العدد 595 - الخميس 22 أبريل 2004م الموافق 02 ربيع الاول 1425هـ

هل القراءة... عملية العمر؟

جاسم محسن المحاري comments [at] alwasatnews.com

قال عز من قائل في محكم كتابه العزيز في سورة العلق: «اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم» (العلق: 1-5) كما هو وجلي واضح أن السورة المباركة تكررت فيها لفظة «اقرأ» أكثر من مرة، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن القراءة - في جانبها التربوي والتعليمي مثالا لا حصرا - تمثل الأساس الذي تبنى عليه كل عملية تعليمية - تعلمية ناجعة الجوهر طموحة الهدف.

وهذا ما يجدد مآسي وأحزان زملائنا الأعزاء، فالضعف في القراءة يترجم إخفاقا، بل وفشلا «ذريعا» في غير جانب تعليمي أو دراسي آخر، على اعتبار أنها (القراءة) تمثل الخطوة الأساس التي يتمحور حولها تعليم الآخر، بل القاعدة التي تبنى عليها سائر أفرع النشاط اللغوي والثقافي والاجتماعي بجنسيه. وإذا ما أردنا وضع تعريف لها، فإنها العملية التي يراد بها إيجاد الرابط بين لغة الكلام والرموز الكتابية التي تتألف منها المعاني والألفاظ، والتي تؤدى - المعاني - بعناصر القراءة ممثلة في: المعنى الذهني، اللفظي، والرموز الكتابية. فالقراءة والفهم Reading & Comprehension، يفترض أن تكون عملية مثمرة تشغل وظيفة مهمة في مختلف شئون الحياة على مستوى الفرد والمجموع، كما تود لها التربية ذلك. فهي عملية دائمة يمكن مزاولتها في محيط أسوار المنشأة التعليمية «المدرسة أو غيرها» أو خارجها، على اعتبار أنها صاحبة الريادة و«عملية العمر» - كما يطلقون عليها - من حيث تفوقها على شامل الوسائل الثقافية (التلفزيون، الحاسوب، الإنترنت، والسينما، و... إلخ) في وقتنا الحاضر؛ لما تتسم به من سلاسة وسرعة ومرونة من دون أن تتقيد بظرف مكاني أو زماني محدد. كما لا نبالغ إذا قلنا، إن القراءة وسيلة النهوض بالمجتمع وترابطه مع بعضه بعضا عبر عدة وسائل متغايرة: كالصحف، المجلات، الرسائل، النشرات، المطويات، الكتب والمؤلفات وغيرها. فهي وسيلة اتصال بالغير حين تفصل المسافات بظروفها الزمانية والمكانية التي لولاها لبقي الإنسان «سجينا» في عزلة بيئية عقلية وجغرافية محشورة!

وكما هو معروف أن القراءة من حيث الشكل وطريقة الأداء تتنوع إلى صامتة وجهرية، فإذا أراد الفرد القارئ اتقان النطق وإجادة الأداء وتمثيل المعنى وكشف الأخطاء وتذوق المكتوب الأدبي أو غيره بانسجامه الصوتي وموسيقاه اللفظية؛ كانت لصالح القراءة الجهرية. أما إذا أراد الفهم وزيادة التحصيل وجلب الاستمتاع والتعويد على الاطلاع والتزود بالثقافات والمآثر؛ فترجح كفة القراءة الصامتة حينها. كما لا ننسى أن القراءة الصامتة تحظى بنسبة لا تقل عن 90 في المئة من حيث التناول في مختلف مواقف الحياة الاجتماعية! والسؤال الذي يطرح نفسه ما دمنا في بوتقة القراءة: هل الشعب العربي (من المحيط إلى الخليج أو العكس!) شعب قراء (بتشديد الراء)؟ أم ما حاله؟ في واقع الأمر، اننا لسنا بصدد أن نضع رقما محددا للإجابة على هذا السؤال أو الإقرار بما يليه. فالشعب العربي - من دون الحكم على الكل الواسع - يمتاز بحماس القراءة للأفكار الغربية في آخر التسريحات وطلعات الموضة وما استجد عليهما من مستحدث من دون الالتفات إلى شيء اسمه قراءة أو شبيه به. وإذا ما أراد القارئ العزيز طرح المقارنة مع الغرب في ناحية القراءة، فالأولى به أن يطرحها مع جاره المدلل «إسرائيل»! ليرى المفارقة التي ليست لصالحه مطلقا!

اختصاصي تربية خاصة

العدد 595 - الخميس 22 أبريل 2004م الموافق 02 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً