العدد 589 - الجمعة 16 أبريل 2004م الموافق 25 صفر 1425هـ

الفجوة التعليمية.... فجوة في الإبداع أيضا

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

مؤتمرات وندوات مهمة جدا عقدت الأسبوع الماضي. في فندق الخليج كان هناك مؤتمر عن التعليم وإلى جانبه عقدت ورشة عمل بقيادة المفكر الإداري الأميركي طوم بيترز، تحدث فيها عن العصر الذي نعيش فيه ووصفه بـ «عصر الإبداع الذي سيتسلم قيادته المبدعون فقط، وأن أي بلد ليس فيه مبدعون فليس له مستقبل، في عالم يزداد تعقيدا».

على الجانب الآخر، كان التربويون يجتمعون للحديث عن تطوير مسارات التعليم الثانوي، وإذا كان الإبداع هو أساس القوة لكل بلد، فإن ذلك يعني أولا وقبل كل شيء أن التعليم ومستوى التعليم وطرق التعليم يجب أن تكون عوامل تؤدي الى المساواة بين الناس.

التعليم يجب أن يكون للجميع، كما أن الصحة يجب أن تكون للجميع، فالصحة والتعليم هما مثل الجسم السليم والعقل السليم، والعقل السليم لا يستطيع العيش من دون جسم سليم. المشكلة أن التعليم أصبح طبقيا، وأن هذه الطبقية تزداد بدلا من أن تقل. حاليا، فإن 27 في المئة من الطلاب يدرسون في مدارس خاصة. وعلى رغم أن التعليم الخاص باهظ جدا - بينما التعليم الحكومي مجانا - فإن البعض يشير إلى نتائج مختلفة بين الطلاب الذين يتخرجون من الحكومي ومن الخاص، وأمثلة ذلك ما يأتي:

طالب يتخرج من التعليم الخاص بشهادة مماثلة للثانوية، ولكن قدراته ومهاراته تفوق ما لدى شخص آخر يتخرج من جامعة البحرين ومن معهد البحرين للتدريب، وليس فقط من الثانوية العامة. فالشاب المتخرج من الثانوية الخاصة يستطيع أن يعبّر عن نفسه بصورة أفضل، ويستطيع أن يكتب رسالة باللغة الإنجليزية (وحتى بالعربية) بصورة أفضل من خريج الجامعة، ويستطيع أن يعمل مع الآخرين بأريحية لأن التعليم الخاص يركز على حلِّ المشكلات من خلال العمل كفريق واحد... ولذا فان خريج المدرسة الخاصة له مستقبل أفضل بكثير من خريج المدرسة الحكومية، وفي بعض الأحيان لديه فرص أفضل حتى من خريج الجامعة.

خريج التعليم الخاص أكثر ثقة بنفسه من خريج التعليم الحكومي، والمبدع يجب أن يكون واثقا من نفسه لكي يقدم فكرته إلى الآخرين... وهذا يعني أننا نخلق فجوة ونساعد على اتساعها مع الأيام بين الذين يملكون (ويستطيعون إلحاق أبنائهم بالتعليم الخاص) وبين الذين لا يملكون (ويضطرون إلى إلحاق أبنائهم بالتعليم الحكومي).

أعتقد أن الإصلاح الذي يُشرف عليه وزير التربية والتعليم يجب أن يكون واحدا من أهم أولويات الحكومة لكي نصعد بالمدارس الحكومية إلى أعلى المستويات. ففي فرنسا، مثلا، تمتاز المدارس الحكومية بمستوى عالٍ جدا بحيث لا يحتاج المرء إلى التفكير في المدارس الخاصة (إلا إذا كان الخروج من التعليم الحكومي لأسباب دينية بعدما حدث أخيرا من منع الرموز الدينية). وما نحتاج إليه هو سياسة مماثلة للسياسة التعليمية الفرنسية (عموما) بحيث لا يضطر أحد إلى الالتحاق بالتعليم الخاص من أجل ضمان مستقبل أبنائه. نريد خريجا ثانويا يستطيع مراسلة رؤساء دول وليس فقط مديري شركات، ونريد خريجا ثانويا واثقا من نفسه مملوءا بالأمل ويعرف ماذا يريد أن يحصل من هذه الدنيا وماذا سيقدم إلى مجتمعه.

فَشَلُنا في هذا الجانب يعني تعزيز الطبقية، ويعني خسارة طاقات أجيالنا الإبداعية التي من دونها لن نستطيع اللحاق بركب العالم المتطور. فَشَلُنا في التعليم الثانوي الحكومي يعني زيادة البطالة وازدياد المشكلات السياسية بسبب ذلك... ولذلك، فإنه ليس لدينا وقت للفشل وعلينا البدء بالاصلاح من خلال تطوير التعليم الثانوي وربطه بسوق العمل ومتطلبات عصر الابداع والاعتماد على الذات

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 589 - الجمعة 16 أبريل 2004م الموافق 25 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً