العدد 740 - الثلثاء 14 سبتمبر 2004م الموافق 29 رجب 1425هـ

لا لقانون الأحزاب السياسية

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

من المتوقع أن يناقش مجلس النواب مشروع قانون الجمعيات السياسية خلال دور الانعقاد الثالث الذي سيبدأ مطلع الشهر المقبل، وإلى أن يتم ذلك يبدو أن الجمعيات السياسية المختلفة قد بدأت حملة لمعارضة هذا القانون الذي يمسها أجمعين، ولكنها لم تلتفت إلى جانب مهم قبل أن تعارض التشريع الآتي.

والحديث مرة أخرى عن هذا القانون المهم للغاية يستدعي القول بأن المجتمع البحريني مازال حديث عهد بممارسة السياسة بشكل علني، وهو ليس بحاجة اليوم إلى قانون يتيح له الفرصة للانتقال إلى النظام الحزبي بقدر ما هو أحوج إلى تطوير التجربة عبر منح القوى السياسية وعموم الأفراد المزيد من الحقوق والمكتسبات، وزيادة هامش الحرية المتاح، بحيث يساهم هذا كله في خلق حال من الوعي السياسي العام لدى المواطنين ومختلف مؤسسات الدولة الرسمية والأهلية، وكذلك مؤسسات القطاع الخاص، بأهمية تنظيم العملية السياسية والأدوار الملقاة على عاتق الجمعيات السياسية.

فإذا كانت الجمعيات السياسية تتطلّع للتحول إلى أحزاب، فإنها مازالت بعيدة كل البعد عن هموم الشارع العام ومعضلاته، وطرق العمل الحزبي. فخلال السنوات الثلاث الماضية لم يستفد المواطن بشكل مباشر من الجمعيات، وإنما ساد اعتقاد مقابل ذلك بأن الجمعيات أصبحت مصدر إزعاج وتوتر داخل النظام جرّاء أساليبها المتعددة وما تثيره من قضايا حساسة مثل المسألة الدستورية التي لا تهم فئات من المواطنين فعلياً، وقضايا التجنيس بالطريقة العشوائية التي أثيرت بها. وفي المحصلة النهائية نجد أن أعداداً هائلة من المواطنين تابعوا وتفاعلوا مع أنشطة الجمعيات السياسية في طرحها للملفات الكبرى، ولكنهم خرجوا صفر اليدين، ما زاد من سوء حالهم سوءاً.

كما ان الجمعيات السياسية مازالت تعبّر عن البنى التقليدية التي ذكرناها في المرة السابقة، ولا تعبر عن مشروعات سياسية واضحة، كما هو الحال بالنسبة إلى الأحزاب الرئيسية عادة مع الإقرار بوجود أحزاب للأقليات في الأنظمة الغربية. وهذا الطرح ليس بجديد البتة، فمنذ منتصف القرن الماضي ذكر المناضل الوطني عبدالرحمن الباكر - طيّب الله ثراه - عندما عاد إلى البحرين من أسفاره الكثيرة بين بلدان شرق إفريقيا والشام، أنه شاهد في البلاد حالاً من الشوفينية سواء كانت ممثلة في الطائفية أو الإقليمية (المناطقية) بين الأفراد وداخل مؤسسات المجتمع الأهلي الناشئة آنذاك، مثل الأندية وبعض الجمعيات، والمؤسسات الأخرى. وأكد أن مثل هذه الانتماءات لا يمكن أن تخدم تجربة الوحدة الوطنية، وتساهم في دفع المطالب والتوجهات نحو الإصلاح السياسي.

كان ذلك في الخمسينات من القرن الماضي، وها نحن اليوم بعد 50 عاماً نسأل ذاتنا: هل تطورنا، وهل استفدنا من تجارب الماضي قبل أن نطالب بإنشاء أحزاب؟

طبعاً كلا. ولهذا السبب فإن المجتمع البحريني بحاجة إلى فترة من الزمن حتى تتطور بناه التقليدية، وتبدأ في التغير والذوبان، لتكون مؤسسات القوى السياسية معبرة عن أجندة واضحة ومشروعات سياسية طموحة، لا أن تعبر عن مصالح هذه الطائفة أو تلك المنطقة، حتى لا يحدث الصدام والصراع بآليات عنيفة.

خلاصة القول، ان قانون الأحزاب السياسية غير مناسب للمجتمع البحريني في الوقت الراهن، بسبب:

- قوة البنى التقليدية في المجتمع البحريني.

- تقاعس الحكومة عن تطوير البنى التقليدية.

- ضعف أداء القوى السياسية في تفاعلاتها داخل النظام.

- محدودية الوعي السياسي للمواطن البحريني بإشكالاته المتعددة.

- حداثة العمل السياسي العلني في المجتمع، وعدم تراكم الخبرات.

وعليه فإنه من الضرورة بمكان طرح قانون الجمعيات السياسية للمناقشة، والتعرف على آراء الجمعيات، والناشطين السياسيين على جميع بنوده قبل أن تصوّت عليه السلطة التشريعية. فقانون الجمعيات كما رفع للحكومة، ليس قانون تنظيم عمل الجمعيات السياسية أو تطويرها، وإنما هو قانون لتقييد عملها. الأمر الذي يشير إلى عدة سيناريوهات مستقبلية لعمل الجمعيات. وللحديث صلة..

العدد 740 - الثلثاء 14 سبتمبر 2004م الموافق 29 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً