العدد 5382 - الخميس 01 يونيو 2017م الموافق 06 رمضان 1438هـ

تغلب على معظم الأمراض والأوجاع بالصيام

جميلة القصير

أخصائية طب بديل

لقد ظللنا نتناول كثيراً من الطعام نفسه سنين، ليست لها القدرة عَلى الوقاية بل الحيلولة دون الإصابة بالكثير من الأمراض. فنصيحتنا هنا... كيفية الاستفادة من شيء نحب أن نفعله جميعاً وهو «تناول الطعام» وتجنب الشيء الذي نرهبه جميعاً وهو «المرض». ليست الفيتامينات والمعادن والألياف فقط هي التي تضفي على الطعام صفة أنه علاجي وشافٍ، حيث كثير من الأطعمة تحتوي أيضاً على مواد مجهرية شافية تعرف باسم المغذيات النباتية (phytonutrients)، ويعتقد أن هذه المواد فعالة للغاية لدرجة أن بعض العلماء يسمونها «فيتامينات المستقبل».

الطعام الذي نتناوله اليوم في بلادنا هو أكبر العوامل المتسببة في حدوث أمراض القلب التي هي على قمة أسباب الوفاة في بلادنا مع السرطان.

العلاج بخلاصة الطعام (لتغطي النقص) يحقق القدرة على التخلص من المرض.

لا صحة مع النهم... فمن كثر أكله قلت صحته وثقلت عَلى نفسه مؤونته...

إياك وشراهة في الأكل أو استهلاك كميات هائلة من الطعام في فترة قصيرة، حيث يؤدي إلى اختلال فيزيولوجي «وظائف الجسم» وهذا الاختلال يؤدي إلى إنتاج الأنسولين بشكل دائم، والأنسولين هو الذي يعطي إحساساً بجوع دائم ومستمر.

كما قال الإمام علي (ع): «لا تميتوا القلب بكثرة الطعام والشراب، فإن القلب يموت كالزرع إذا كثر عليه الماء».

وميراث الصوم قلة الأكل وبقلة الأكل يورث الهدوء والهدوء يورث السكينة والحكمة. ونفهم من الأبحاث أن عملية الجوع نفسها من موجبات انفتاح البعد الفكري، والثقافي، والتوعوي عند الإنسان، كما بالتخفيف تتنفس الخلايا والأنسجة والأعضاء تتخلص من السموم وتجدد وتبدأ من جديد من دون معاناة. فبهذه الفترة تحصل على النتائج المطلوبة بهذا الشهر المبارك. كيف تحصل تلك النتائج بشراهة الطعام، بل يحصل انتكاس الروحية. فقط بالتقليل من الغذاء تحافظ على الباقي الروحي المعنوي والفيوضات الإلهية.

كما قال الإمام جعفر الصادق (ع): «فإن روح المؤمن لأشد اتصالاً بروح الله من اتصال شعاع الشمس بها».

وكما صام موسى (ع) ثلاثين يوماً وأوحي إليه صم عشراً أخر ولا تستك عند الإفطار ففعل ذلك وكان وعد الله أن يعطيه الكتاب بعد أربعين ليلة فأعطاه إياه.

اعمل بالسياج تحمي به نفسك بالطاقة والمحافظة بالاستثمار في الليالي بالعبادة والأعمال المنتظمة اليومية.

والماء أيضاً له ولاية كلية على الأبدان، حتى الماء له درجات. لابد أن يكون الماء بكمية معينة وموزعة على أوقات الفطر. فإذا كثر أو استعمل بوقت غير مناسب مع مواد غذائية فيعطي العكس بل مردوداً سيئاً.

فقلة الطعام تجلب الصحة وتطول عمر الخلايا، ومن اقتصر في أكله كثرت صحته وصلحت فكرته، فقلة الغذاء أكرم للنفس وأدوم للصحة بل تمنع كثيراً من اعتلال الجسد... فالجوع أنفع الدواء.

وقد أفادت دراسات أميركية جديدة، بأن تقليص عدد السعرات الحرارية إلى الثلث يقي الخلايا العصبية من العطب الناتج عن قلة تدفق الدم في أنحاء الجسم وتركزه في المعدة.

وتوصل الباحثون في جامعة «واشنطن» عملوا على عينة من الخلايا العصبية مأخوذة من عيون الفئران المخبرية، إلى نتيجة ان خفض الطعام بنسبة تتراوح بين 30 و40 في المئة عن المعتاد، أدى إلى خفض الضرر الحاصل في عَصب الفئران بنسبة تتراوح بين 30 و50 في المئة.

فتناول سعرات حرارية أقل قد يؤدي إلى حياة أطول وأكثر صحة ونشاط بسبب نشاط الخلايا.

الإمام علي (ع) قال: «من قل طعامه قلت آلامه». فمن الناحية الجسدية فإن قلة الطعام تعطي النشاط والقوة والحيوية وهذا ما نجده في الفقراء من دون الأغنياء. إن قلة الطعام والشراب أنفع للصحة الجسدية والعقلية والروحية. فهي تصفي النفس والروح فيزداد الإشراق.

وقال داوود (ع): «ترك اللقمة مع الضرورة إليها أحب إلي من قيام عشرين ليلة».

وروي عن عيسى (ع): «أوصى الحواريين بالجوع وقال لهم كونوا كالحية، لأن الحية إذا أحست من نفسها الوهن جوعت نفسها 40 يوماً ثم دخلت جحراً ضيقاً ورجعت شابة أربعين سنة، فيقول لكم روح الله: جوعوا أنفسكم في الدنيا اليسيرة لبقاء المدة الطويلة بالعافية».

بهذا يثبت لنا أن كثرة الغذاء غير الصحي مسبب رئيسي لشيخوخة الجينات و25 في المئة لخلايا البشرة. أما لرونق البشرة عليك بغسل السموم والصيام كما قيل «البطنة تمنع الفطنة».

يأتي الصيام بنتائج إيجابية وفعالة، وأكد بالأبحاث أن الصوم لمدة أسبوعين يكفي لتجديد أنسجة الإنسان في سن الأربعين، بحيث تبدو مماثلة لأنسجة شاب في العشرين، على أن يتطلب ذلك معاودته الصوم على فترات وإضافة بعض المعادن والفيتامينات بحسب الحاجة، وفعاله كعلاج في مواجهة الأمراض الحادة التي تشمل أمراض الجهاز الهضمي وعلاج التهابات المفاصل الحادة وخاصة الروماتيزم.

إصابة الجسم بالسموم

تماماً كمحرك السيارة، يتلوث نظام الجسم بعد رحلة شيقة من الموائد الشهية. فيكدس البقايا التي تزعج عمله وينتج عنها الإرهاق مع مرور الوقت ويصبح لون البشرة باهتاً (بل يخلق بهق وتلف البشرة ويزداد تجاعيد) حتى الوصول إلى ضعف في المناعة.

فعادة يتخلص الجسم من السموم الداخلية والخارجية بمفرده لكن تكدسها بكمية كبيرة تمنعه من مواجهتها من تلقاء نفسه.

ويهدف العلاج بـ «الديتوكس» إلى تطهير الجسم بامتياز، وبذلك يمنحه طاقة جديدة لا غنى عنها لبداية سليمة مهما كان نمط الحياة الذي تتبعه، فلا تقم بتبني علاج الديتوكس من فترة إلى أخرى ما أن تشعر أن جسمك بحاجة إليه، وخصوصاً عندما تشعر بالإرهاق وتنقسم الطاقة لمواجهة الحياة اليومية، فتبحث عن توازن داخلي سليم.

عندما تواجهنا الصعوبات في كثير من الأحيان نكون اندفاعيين ونتفاعل بعجالة، عندما ﻻ نفهم المواقف جيداً مما يؤدي إلى اجهاد الأعضاء بل حتى الأنسجة والخلايا، فالسلام الداخلي يولد القوة والتي بدورها تجلب الصبر والهدوء الذهني.

وما يهمنا هو فائدة الصيام من الجانب الصحي فهناك قول منقول عن النبي محمد (ص) «صوموا تَصِحوا».

أما الالتهام الذاتي للخلية «Autophagy»، فهو يتحفز عن طريق الجوع «عن الغذاء والماء» ولمدة لا تقل عن 8 ساعات، وذلك بشرط أن يكون الجسم في حالة نشاط، وعند التحفيز يقوم الجسم بتجديد الخلايا المريضة «سرطانية أو غيرها» لكي تقوم الخلية بتحليل ذاتي لنفسها فيتم التخلص من تلك الخلايا المريضة وفي الوقت نفسه توفير الغذاء للخلايا السليمة في الجسم. ولتحقيق اقصى فعل من هذه العملية يجب أن تكون متكررة «تراكمية» أي بمعنى أدق مستمرة لفترة من الزمن وأيضاً ألا يتخللها عملية إعادة بناء أو تدعيم للخلايا المريضة عن طريق الإفراط في الطعام الذي يحتوي على الدهون والسكريات.

الصيام ثبت علمياً أنه علاج للمرضى ووقاية للأصحاء. وهنا مفهوم للصوم هو الامتناع عن الطعام والشراب امتناعاً باتاً خلال فترة معينة، وقد حضت جميع الأديان على الصوم وفرضته وإن اختلفت في كيفيته. وهذا يعد أحد وسائل التخلص من السموم، ويعتبر الغسيل المعوي والقولوني جزءاً حيوياً وجوهرياً في شهر الصيام. وبهذا تنخفض الدهون والكولسترول وحمض اليوريك في الدم عند السحور بتناول عصائر الخضراوات مع الفواكه، على أن تكون غضة وطازجة وغير مثلجة ويتم تحليتها بالعسل او الزبيب المنقوع من دون استخدام السكر العادي في التحلية.

يتلاشى بالصيام مصدر مهم من مصادر السموم داخل الجسم، ناتج تحلل الأغذية في الجهاز الهضمي، فالقناة الهضمية تنظف تماماً من جراثيمها خلال أسبوع واحد من الصوم، كما تستمر عملية التنظيف لإخراج السموم والفضلات المتراكمة في الأنسجة عبر اللعاب والعصارة المادية والعصارة الصفراوية وعصارة البنكرياس والأمعاء والعرق والمخاط.

ونتيجة لهاتين العمليتين تعود وظائف الجسم بعد فترة الراحة بشكل أنشط ومتجددة، ويصبح الدم أنقى وأصفى وأغنى بكريات الدم الأكثر شباباً وحيوية، وهذا التجدد يبدو على بشرة الوجه فتختفي التجعدات الجلدية ويقل الارتخاء تحت الجفن والبقع الجلدية والحبوب والبثور ويصبح الجلد أكثر صفاءً وبريقاً والصائم يبدو أكثر حيوية وشباباً.

كما ثبت ان تخلص الجسم من السموم بالصيام، يتخلص أيضاً من أكزيما ويفيد في حمايته من الأمراض المُحتملة وزيادة طاقته، ويؤمن مؤيدو هذا الأسلوب من أساليب الطب الشمولي البديل بأن العلاج بالصيام استطاع المساعدة في علاج عديد من العلل الشائعة الحادة منها والمزمنة، التي ثبت شفاؤها عن طريق الصيام وبرنامج التطهير والتنقية للجسم من السموم.

وختاماً، أعلم أن من عمل بما وصفت دبر جسده وسلم بإذن الله تعالى وصح جسمه بحول الله وقوته فلا يجب أن يضعف او يلتفت لقول من يقول ممن لا يعلم ولا ارتاض بالعلوم ولا يعرف ما يأتي وما يذر؛ طالما اكلت كذا وكذا فلم يضرني وفعلت كذا وكذا ولم أرَ مكروهاً. ولو أصيب اللص أول ما يسرق فعوقب لم يعد، فكانت عقوبته أسهل ولكنه يرزق الإمهال والعافية فيعاود ثم يعاود حتى يؤخذ على أعظم السرقات فيقطع ويعظم التنكيل به بما أورده عاقبة طبعه.

إقرأ أيضا لـ "جميلة القصير"

العدد 5382 - الخميس 01 يونيو 2017م الموافق 06 رمضان 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً