العدد 76 - الأربعاء 20 نوفمبر 2002م الموافق 15 رمضان 1423هـ

لبنان الذي عرف أصول اللعبة!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في هذا الزمن الظالم من تناقش؟ وتحاول إقناع من؟ بوش أم ريغان أم ذلك الغول الأغبر جونسون؟ هذه هي المأساة العربية باختصار.

إلا أن من فهم اللعبة وأتقن أصولها ما لجأ إلى الأمم المتحدة يستجدي حقه، ولا حجّ إلى البيت الأبيض متوسلا فك الحصار عن مقرٍ محاصر. كان لبنان كله محاصرا حينها بين أنياب الوحش الإسرائيلي، ولكنه تمرّد: تمرّد على واقع الاستجداء العربي الذليل، وتمرّد على الخطوط الأميركية الحمراء في المنطقة، وتمرّد على قوانين الأمم المتحدة التي تبيح للغاصب سرقته، وتطأ على رقبة الضحية لتزيد اختناقها.

وكما انتصر لبنان على الجبروت الإسرائيلي ولم يتم الاحتفاء به في زمن الانهيار الكبير، فإنه سجل مؤخرا نصرا من نوع جديد: ذلك هو التغلغل الأمني النوعي الـ11 في أعماق «إسرائيل». ولأن لبنان ليس من النوع الذي «يرغي» كثيرا عما فعل وما لم يفعل، ولأنه ليس من النوع الذي يحب المظاهر والادعاء، فإنه ترك الأمر للآخرين ليعبروا عنه وعن أنفسهم.

لبنان ما صنع أفلاما ولا مسلسلات تتحدث عن الأعمال المخابراتية العظمى في اختراق خطوط العدو الذي ما عاد عدوا، وما تكلم عن مغامرات يعلم الله وحده مقدار ما فيها من صحة ومقدار ما فيها من زيادة وتهويل.

لبنان يقدم للعرب درسا يكرس مقولة قديمة قالها صاحبها مفتخرا: «نحن قوم لا نرعد حتى نمطر، ولا نهدد حتى نوقع»... وهي حقيقة غابت عن أذهان وممارسات العرب طويلا حتى عادوا كالعرجون القديم!

لو أنصفنا لبنان لاحتفلنا بهذا الاختراق الجديد، والنصر الجديد، الذي أربك إسرائيل، في وقت كانت تخطط لإختراق المنطقة والتربع على عرش الشرق الأوسط كالأمبراطور أوغسطين. ولكن في زمان الانهيار الكبير تحكمه المعادلة التالية:

تكبر في عين الصغير صغارها

وتصغر في عين العظيم العظائم

لو أنصفنا لبنان لأقمنا له عرسا في يونيو/أيار من كل عام، ولأقمنا له حفلة في كل مناسبة يحقق فيها نصرا مؤزرا بحجم هذا الاختراق الأمني الكبير. ومادمنا لم نفعل، فمازالت في ذمتنا للبنان 11 حفلة تكريم يستحقها لم نفي بها بعد. معذرة لبنان- الغريب على تقصيرنا نحن العرب. ومع الأيام لن نفي بالدين المتراكم ولن نحتفل بأمجادك كما تستحق الأمجاد. أنت غريب بين ابناء قحطان وستبقى، فمتى يقبل الأخوة الكبار أن يتلقوا الدرس من أخيهم الصغير الذي عاش اليتم والبؤس والاحتلال وخرج من تحت الأنقاض كطائر الفينيق حيا فتيا لا يلين؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 76 - الأربعاء 20 نوفمبر 2002م الموافق 15 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً