العدد 743 - الجمعة 17 سبتمبر 2004م الموافق 02 شعبان 1425هـ

أميركا وحلفاؤها أصروا على الخطأ ونحذر العراقيين من لغة الفتنة والتعصب

فضل الله في خطبة الجمعة:

السيد عبدالله الغريفي comments [at] alwasatnews.com

تساءل آية الله السيدمحمد حسين فضل الله في خطبة الجمعة عما تواجهه المنطقة في الواقع الأميركي - الإسرائيلي، ففي فلسطين، يتابع العالم كل يوم إحصاءات القتلى والجرحى من المدنيين حتى الأطفال، وتدمير البيوت، واجتياح المخيمات، والاعتقال العشوائي للناس تحت اتهامات كاذبة، بما يمثّل خطة متحركة للإبادة والتشريد على الطريقة النازية.

هذا إلى جانب لعبة سياسية إعلامية في تضخيم خطة الانسحاب من غزة، والحديث عن الخطر الداخلي من خلالها في مقابل تجميد أية انسحابات من الضفة الغربية والقدس، بما يؤكد الانسحاب من خريطة الطريق... ومن الطريف أن البيت الأبيض يصرّح نيابة عن شارون، أنه لايزال ملتزماً بها! تقطيعاً للوقت، وضحكاً على ذقون المسئولين العرب الذين يلهثون وراء كلمة خادعة هنا وضغط سياسي هناك.

أما في العراق، فإن العالم يتابع حوادثه الدموية التي تسقط فيها كل يوم أعداد من القتلى بالمئات وغالبيتهم من المدنيين، بفعل الطريقة الأميركية في إدارة شئونه الأمنية من خلال قوات الاحتلال التي تلاحق الناس بحجة ملاحقة من تسمّيهم الإرهابيين، على أساس المعلومات المخابراتية المقدَّمة للجيش الأميركي مما لا يستند - غالباً - على أساس دقيق، تماماً كما هي المعلومات الاستخبارية الكاذبة التي خاضت بها أميركا الحرب في العراق.

لقد فشلت واشنطن فشلاً ذريعاً في العراق، وهذا ما اعترف به وزير خارجيتها الذي قال: «إن الثورة المسلّحة تستعر في العراق، إنها مرحلة صعبة»، ولم تحاول أن تدرس السبب في ذلك، بل بقيت تعتبر المسألة مسألة الحرب على الإرهاب التي فشلت في إدارتها في العالم بسبب احتلالها للعراق الذي صرّح الأمين العام للأمم المتحدة أنه «غير شرعي ومخالف لقانون الأمم المتحدة وللشرعية الدولية»، آملاً ألا يشهد العالم حرباً جديداً، كما استبعد إمكان إجراء انتخابات في العراق في موعدها المقرر.

أميركا أصرت على الخطأ

ولكن أميركا وحلفاءها أصرّوا على الخطأ، ولايزال هؤلاء يتحدثون عن الشرعية الدولية في حربهم السياسية والإعلامية على أكثر من دولة عربية وإسلامية، وأكثر من منظمة جهادية، في الوقت الذي يعارضون فيه أيّ حديث ضدهم وضد «إسرائيل» في التمرد على الشرعية الدولية، لأن ما يجوز لهم ولها لا يجوز للعالم الثالث الذي تعتبر قرارات الأمم المتحدة الخاضعة لهم سيفاً مسلّطاً على الشعوب المستضعفة. وهذا ما نلاحظه في القرار الذي أصدره مجلس الأمن في العلاقات اللبنانية - السورية، تحت تأثير الضغط الأميركي، لترتيب بعض الأمور بما يتصل بالعراق و«إسرائيل»، من دون اعتبار للأوضاع الحيوية التي تتصل بالبلدين.

وفي الوقت الذي نسجّل فيه تحفظاً على الموقف الفرنسي المؤيد للموقف الأميركي في مجلس الأمن، نعلن تقديرنا لحديث الرئيس شيراك من أن أميركا «فتحت أبواب جهنم في العراق، وأنها عاجزة عن إغلاقها»، وأن الوضع «خطير لا يتحسّن»، وإننا نتمنى أن يقف الاتحاد الأوروبي مع هذا الموقف الذي يضع الأمور في نصابها الطبيعي من الناحية السياسية والأمنية، ما قد يمنع المغامرة المستقبلة بحرب أخرى.

وهناك مسألة أخرى خطيرة تتمثّل في البيانات التي تحمل لغة طائفية تكفيرية، المنسوبة إلى «الزرقاوي» وجماعته، ما يحرّك أوضاع القتل المنظَّم في نطاق بعض المواقع العراقية المذهبية في العراق كله، تحت عنوان أنهم أعداء لفريق مذهبي آخر. إننا نحذّر العراقيين من هذه اللغة المتعصّبة التي تحاول أن تحرّك أكثر من مناخ من مناخات الفتنة، وتفسح المجال للمحتل للاستفادة من ذلك في بقائه طويلاً في احتلال العراق، ولاسيما أن المخابرات المركزية الأميركية بدأت تتحدث عن احتمال قيام حرب أهلية في العراق تفرض على أميركا معالجتها من خلال قواتها.

إن على علماء المسلمين أن يدينوا هذه البيانات، بصرف النظر عن الجهة التي أصدرتها، وأن يؤكدوا الوحدة الإسلامية التي يقف معها المسلمون في العراق وخارجه صفاً واحداً أمام قوات الاحتلال المعادية للإسلام والمسلمين، وأن يواجهوا هذا المنطق بالرد الإسلامي الموضوعي وبالوسائل العلمية العاقلة الواعية.

وفي مجال آخر، فإننا نلاحظ وضعاً دولياً تقوده أميركا في مسألة السودان، التي نريد لها أن تُحلّ حلاً إسلامياً إنسانياً يحفظ للسودان وحدته وقوته وسلامته، وللمستضعفين في «دارفور» إنسانيتهم وحياتهم في نطاق السودان الموحَّد، بعيداً عن الاطماع والتعقيدات الصادرة من أميركا ومن الاتحاد الأوروبي.

كما نلاحظ حركة الضغط الأميركي والأوروبي على إيران التي أكدت موقفها الشرعي من تحريم صنع السلاح النووي، لأنها تعمل لتحريك مشروعها في الأغراض السلمية، ومع ذلك فإنهم يثيرون التشكيك في المنطق الإيراني ويهددون بعرض الموضوع على مجلس الأمن من أجل فرض عقوبات دولية على إيران، في الوقت الذي يدعمون فيه كل مشروعات السلاح النووي الإسرائيلي وغيره من أنواع الأسلحة، بالتنسيق مع الخبرة الأميركية. إننا أمام ذلك ندعو الاتحاد الأوروبي الى التحرر من الضغط الأميركي، ليثبت استقلاله السياسي في علاقاته بالدول العربية والإسلامية.

أما لبنان... فنلاحظ أن السفير الأميركي يحاول أن يثير الموضوع على أساس طائفي كما لو كانت القضية قضية مسيحية - إسلامية، في تساؤله عن دور الكنسية المارونية ووضع المجتمع المسيحي، تماماً كما لو كان المسيحيون في خطر على وجودهم، ما قد يحوّل المسألة السياسية الى مسألة طائفية. إننا نقول للبنانيين: إن مشكلة لبنان في تعقيداته السياسية واهتزازاته الأمنية هي مشكلة التدخّل الخارجي الضاغط إقليمياً ودولياً، ولاسيما في الخطوط الأميركية، فهل يستسلم اللبنانيون للعبث الأميركي، أو أنهم يعيشون حرية قرارهم في قضايا المصير؟

إقرأ أيضا لـ "السيد عبدالله الغريفي"

العدد 743 - الجمعة 17 سبتمبر 2004م الموافق 02 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً