العدد 713 - الأربعاء 18 أغسطس 2004م الموافق 02 رجب 1425هـ

مخاوف من فشل وفد المؤتمر الوطني في مهمته الصعبة في النجف

إبلاغ رسالة وليست مهمة تفاوض

عصام فاهم العامري comments [at] alwasatnews.com

.

تحلق العراقيون طوال ساعات النهار والليل أمس حول شاشات التلفزة، وما ان تنقطع الكهرباء حتى يمسك العراقيون بأجهزة الترانسترز لمتابعة الأخبار فيما يتعلق بمهمة وفد المؤتمر الوطني العراقي إلى النجف بانتظار معرفة النتائج وهم يتطلعون ويأملون بنهاية سريعة للمأساة، أو وقعت الكارثة إذا ما فشلت مهمة المتفاوضين.

ويذكر أن وفد المؤتمر الوطني العراقي برئاسة حسين الصدر توجه إلى مدينة النجف من أجل التفاوض مع الزعيم الشاب مقتدى الصدر لحل الأزمة التي تشهدها المدينة. وضم الوفد 8 من الشخصيات السياسية والدينية البارزة وانتقل من بغداد على متن مروحية أميركية بعد أن تخلى الوفد عن فكرة السفر براً بعدما هدد مسلحون بمهاجمته على الطريق.

ويتخوف المراقبون ان يؤدي اخفاق الوفد في مهمته إلى حدوث مجزرة حقيقية في الصحن الحيدري، إذ يتحصن الصدر وبضعة آلاف من انصاره المسلحين.

وهدد نائب رئيس الوزراء العراقي برهم صالح في كلمة له في المؤتمر بأن رفض مقتدى الصدر لمبادرة وفد الوساطة يعني انه لن يعود أمام الحكومة إلا شن هجوم على «جيش المهدي». معرباً عن أمله في ألا يصل الامر الى هذا الحد. وقال «نأمل في ان يوافق وإلا فإن الحكومة ستضطر باسم الشعب وتطبيقاً لقرارات المؤتمر للتحرك إذ لا يمكن الإبقاء على ميليشيا لا تحترم القانون».

ويبدو ان الوفد المفاوض نفسه غير متيقن من نجاح مهمته على رغم حصوله على ضمانات من رئيس الحكومة إياد علاوي بإنجاح مهمة الوفد كما ان المقترحات التي يحملها حازت على موافقة الحكومة، فضلاً على ان مساعدي الصدر أشاروا إلى ترحيبه بفكرة إرسال الموفدين، لكن من دون وجود تأكيدات من انه سيجتمع بالوفد.

ومصدر التخوف من جانب الوفد بحسب ما ذكره أحد أعضاء الوفد لـ «الوسط» ينبع اساساً على رغم بوادر القبول من ناحية مقتدى الصدر على الأقل لمبدأ التفاوض بشأن مبادرة المؤتمر إلا ان واقع الحال أن الصدر اعتاد على إرسال رسائل متناقضة وبالتالي لابد من أخذ موافقته بحذر، ولاسيما أن أحد مساعديه قال إنه بالإمكان النقاش بشأن تحويل «جيش المهدي» إلى منظمة سياسية وكان هناك تصور من واقع تصريحات الصدر نفسه بأن هذه النقطة بالذات هي من «الخطوط الحمر» بالنسبة للتيار الصدري. والسؤال بالنسبة للكثير من أعضاء الوفد، هل من السهولة أن يقبل الصدر بما رفضه من قبل؟ كما أن الرسالة التي يذهب بها الوفد هي في حقيقتها لا تختلف كثيراً عما تقدم به علاوي حين أعلن منح الصدر ملاذاً آمناً مقابل خروجه من الحرم العلوي. كما ان المخاوف تنبع أيضاً من ان الصدر طلب أن يكون هناك وفد من الأمم المتحدة حاضراً المفاوضات. وهذا لم يتحقق.

وصرح رئيس الهيئة العليا للمؤتمر الوطني العراقي فؤاد معصوم بان الأمم المتحدة رفضت من خلال ممثلها في العراق أشرف قاضي التدخل في قضية الصدر أو إرسال أى ممثل عنها مع الوفد المفاوض الذي ذهب إلى النجف قبل ساعات. وقال معصوم إنه التقى بأشرف قاضي الذي ابلغه رسالة الأمم المتحدة ولكنه أضاف انها لن تتدخل إلا بطلب خاص من الحكومة العراقية. موضحاً ان المنظمة الدولية لن تشارك أيضاً في الانتخابات أو التصويت على اختيار أعضاء المجلس الوطنى إلا انها ستكون حاضرة في عملية الانتخاب لكنها لن تتدخل ابداً. وكان بعض الاعضاء طالب وبالحاح بتدخل الأمم المتحدة في قضية الصدر أو المشاركة مع الوفد المفاوض الأمر الذي أثار حفيظة الكثير من المشاركين في المؤتمر وقالوا اننا «لسنا قاصرين في حل مشكلاتنا».

وأعترف مدير مكتب الشهيد الصدر في بغداد علي الياسري الذي حضر جلسات المؤتمر الوطني العراقي على رغم رفض «التيار الصدري» المشاركة في أعمال المؤتمر «ان موقف الحكومة العراقية من مقتدى الصدر لم يتغير بالاتجاه الذي يمكن ان يحل المسألة بصورة سلمية»، معلناً ترحيب الصدر بالهدنة وبالمبادرة التي أعلنها أعضاء المؤتمر الوطني، وقال: «اننا نريد الحل المناسب من أعلى جهة وهي الأمم المتحدة وصولاً إلى أصغر مواطن».

أكثر من ذلك ان مهمة الوفد إلى النجف على ما يبدو وقبل ان تبدأ تعرضت للتحول، فهي لم تعد مهمة تفاوض بقدر ما هي إبلاغ رسالة، أو كما أعلن رئيس الوفد عميد أسرة الصدر وأحد أبناء عمومه السيدحسين الصدر «انه لا يذهب إلى النجف للتفاوض وانما ايصال نداء ممثلي الشعب العراقي المجتمعين في المؤتمر الذين يبلغ عددهم 1300 عضو إلى مقتدى الصدر بالعمل على نزع فتيلة الأزمة».

كما ان التطورات الميدانية على الأرض ربما تصبح أسرع من وقائع في اجهاض مهمة الوفد، إذ جاء وصول الوفد إلى النجف مع اشتباكات اندلعت بين القوات الأميركية وميليشيا الصدر في مدينة النجف إذ تم طرد مقاتلي الصدر من 5 أحياء في المدينة القديمة المحيطة بمقام الإمام علي. وقالت الحكومة: «إن أفراد جيش المهدي المتحصنين حول مرقد الإمام علي اشتبكوا مع قوات أميركية تساندها الدبابات».

وذكرت التقارير انه بينما كان الوفد ينتظر في المعسكر لركوب سيارات مدنية إلى مرقد الإمام علي أطلقت القوات الأميركية نحو 20 قذيفة مدفعية على مواقع جيش المهدي في المدينة.

كما لوحت الشرطة العراقية في المدينة باقتحام ضريح الإمام علي في حال رفضت ميليشيا جيش المهدي الانسحاب منه. وقال المسئول في الشرطة العراقية العميد غالب الجزائري «حتى وان كانت هناك مفاوضات، على عناصر الميليشيا إلقاء أسلحتهم ومغادرة المحافظة كلها وليس الصحن الحيدري فحسب». وأضاف «سنقتحم الصحن الحيدري ونقتل كل واحد منهم إذا لم يلقوا أسلحتهم ويغادروا المحافظة».

وأشارت التقارير إلى ان مدير الشرطة في النجف العميد الجزائري يحمل ثأراً شخصياً على ميليشيات جيش المهدي بسبب ما تردد من أن مسلحين في النجف اختطفوا والده (80 عامًا)، واقتادوه إلى جهة مجهولة بعد ان اختطفوه من أحد شوارع المدينة عندما كان فيها مع عدد من أبنائه الذين أشبعهم الخاطفون ضرباً. وتبحث الشرطة العراقية الآن عنه لتحريره من قبضة الخاطفين.

وبالنسبة للمتشائمين، فإن الأجواء والشروط والظروف التي أحاطت بمهمة الوفد قد تجعل مهمته ان لم تكن مستحيلة فصعبة الوصول إلى نتيجة إيجابية.

اما بالنسبة للمتفائلين، فيقدرون ان الوفد سيصل في نهاية المشوار إلى نزع فتيل الأزمة. فالصدر على رغم لغته العنيفة يرغب في الوصول لحل سلمي وإلى هدنة توقف القتال وتفك الحصار. كما أن علاوي وأقطاب حكومته في حاجة أيضاً لإنهاء القتال في النجف الذي لا يثير غضب العراقيين الشيعة فحسب، بل والمسلمين عموماً غير أنه قد يضطر للرضوخ للإلحاح الأميركي بضرورة الحسم العسكري لمعركة النجف، واستنتاجاً تبقى كل السيناريوهات قائمة

العدد 713 - الأربعاء 18 أغسطس 2004م الموافق 02 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً