العدد 716 - السبت 21 أغسطس 2004م الموافق 05 رجب 1425هـ

كيف تندس مؤثرات الغرب فتؤثر فينا؟

منى غزال comments [at] alwasatnews.com

الفرد في الفكر الليبرالي هو الإنسان رجلاً كان أو امرأة، وقد تبلورت الليبرالية مع نشوء وتطور النظام الرأسمالي، وارتبطت دعوتها إلى الحفاظ على الحريات العامة والمدنية مثل حرية الفكر والتعبير والاجتماع والاعتقاد بالملكية الخاصة لوسائل الانتاج وبحق هذه الملكية في العمل بحرية من دون أية قيود، وبأسبقية الفرد في الوجود على المجتمع، إذ إن المجتمع هو ائتلاف من الأفراد الأحرار، والفرد بطبيعته كائن حر ومستقل، وهو عادة ما يؤثر نفسه على الآخرين وهو يسعى إلى نفعه الخاص، ويمارس حريته إلى أقصى مدى، شرط ألاّ يتعارض ذلك مع حرية الآخرين. وقد كان ظهور التعارض الذي ترتبت عليه مآس اجتماعية كثيرة هو السبب الرئيسي في تطور الليبرالية ثم انشغالها بموضوع العدالة الاجتماعية وتأسيسها لدولة الرفاه في أوروبا وأميركا، وهي الدولة التي مارست التدخل في تعارضٍ مع أسس الفكر الليبرالي الكلاسيكي، وكان تدخلها يتم لكي يمنع بعضاً من الاجحاف بحقوق بعض آخر.

إذاً فالليبرالية بالتعريف هي: ميتافيزيقياً، الفرد كائن حر ومستقل بالطبيعة، حساب الوسائل المؤدية إلى الغايات. أما أخلاقياً فله الحق في العيش بحرية سعياً وراء تحقيق غاياته الفردية مقابل الواجب المفروض عليه باحترام حق الآخرين في العيش بحرية مشابهة، سعياً وراء تحقيق غاياتهم الفردية. وأخيراً من الناحية السياسية يلتزم الفرد بالخضوع للسلطة السياسية ما دامت استمدت شرعيتها من الموافقة الحرة.

وعرفت الليبرالية طريقها إلى الفكر العربي الذي تطلع إلى تحرير العقل في سياق بحثه عن أسس التحرير والنهضة التي لا تتناقض مع العقائد.

كذلك ظهرت الحركة الليبرالية النسوية التي أدركت نقاط الضعف فيما يتعلق بالمرأة، ولو أن الليبرالية كانت واضحة تماماً في اعترافها بقضايا المرأة وحاجاتها متعارض بوضوح تام مع المنطلقات الليبرالية، ولو كان أي من هذين الأمرين متحققاً فعلاً، لما كان من الممكن قيام تيار فكري يسمى «النسوية الليبرالية» أو «الليبرالية النسوية».

وأنتجت الفلسفة الليبرالية بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وانهيار المعسكر الاشتراكي الليبرالية الجديدة التي وصفها علماء الاجتماع والاقتصاد التقدميون بـ «المتوحشة»، وهي تؤسس على عبادة السوق والفردية المتطرفة فحسب، وإنما تعتبر الإنسان لا المجتمع مسئولاً مسئولية كاملة عن كل ظروفه، وعن فقره إن كان فقيراً، وعن غناه إن كان غنياً، فالقضية هي الإرادة الإنسانية. وتلتقي هذه الليبرالية الجديدة مع نظرية «دارون» عن الانتخاب الطبيعي، وعلى الصعيد النسائي كانت محصلتها الأولية هي ظاهرة التأنيث الواسع النطاق للفقر والجوع والأمية، ونشأت في ظلها ما أسمته الباحثة خديجة صفوت «بالنسوقراط»، وهي نخبةٌ تستفيد من فرص قدّمتها لها الليبرالية الجديدة عبر المؤسسات الدولية مثل: البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والشركات العابرة للقوميات والأمم المتحدة، وأصبحت هذه النخبة من أشد المتحمسين لسياسات الليبرالية الجديدة بفرديتها المتطرفة وحريتها المقصورة على الذين يملكون، فهي تأخذ على عاتقها إعلاء أولويات النساء المختارات والمطالبات بالمزيد من الامتيازات للنساء، مكونات الزعامة فوق المنابر بعروض وأجندة، تجعل من المرأة طبقة غير معرفة، وتنصبها في حرب «جميع النساء ضد جميع الرجال».

وأخذت «النسوقراطية» تتألف تباعاً ومنذ منتصف السبعينات من أقليات لنساء ممتازات مكوننة ومعلومة امتيازاتهن، وتشارك الأقلية الممتازة مع الجماعات الممتازة في العالم فائض عمل الغالبية من المنتجات والمنتجين لكل من القطاع الأهلي والعاملين في أسواق العمل المكوننة والمعولمة، إذ تتبادل مسارات صعود النسوقراط إلى قيادة المرأة مع مسارات كل من السلطة والثروة ونمط وأسلوب الحياة والإنفاق والاستهلاك لأقلية من النساء والرجال

العدد 716 - السبت 21 أغسطس 2004م الموافق 05 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً