعل النّار وتزيد وقودها، لأنّها تستفيد في كلّ لحظة من احتراق الوطن، فالوطن بالنّسبة لها هي زيادة رصيد البنك والأراضي والخير، وليس السكينة والتعايش والقبول بالآخر وحقوقه.

نحن لا نريد مجتمعاً مثالياً، بل نريد مجتمعاً مدنياً، تُسمع فيه الكلمة ونقيضها برحابة صدر، تدنو فيه أطياف المجتمع من بعضها البعض ولا تتنافر، فالتنافر لا يولّد إلاّ القسوة والبعد والجفاء، ومن ثمّ تصبح الحياة لا تُطاق، فيصل البعض إلى قانون الغاب، بأنّ البقاء للأقوى، فيزيد العنف بيننا، وتُهدر دماؤنا جميعاً، لأنّنا لا نستطيع القبول ببعضنا البعض.

لا تنسوا بأنّنا بشر، وبأّننا نمر بنفس الظروف، ولا نختلف عن بعضنا كثيراً، وأنّنا في النهاية سنكون في تلك الحفرة التي لن نحمل فيها شيئاً غير أكفاننا، فهل نجد من يتّعظ ويحاول تقريبنا من بعضنا بعضاً بدل تنافرنا وابتعادنا؟

نقطة هدوء أرجوكم، فالبحرين تستحق منّا العمل من أجلها، وتكرار مصطلح الحوار والتوافق الوطني، لأنّ الأزمة التي نعيشها تذهب إلى منزلق خطر، لا نريده جميعاً ولا نتمنّاه، ولنستمع لبعضنا البعض، فقد يكون بيننا حكيم يُخرجنا من الشدّ الذي نحن فيه.

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 5258 - السبت 28 يناير 2017م الموافق 29 ربيع الثاني 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 7:51 ص

      نقطة هدوء نضعها حينما يكون المواطن قد حصل على حقوقه كأنسان.

    • زائر 4 | 12:00 ص

      المسئلة كلش سهلة الانصاف واعطاء ذو الحق حقه وتنتهي المشكلة لاننا شعب مسالم

    • زائر 3 | 11:38 م

      من يسمع لك؟ لقد صمّت الآذان واغلقت العقول وهاجرت الحكمة وضرب عن تاريخ التعايش في البحرين صفحا، فلا قيمة للكلام عن تعايش ومحبّة وسلام فقد اصبح هذا الحديث لا سامع له ولا مصغي لمن يقوله لقد قضي الأمر.

    • زائر 1 | 10:30 م

      صدقتي

      هل يوجد في وزارات المملكة المسؤلين او الموظفين نصف نصف اقصد الطائفتين ام اقصاء الي طائفة وجعلها تعيش علي فتيت الرواتب الضعيفة ٢٥٠ د ودوامين اما وزارات المملكة دوام واحد وماهي ااطائفة الغالبة في العمل فيها

اقرأ ايضاً