العدد 759 - الأحد 03 أكتوبر 2004م الموافق 18 شعبان 1425هـ

وجه الشبه بين مقاسات «سرير بروكست» وقانون الجمعيات

«لنعبر» مرة أخرى بالمجازات...

أحمد البوسطة comments [at] alwasatnews.com

حسناً، لنعبرْ مرة أخرى «بالمجازات والأسطورة والأمثلة» ونعتبِرها أدوات للتحريض على التفكير واستفزاز «المزاج السياسي» المتقلب، ولا بأس من استثارة المخيلة لتكوين مشروع رؤية به بصيص من الأمل للتغيير نحو الأفضل، والولوج إلى الدقة في تحديد المواقف والاتجاهات؛ ففي «روافد» 16 يوليو/حزيران 2004 تحت عنوان: «كم نحن بحاجة إلى ذبابة الخيل؟»، التي تستفز الحصان وتحرّض على التفكير عند أرسطو، وقعت في إشكالات «سوء الفهم... وفهم القصد»، وأرى من المهم هنا توضيح ذلك:

فسوء الفهم؛ هناك من اعتبره «خرف مبكر، أو مرض الزهايمر» أصابني أثناء تشبيهي أسطورة «سرير بروكست» اليونانية بمقترح قانون الجمعيات الذي وافق عليه مجلس النواب ورفعه إلى الحكومة من دون ضجيج، وهذه الأخيرة لم تصدق نفسها، وهذا من حقها: وهل لا يروق لرجل «أن يتأبط امرأة جميلة ممشوقة السواق ؟!» فاستعجلت محاولات إقراره، بعد أن رفض غالبية النواب مقترح قانون الأحزاب السياسية الذي تقدمت به كتلة الوطنيين الديمقراطيين (ثلاثة أعضاء زائد مناصرين لها داخل المجلس وخارجه).

جاء في «روافد» 16 يوليو (محل سوء الفهم عند بعض أصحابي) بعد سرد حكاية السيد بروكست ومقاسات سريره ونظرته للأمور حين يخطف المارة ويرغمهم على التمدد على السرير، فمن كانت قامته أقصر من السرير يمطه حتى تطول قامته ويموت، ومن كانت قامته أطول من مقاس السرير يقطع رأسه وأطرافه ويتركه جانب الطريق حتى يفارق الحياة، أي «الموت بالمط أو بقطع الأطراف والرأس»، أن هذه مبالغة ما بعدها مبالغة، وقد وضعت كتلة الوطنيين الديمقراطيين في سلة واحدة مع الموافقين على مقترح الجمعيات السياسية سيئ الذكر.

من هنا، لابد من إزالة «سوء الفهم»، وإحلال «فهم القصد» مكانه باقتباس الفقرة كاملة حتى لا نوصم بالكتاب «اليائسين مثيري البلبلة ومشوّهي الحقائق» كما نعتنا أحدهم، وباختصار شديد جاء في «روافد» المذكور : «فالنواب الموافقون على هذا المقترح؛ أما جلهم متلبسون بقانون أمن الدولة المقبور ويحنون إليه، أو جلهم لا علاقة لهم البتة بتاريخ البحرين السياسي والحزبي، وربما الاثنين معاً؛ طموحهم الديمقراطي محدود، وليس لهم اهتمام بتحديث الدولة العصرية، لا ارتباطاً ولا طموحاً بعصرنتها كما يزعمون في أحاديثهم. فهذه ليست شتيمة (حاشاهم) فالقانون عادة ينظم الحريات ولا يقيّدها، وهذا المقترح يقيّد الحريات ولا ينظمها إطلاقاً، وموافقة على قانون من هذا النوع فهو «بروكست نفسه» يمط من يشاء مطه ويقطع أطراف من يشاء قطع أطرافه، وليس هذا فحسب، بل إلغاء ذاكرته وتاريخه أيضاً».

تكررت في الفقرة السابقة كلمة «جلهم» مرتين، «أما جلهم متلبسون بقانون أمن الدولة المقبور ويحنون إليه، أو جلهم لا علاقة لهم البتة بتاريخ البحرين السياسي والحزبي، وربما الاثنين معاً»، ولم تذكر كلمة «كلهم»، أي بالمعنى المجازي في مربع أرسطو الذي درسناه في علم المنطق في «ثالث ثانوي» وتوسع مداركنا بفهمه في «الجامعة»، ويرمز إليه «بالكلية الموجبة»، وجلهم تعني الغالبية، أي (كلية سالبة)، ولو لم تكن الغالبية المتمثلة في «جل النواب»، ومن دون حساسية وحكم مسبق على «هوية كاتب هذه السطور الفكرية» لما رفع المجلس هذا المقترح إلى الحكومة اللاّهثة هذه الأيام لإقراره بسرعة البرق، وبصوغ آخر؛ فلو كان «جلهم» (النواب)، وافقوا على مشروع بقانون الأحزاب السياسية الذي تقدمت به كتلة الوطنيين الديمقراطيين، لما ظهر مقترح «الجمعيات السياسية» ولا مقترح قانون «الجمعيات الأهلية» المقدم من مجلس الشورى «بعد التحسين» مثار الجدل السياسي الآن، وما طرأ من تنظير إلى حاجتنا إليه «لكي نفك الاشتباك بين قانون الأحزاب وقانون الجمعيات السياسي»، كما جاء على لسان النائب فريد غازي.

أعتقد أننا لسنا في معركة تاريخية بين «جلجامش وأنكيدو» لفك الاشتباك بينهما، ولسنا في ذلك العصر الغابر بمدينة «أوروك» لما قبل الميلاد، فالعالم اليوم دخل الألفية الثالثة بكل تجلياتها التحديثية ومفاهيمها الحضارية، فإذا كنا لم نشارك غازي في تخريجة «فك الاشتباك» وملابسته، نصر بإصراره: «على تسمية الأشياء بمسمياتها، فإذا أردنا تنظيم العمل السياسي فلابد أن يكون لدينا نظام للأحزاب، ولا نستطيع عمل قانون ينظم العمل السياسي من دعم للمرشحين وانتخابات بغير قانون للأحزاب»، فقط نعرف ماذا نريد لعصرنة رؤانا بمزيد من الحرية والديمقراطية

العدد 759 - الأحد 03 أكتوبر 2004م الموافق 18 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً