العدد 572 - الثلثاء 30 مارس 2004م الموافق 08 صفر 1425هـ

استقالات «الوفاق» لها أكثر من رسالة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

لست من الفرحين باستقالة كل من الأخوين العزيزين الشيخ عبدالنبي الدرازي والدكتور نزار البحارنة من إدارة جمعية الوفاق، فقد كان الأمل في إمكان إصلاح الأوضاع من الداخل وعدم ترك الأمور تعصف بها العواصف. فلدي تجربتي المرة في هذا المجال العام 2001 عندما كنت مع إخوة لي في النضال نناقش مصير «حركة أحرار البحرين» التي كانت صاحبة دور كبير في قيادة حركة الشارع طوال تسعينات القرن الماضي.

في العام 2001 لم نتفق على الاستراتيجية بعد الانفتاح السياسي، وفضّل عدد من الذين كان لهم الدور الرئيسي (سواء كانوا من المعلنة اسماؤهم أم من غير المعلنة خلال تسعينات القرن الماضي) الانسحاب بصمت حفاظا على الأخلاقيات التي وجهتنا إلى ألا نعطي صورة غير حسنة بعد فترة غير قصيرة من النضال السياسي الذي حاز تقدير كل المراقبين المستقلين، وساهم في دفع عجلة الإصلاح. غير أن خروجنا بصمت أدى الى أن يتسلم الحركة أحد الإخوة ويصدر مقالات تعبر عن وجهة نظره الشخصية. وبدلا من أن تَحْمِل البيانات الجديدة اسم الشخص (الذي يكتبها) حملت اسم الحركة التي كانت تتناقل بياناتها كل وكالات الأنباء الدولية والمنظمات الكبرى الحقوقية والبرلمانية والسياسية لصدقيتها... أصبحت الآن لا يؤخذ بها ولا يعتمد عليها في شيء لأنها خرجت عن إطار المعقول.

بعد الانفتاح تسلمت «الوفاق» قيادة الشارع الذي كانت تقوده «الأحرار» في تسعينات القرن الماضي، وكان الأمل أن تأتي «الوفاق» بدماء جديدة تقود مرحلة جديدة. ولكن ما حدث هو سيطرة فئة صغيرة على قرار «الوفاق» جرّت الساحة الى ما يشبه التصادم (وربما يحدث التصادم في اي وقت) وهو ما لا يعرف أحد نتائجه، كما لا توجد أية استراتيجية حكيمة تتحدث عن خيارات تطرح أمام «جمهور الانتفاضة».

كان أملنا أن الجناح المعتدل الذي يحتوي على أسماء معروفة وخبرات مشهود لها سيوازن الأمور ويطرح الخيار الآخر، ولكن النتيجة أصبحت مشابهة للنتيجة التي وصلت اليها «الأحرار» في العام 2001 وهي الانسحاب وترك الأمور للغير للتصرف كيفما يشاء، وباسم الجميع.

أعلم أن في إدارة «الوفاق» من لديهم أفكار معتدلة ويودون طرحها فيما لو سنحت لهم الفرصة، ولكن ما يحيط بهم من أجواء وكذلك الحماس غير المدروس الذي بثه البعض في «جمهور الانتفاضة» أصبحا الآن يسجنان أي رأي آخر، ولا يتركان أمامه أي خيار سوى الانصياع إلى ما هو موجود ساكتا أو الانسحاب ساكتا.

غير أن السكوت اذا كانت آثاره محدودة فلا بأس به، أما ونحن مقبلون على مشادة حقيقية (وربما مصادمة) بين السلطة والمعارضة نظرا الى جمود الطرح وغلق الباب أمام الخيارات والآراء الأخرى فإن السكوت اليوم سيعني الندم كثيرا غدا. فهذا هو «جمهور الانتفاضة» الذي دخل السجون بالآلاف وعاش في المنافي بالآلاف وعانى الكثير أصبح الآن يُجَرُّ الى مواجهة مع السلطة بعد أن منعت الأفكار المتنوعة، وتم استخدام أساليب تسقيطية لإقصاء أي رأي لا يتوافق مع أجندة «متشددة» و«مستعجلة» و«غير مدروسة». فلا توجد اليوم قوة عاقلة لا تطرح إلا خيارا واحدا أمامها، وحتى الأميركان - وهو يمثلون القوة العظمى اليوم وقراراتهم حاسمة - عندما يشرعون في شيء ما تكون لديهم الخطة (أ) والخطة (ب)، وتكون لديهم طريقة الخروج من الخطة (أ) وطريقة الخروج من الخطة (ب).

قلوبنا جرحت كثيرا منذ العام 2001، وزادت الآلام مع التطورات الاخيرة في الساحة، والحديث بحد ذاته ذو شجون وجروح عميقة ... فهل نسكت أكثر في انتظار «الانتحار الجماعي»؟

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 572 - الثلثاء 30 مارس 2004م الموافق 08 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً