العدد 5295 - الإثنين 06 مارس 2017م الموافق 07 جمادى الآخرة 1438هـ

ماذا وراء العملية التخريبية في مقر «وعد»؟

رضي السماك

كاتب بحريني

يحتار المرء حقاً في الأهداف التي توخاها المخربون من وراء عمليتهم التخريبية بسيارات عدد من الذين حضروا ندوة الجمعيات الثلاث: (وعد، التجمع القومي، المنبر التقدمي) والتي عُقدت مساء الأربعاء الماضي في مقر الأولى بمناسبة ذكرى هبة مارس/ آذار 1965، لكن ما لا يختلف عليه اثنان أن دوافع عمليتهم التخريبية في موقف السيارات الملحق بالجمعية هي بلا شك سياسية، كما من اللافت أنها جرت هذه المرة في قلب حي سياحي بالعاصمة يعجُ بالفنادق والمطاعم والمقاهي السياحية، تحت الأضواء الساطعة ويموجُ بالمارة حتى ساعة متأخرة من الليل تقترب من الفجر. وهنا ثمة أكثر من تساؤل ينتصب أمامنا:

هل هي مصادفة أن اختاروا عمليتهم التخريبية في أُمسية مشتركة تجمع الجمعيات الثلاث تحديداً؟ لماذا طاول التخريب السيارات الموقوفة في موقف سيارات «وعد» تحديداً ولم يطل سيارات الحاضرين التي هي خارج الموقف وهي كالعادة أكثر من التي بداخله لمحدودية مساحته؟ هل لاتخاذهم من سوره ستاراً لتنفيذ عمليتهم التخريبية الجبانة؟ وإذا كان الأمر كذلك فكم يا تُرى حصادهم من عدد السيارات التي ستطالها عمليتهم التخريبية لو أسعفهم الوقت إذا ما علِمنا بأن أعداداً من الحاضرين تأتي عادةً في أوقات متباينة متأخرة للحاق بفعاليات «وعد»؟ هل قصدوا مثلاً من توقيت العملية توجيه رسالة من رسائل الإرهاب الفكري للجمعيات الثلاث بأن نشاطهم السياسي المشترك لم يعد يُحتمل، وينبغي التوقف عنه وعن مواقفهم ورؤاهم السياسية المزعجة في القضايا الآنية التي يمر بها الوطن سواء المشتركة منها أو الخاصة بكل جمعية على حدة؟

لكن في المقابل هل تساءل المخربون ماذا تبقى لتلك الجمعيات الثلاث من سلاح ضغط سياسي مُزاحم يُخشى منه في ظل تزايد القيود القانونية المكبلة لحركة العمل السياسي المشروع؟ اللهم أنشطة محدودة تُمارس تحت الأضواء الكاشفة علانيةً داخل مقارها وتكاد تقتصر على عدد من أعضاء وأنصار تلك الجمعيات، وخطاب سياسي معروف بعقلانيته وباعتداله الشديد، بل بوسع المرء أن يتحدى أية معارضة تتمتع بالشرعية في أية دولة عربية أن يضاهي خطابها خطاب المعارضة البحرينية المُفرط في اعتداله. هل يا تُرى قد قصدوا إذاً إرسال رسالة تخويفية لضيوف الجمعيات الثلاث الذين قد يُدعون مستقبلاً لإلقاء محاضرات في مقارها ولكل من تسوّل له نفسه بالحضور من الجمهور للامتناع عن الحضور لئلا يأتي الدور على سياراتهم في المرات المقبلة؟ ومن ثم إفشال أنشطة هذه الجمعيات تلقائياً من داخلها؟ ولاسيما أن الحضور بدا معقولاً في ليلة الحادث من الصورة التي نشرتها «الوسط» في تغطيتها للفعالية يوم الجمعة الماضي. ولما كان من المعروف أن هذه الجمعيات هي جمعيات وطنية عابرة للفئات والطوائف فهل هدِف المخربون يا تُرى إلى حمل عناصر مُعينة من أعضائها بالكف عن خيارهم السياسي الوطني غير المرغوب فيه خارج الاصطفافات الطائفية، ودفعهم لترك جمعياتهم لما يشكله ذلك الخيار من إزعاج وإحراج للتيار الذي تتبعه عناصر العملية التخريبية ومخططوها إن يكن لهم تيار سياسي؟

وأياً كانت مرامي المخربين السياسية من عمليتهم التخريبية فقد فاتهم أن التيار الوطني العريض الذي تمثله الجمعيات الثلاث في ظل ظروفه الراهنة البالغة التعقيد، وفي ظل انحساره غير الخافي على أحد ليس هناك مُبرر للتخوّف أو الانزعاج من أنشطته المسالمة المحدودة، والتي معظمها تتناول مناسبات من تاريخه النضالي العام أو الحزبي، وخاصة في ظل ما أضحى يواجهه من حصار وتعتيم إعلامي مضروب على أنشطته، ناهيك عن أن عدد أعضاء جمعياته لا يتجاوز بضع عشرات أو مئات تقل عن عدد أصابع اليد الواحدة حتى لدى انعقاد جمعياتها العامة، وجلهم ليسوا من الشباب الذين قد يُخشى من حماستهم «الثورية» المتهورة، بل من الكهول الذين بلغوا الخمسينيات أو الستينيات من أعمارهم بل وتجاوز بعضهم الستينيات، وإن كان صوت هذا التيار من الأصوات المهمة المؤثرة التي يُعوّل عليها للخروج من نفق الأزمة التي يعاني منها الوطن. على العكس من ذلك فلو أدرك أولئك المخربون أن بقاء التيار هو لصالح الوطن، باعتباره غصن الزيتونٍ الأخير الذي يستحق المفاخرة به في المحافل الدولية، وأنه ينبغي تحمل خطابه السياسي العقلاني الشديد الاعتدال برحابة الصدر، كدلالة على قبول الرأي الآخر الأخير اليتيم المتبقي، بل وللدلالة أيضاً على أن ثمة شكلاً من أشكال التعددية السياسية مازال قائماً لما أقدموا على فعلتهم التخريبية الشنعاء، فهل تخيل المخربون حال سمعتنا الإعلامية وسمعة وطننا على الساحة الدولية لو تم إسقاط هذا «الغصن الأخير» وخُنق صوته بحيث لم يتبقَ سوى الصوت الواحد في وطن لطالما عُرف بتاريخه الإعلامي العريق المتعدد، وبتعدديته السياسية والدينية والاجتماعية الفريدة من نوعها في خليجنا العربي؟

إقرأ أيضا لـ "رضي السماك"

العدد 5295 - الإثنين 06 مارس 2017م الموافق 07 جمادى الآخرة 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 5:02 ص

      تذكرون الهجوم على برادات جواد كان معاهم .... والقضية ماتت والحين جت على وعد وهم ناوين اغلاقها لاكن لايستطيعون اغلاق القلوب \\\\\\ الدليل خل يسمحون للوفاق ووعد بمسيرة وراح اشوفون انصار الوفاق ووعد

    • زائر 11 | 3:54 ص

      الغريب في البلد انك تضرب وتتهم في نفس الوقت ثم تحاكم ثم يصدر عليك الحكم ثم لايقبل منك اي حق في استئناف او اعتراض او اي شيء , الاخوة قالوها وراء العملية التخريبية محاولة لوأد ماتبقى من صوت شعبي واخماد لهذا الصوت الذي بات في نظرهم كالنعيق المزعج

    • زائر 9 | 1:40 ص

      العوض على الله

      الخير في باطن الشر،،،،،لسنا أفضل من باقي الجمعيات التي حلت والتي في الطريق للحل،،،،شدة واتزول بحق رب الرسول

    • زائر 7 | 12:23 ص

      نتفق مع كل ماذكر الكاتب ، ولكن يدور السؤال هل خط النضال الذي كانت تناضل به جبهة التحرير والجبهة الشعبية هو نفسه ؟ لا بل تلوث بالتيارات الدينية الطائفية ......والتي جرت الجمعية الى هذا المنزلق والتي كانت غنية عنه لو انها برزت بقوة شخصية ومواقف شجاعة وحازمة وليست خجولة ضد الارهاب الطائفي .

    • زائر 3 | 10:07 م

      وراء العملية التخريبية هو حل الجمعية قريبا ، كان إنذارا للجمعية ووصل الإنذار وهام الآن مقبلون على حل الجمعية . لم يبق شيئ نستطيع أن نفاخر به سياسيا واجتماعيا واقتصاديا . يبدو أن عام 2017 هو عام الحزن في البحرين.

    • زائر 2 | 10:05 م

      وعد

      العملية التخريبية مفتعلة حالها حال التهم الموجه الآن ل "وعد" ، سترى خلال ساعات إزالة شعار الجمعية من على المقر نفس ما شاهدنا ما حصل لجمعية الوفاق ، محكمتكم ستنظر في قضية الحل المفتعلة هذه في 20 مارس الجاري ، يعني بالكثير 20 إبريل القادم سنرى محو "وعد" كما محيت الوفاق وغيرها.

    • زائر 5 زائر 2 | 11:26 م

      الجواب معروف مسبقا حلها واغلاقها اه ياوطن

    • زائر 1 | 10:01 م

      هي رسالة إندار وقد تعرضت الوفاق من قبل وتمت المحاكمة ثم الإغلاق وقبلها أمل والآن وعد فإن دل على شيء فيدل على مواقف وعد المشرفة مساندتها للمطالب المحقة فشكرا لوعد .

اقرأ ايضاً