العدد 631 - الجمعة 28 مايو 2004م الموافق 08 ربيع الثاني 1425هـ

فضل الله: لا تعقدوا قمة أخرى فلم يعد عندكم ما تقدمونه من تنازلات

تفويض غير معلن أعطته قمة تونس للرئيس الأميركي

السيد عبدالله الغريفي comments [at] alwasatnews.com

رأى السيدمحمد حسين فضل الله، أن ثمة جريمة جديدة ارتكبت في القمة العربية في تونس تمثلت في التفويض غير المعلن الذي أعطته للرئيس الأميركي ليواصل حربه على العراقيين، مشيرا إلى أن الجرائم الأميركية في العراق والإسرائيلية في فلسطين ستتفاقم في أعقاب القمة.

وأكد أن القادة العرب يعيشون حالا من الطفولية أمام هذا الكم من التحديات الذي يواجه حاضرهم ومستقبلهم، وناشدهم أن يتوقفوا عن عقد القمم والمؤتمرات لكي لا يقدموا المزيد من التنازلات إذ لم يعد لدى الأمة ما تقدمه.

جاء ذلك ردا على سؤال في ندوته الأسبوعية عن حال الأمة في أعقاب قمة تونس؛ إذ أجاب: «قد يكون من غير المجدي الحكم على القمم العربية من خلال البيانات الصادرة عنها، إذ إن هذه البيانات لا تساوي الحبر الذي تكتب به، ومع ذلك فهي حيية خجولة أمام الهجمة الأميركية الإسرائيلية المتصاعدة، ولا تملك أن توجه تحذيرا فيه شيء من الجد لآلة القتل الإسرائيلية في فلسطين ولآلة التدمير والقتل الأميركية في العراق، ولذلك جاء البيان الأخير لقمة تونس على شاكلة البيانات التي سبقته مع مزيد من السقوط باعتبار أن العنفوان العربي على مستوى القمة أصبح شيئا بعيد المنال ولأن فاقد الشيء لا يعطيه».

وأضاف فضل الله: «لقد دخل القادة العرب إلى قاعة القمة محكومين بالعنوان الأميركي للإصلاح الذي كان بمثابة الهراوة التي تلوح إلى من يقترب في الموقف العملي من القضايا الكبرى وتفاعلاتها في فلسطين والعراق بأن حكمه يمكن أن يتعرض للاهتزاز، وبالواقع الدموي الذي تحول إلى ما يشبه المذبحة في غزة وفي أكثر من مدينة من مدن العراق... وقرر هؤلاء القادة ومن يمثلهم، ألا يتجرأوا على بوش وشارون، حتى على مستوى الموقف، فكانت كلماتهم في البيان الختامي، وبخصوص الوضع في العراق وفلسطين، أقرب إلى الاستجداء منها إلى التلويح بأية خطوات يمكن أن يُحسب لها حساب بعدما أسقطت كل أمم الأرض - على ما يبدو - هذه القمم من حساباتها ومن بياناتها».

وتابع قائلا: «هكذا تحول (الإصلاح) إلى أنشودة لدى معظم هؤلاء تراعى فيها العقيدة والقيم والتقاليد الحضارية في دنيا العرب، بعدما أسقطوا هذه العقيدة وهذه التقاليد والقيم على مذبح طموحاتهم ورغباتهم، ليتحول الإصلاح إلى عنوان للمساومة يُقال من خلاله للأميركي: إفعل ما شئت في العراق وأعطِ شارون ما يريده في فلسطين في مقابل أن نستمر على عروشنا لسنوات، ثم ننتظر كيف يكون المشهد في أعقاب الانتخابات الأميركية».

وأضاف: «أن ثمة جريمة ارتكبت في القمة العربية في تونس تمثلت في التفويض غير المعلن الذي أعطي للرئيس الأميركي لكي يواصل حربه على العراقيين ومن خلالهم على الأمة كلها إذ استنجدت القمة بمجلس الأمن لكي يتخذ «الإجراءات اللازمة لإنهاء الاحتلال»، وهو المجلس الذي تحول بفعل الضغط الأميركي إلى مجلس للأمن القومي الأميركي، لتقول القمة في بيانها إنه لا حول لها ولا قوة، ولتفتح ذراعيها لكل الطامحين الدوليين ليجدوا لهم مكانا إلى جانب الأميركي والإسرائيلي في المنطقة. ولقد كان من الصعوبة بمكان أن يتحدث هؤلاء عن أن العمليات الاستشهادية في فلسطين هي سلاح المضطر وهي رد فعل على الاحتلال، ولذلك قرروا أن يساووا بين الضحية والمجرم للإيحاء للفلسطينيين بأن ثمة سلاحا جديدا لابد أن يُنزع منهم إلى جانب المساعدات التي انتزعت قبل ذلك حتى لا يقال إن القادة العرب يدعمون الإرهاب، ولأن الامتثال إلى النصيحة الأميركية هو الأضمن».

وأردف: «لذلك نحن نعتقد أن الجرائم الإسرائيلية في فلسطين والجرائم التي يرتكبها الاحتلال الأميركي في العراق ستتفاقم في أعقاب هذه القمة، وأن وتيرة الحملات المتصاعدة ضد الفلسطينيين ستتصاعد بهدف إتعابهم بعدما فشلت كل محاولات إخضاعهم السابقة، لأن القمة أوحت بأنه من الممكن التحلل من القضية الفلسطينية لا على مستوى الالتزامات العربية السابقة فحسب، بل على مستوى المجازر اليومية المتصاعدة ضد الفلسطينيين ليُفسح في المجال أكثر لشارون ليدمر غزة أو أطرافها قبيل التعديلات التي ينوي إدخالها على ما أسماه سابقا: خطة الانفصال».

وخلص إلى القول: «إن مسألة بحجم القضية الفلسطينية لم تعد تحتمل صدور كلمات الإدانة أو طرق أبواب الأمم المتحدة الموصدة أميركيا، ولقد كان في وسع العرب أن يضغطوا ماديا ومن خلال بعض الأوراق التي مازالت بأيديهم في علاقاتهم الاقتصادية والسياسية مع أكثر من محور دولي ولكنهم قرروا ألا يتعبوا أعداءهم حتى على مستوى التلويح بالقيام بحركة إعلامية سياسية من خلال الجاليات العربية المقيمة في الغرب».

وختم إجابته قائلا: «إن المسألة هي أن العرب على مستوى القمة ليست لديهم أية اهتمامات جدية لدعم الحق العربي والفلسطيني بالذات، فقد قرر بعضهم ألا يحضر لكي لا يتحمل أية أعباء أمام شعبه وأمته، وأما البعض الآخر فقد أبدى انزعاجا وضيقا من الآخرين حتى في داخل القمة ليوحي بأن هؤلاء لا يعيشون معنى احترام الرأي الآخر حتى في اجتماعاتهم الكبيرة، وانطلق فريق ثالث بطريقة بهلوانية استعراضية ليكون آخر من يحضر وأول من ينسحب... ليشير ذلك كله إلى أن العرب يعيشون حالا طفولية أمام هذا الكم من التحديات الذي يواجه حاضرهم ومستقبلهم... قد يقال: إن المشكلة لا تكمن في الجامعة العربية كمؤسسة بل كأعضاء يحركون هذه المؤسسة، وإن هؤلاء ليسوا في مستوى التحدي، ولكن المسألة هي أن تنطلق صرخة في طول هذا العالم وعرضه لتقول لهؤلاء انسحبوا من الساحة وتوقفوا عن عقد القمم والمؤتمرات لأن هذه القمم أسقطت كل العلامات وسحقت كل الالتزامات حتى لم يبق بأيدينا ما يمكن أن نقدمه من تنازلات، وصدق الشاعر عندما يخاطب هؤلاء وأمثالهم:

أيها المخلصون للقضية أيها الحاملون عبء القضية

في يدينا بقية من بلاد... فاستريحوا كي لا تطير البقية

إقرأ أيضا لـ "السيد عبدالله الغريفي"

العدد 631 - الجمعة 28 مايو 2004م الموافق 08 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً